اهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"

كازينو صفيه

إيهاب الملاح
1- قبل سن التلاتين بتحس إنك مختلف عن كل مخاليق ربنا , مفيش حد زيك , صحيح مامعاكش فلوس , بس أكيد هتعمل , جايز معندكش حاجة , بس عندك أمل .. تتخرج من الكلية , ويتهيألك إنك عملت إللى عليك . والباقى على الدنيا الواسعة والعمر الطويل ..
والدنيا حلوة فى خيالك .. حاسس إنك أحمد السقا فى نفسك , وفتاة أحلامك شكل ريهام عبد الغفور , تتفرج على العربيات فى الشارع وتختار الموديل إللى يناسبك , شالله تكون هيونداى أكسنت . ومش مهم الفلوس , الفلوس جاية جاية إن شاء الله .. تخطط إنك هتسكن فى برج خمستاشر دور فى آخر فيصل , وهتعمل فرحك فى قاعة ليلة العمر إللى على ترعة المريوطية , وهتقضى شهر العسل فى قرية الزهراء الهانوفيل بالعجمى .. حياتك مش هتبقى حياة عادية زى حياة غيرك , حياتك هتبقى مغامرة , شغل وسفر وفرص ومفاجآت , وحسابات فى البنوك وسهر يوماتى فى كافيه الخديوى .. واثق إنك هتغلب الدنيا , وهتطلع الأول فى كل حاجة ..
وتمر السنون وتتجاوز الثلاثين , بينما يتراجع شعرك بعض الشيئ , وتبدو ملامح صلعة يسأل عنها كل من تقابله , بينما تنكرها أنت وحدك , وتبررها بأنه تساقط شعر وهتعالجه بزيت جوز الهند .. الله يخربيت أم الحسد .. ده انت مكانش فيك غير شعر يا محمد !!.. وتمر السنون مجددا وتتجاوز الأربعين , وفى الطريق للخمسين تكاد تفقد الثقة فى طموحك القديم , وكذلك فى زيت جوز الهند .. الشارع مزدحم صاخب , والجيران بيشووا سمك بلطى كل يوم , والشقة كل ما فيها معاب , السرير بيزيق والغسالة ما بتعصرش كويس , ولمبة الحمام دايما محروقة , والخلاط بيسرب , وهتسيبه طبعا كده لحد ما يكهرب حد ويجيب أجله .. حتى الجميلة التى اقترنت بها عوضا عن ريهام عبد الغفور صارت تشبه السيدة نعيمة الصغير !..
وتقول فى نفسك .. الزمن اختلف من ساعة ما اخترعوا الإندومى . وسموا شؤون العاملين ’’إتش آر’’ .. وعملوا إدارة فى الشغل إسمها ’’آى تى’’ .. ثم تحدث الطامة الكبرى , لما الناس تقولك ياحاج !.. تسمع فى المواصلات : قوم يابنى وخلى الحج يقعد !.. وتروح تجيب العيش من الفرن تلاقى واحد واقف وراك يقول للبياع : مشى الراجل الكبير الأول .. عليك طبعا . تاخد العيش وتمشى .. وتسأل نفسك : هو أنا كبرت إمتى ؟!.. كبرت يا اهبل .. يا متفائل .. يابتاع ريهام عبد الغفور .. آدى آخرة المشى ورا النسوان !..
2- زميل لنا , فنان خزاف إسمه أحمد بغدادى .. راح يجيب شغل من مصر القديمة وقع هناك طب مات .. لا كان عيان ولا كان بيشتكى .. رجل فى الخمسين ساب بنت صغيرة خمس سنين , لها ظروف خاصة ومصاريف علاج وتعليم .. ثم دعونا لتأبينه من أسبوع فى نقابة التشكيليين .. المهم روحنا , وروحت معاهم وفى صحبتى السيدة ’’نعيمة الصغير’’ .. قوم لقينا النقابة ضلمة ومقفولة , لكن كتر خيرهم حطولنا ييجى أربع دست كراسى فى الشارع .. الدنيا برد , مش مهم .. جنبنا قاعة أفراح مشغلة مهرجان شيماء .. واحنا بنعيط .. مش مهم .. المهم ماذا بعد ؟!.. وكلنا ذلك الرجل , الحاج محمد .. غلابة , محتاسين , هنموت وهنسيب عيال تغرق فى شبر ميه ..
