بقلم/ مجاهد منعثر منشد
فراقهم محنة كلدغة قلب وبعدهم بلاء كصم لسان , أنقول يا رب بعد الذين نحبهم عنا وألف الرفاق فراق؟
لا أخفي الأشواق ,أذرف الدموع سهلة طيعة , بنبض فؤاد كنار تضرم وسط أمطار , إنه هجر وفراق !
قبل عام ونيف كان لي عضد فارتحل, والدي مكانه لا يسد.
بعد العام و أيام لحن الموت عزف , فخط بين ثنايا دفاتري بلسم ألم , سال دمع العينين حتى قطع النفس , وجرى على روح كلون الكفن, أفراقه أحال دموعي قلما ؟
ثماره لا تضيع كزارع ورد بفم الربيع, كنا لبعضنا سندا, ولولا خشية الله لعانت حدقتي من الكمد.
أي تراب ضم أحضانا تغذي الحنان ,أنأسى على أجساد تجاورت؟
أنرثي أرواحا تلتقي في السكن؟
الغائبون في الفؤاد لهم نار, نزورهم في أرض خيموا واقاموا لا تروى أخبارهم ولا نراهم إلا في الأحلام .
ليس عما فحسب, إنما صديق ,رجل بعمر تجاوز الثمانين إن لم يرني يومين يأتي لداري يسألني عن الغياب, لم أرك في الصباح!
هؤلاء الأقدمون ملائكة, حكمة بصمت , محبة بسلوك, أخلاق بفن, ظل عن الشمس, سحاب ممطر يسد الظمأ ويرتوي منه العطشان.
كان الفقيد شيخا بما احتوت الكلمة من معان, يقضي حاجات الناس دون علم أحد, يساعد المحتاج بسرية وحيطة, مهما تحدثت وذكرت من مواقف نبيلة, فهي نادرة في وقتنا المعاصر , وحصرا من اختصاص القدماء أهل النوايا الطيبة, ممن لم يقتربوا من الكبائر والمحرمات رغم المغريات المعروضة أمامهم فترة الشباب.
لازالت صدى كلمات الراحل تدقها أجراس ذاكرتي, وحسبي إحداها أخر ثلاثة أيام من حياته:
عمي لا أستغني عنك ..
عبارة كلما تذكرتها يذهل عقلي ويسهو قدفتّ في عضد القريض وهدّه هول المصاب, لا أستطيع أن أعمل شيئا لتأخير الموت.
إنّ النّفوس من العيون تسيل.
ما أحمق الإنسان يسكن للمنى والموت يخطر حوله ويجول يهوى الحياة كأنّما هو خالد أبدا ويعلم أنّه سيزول.
ومن العجائب أن تحنّ إلى غد، وما يأتي به. فكلنا أمانة مستودعة حتى يأتي أمر الله فيأخذ وديعته، فلا اعتراض على أمر الله.
يالله تيمنا بك، وراحة بذكرك، ونورا بكلامك، وإيمانا بنبيك، وما جاء به أسألك أن تسلو عن الفقيد بالحسنى والروح والريحان والمغفرة, وتدخله فسيح جناتك, إنك سميع مجيب وبالإجابة جدير .