نحن الفنانين التشكيليين مبتلون كتلاميذ الصف الرابع الإبتدائى , وممتهنون كموظفى الخط الساخن فى شركة ’’وى’’ , ومستباحون كالمخرج الأستاذ خالد يوسف . ومع ذلك نمثل شريحة كبيرة فى هذا المجتمع , تفوق ربما أعداد كباتن أوبر وكريم .. لكن أيضا اخترعوا حاجة إسمها النقابات . تحل مشكلة كل محمدات هذا البلد المرتبك . تديهم معاشات ومكافآت , وفيها رعاية علاجية للحالات الخاصة على الأقل , وفيها صندوق زمالة .. لكن اخترعوا أيضا مع النقابات مجالس إدارة .. بيتخانقوا , ويشتكوا بعض , ويلسنوا على بعض .. قضايا ومحاضر وخناقات وشغل صيع .. والنتيجة الآن فى نقابة التشكيليين : المعاش سبعين جنيه , وياريته بيتصرف , ولا يوجد علاج ولا إعانات ولا أى شكل من أشكال الرعاية ..
والحال الآن فى نقابة التشكيليين : نقيب يفصل إتناشر عضو فى مجلس الإدارة , ويقفل النقابة ويروح بيته !.. آه والله العظيم زمبقولك كده !!..
والسؤال الآن فى نقابة التشكيليين : لما النقيب مختلف مع اتناشر عضو وعاوز اتناشر غيرهم .. ما الضامن إنه ما يتخانقش مع الإتناشر إللى عاوزهم بدال الإتناشر إللى مش عاوزهم ؟!..
والحل الآن : طب ما النقيب يمشى وبلاها الشيل والحط .. والا فيه حاجة فى دماغ النقيب إحنا مش فاهمينها مخلياه مستميت فى مكان اختلف مع غالبية أعضائه , لدرجة المحاكم والفصل والشتائم وقلة القيمة ؟!..
نقابة التشكيليين أصبحت نموذجا لنقابات كثيرة فى بر المحروسة .. يستولى عليها شخص أو عدة أشخاص لحد ما يجيبوا درفها بدم بارد .. فلوس بالملايين , ومصالح , وفرص للجلوس مع الحكام , والظهور فى التلفزيون , وطموح بالتالى لمناصب رفيعة , هذا كل ما فى الأمر ..
هذه النقابة إللى بابها مقفول فى وجه أصحابها بحجة الجائحة , وحماماتها مقفولة بحجة إن الفنانين مش بيرفعوا غطا القاعدة وبيطرطشوا عليه !..
3- ودعونا نتحدث بجدية مع شيئ من المنطق , بعيدا عن دعوات إننا نجيب رجالة من الدويقة يدخلونا النقابة بتاعتنا بالعافية , وبعيدا عن إننا نعمل ’’إيموشن وشوش مقلوبة بتضحك’’ على منشورات النقيب فى صفحة النقابة الرسمية .. فإذا لم ينصلح حال هذه النقابة , ننسى دورها نهائيا وفق القانون المنظم واللائحة الداخلية لها .. مع ذلك أمامنا فرصة لاستثمار موقعها المميز لخدمة الأعضاء الغلابة , إذا صح قانونية فتح باب للنقابة على الشارع من السور المحيط لدار الأوبرا , كما اقترحوا .. فيمكن إذن استغلال مقر النقابة كمحل كاوتش عربيات , وده مشروع غير مكلف بالمناسبة , ولا تظن عزيزى القارئ أنى أسخر .. لا طبعا , لأن لحام الكاوتش فيه فن والمنافسة فيه ليست على إصلاح فردة الكاوتش فحسب , بل أيضا دون الإخلال بالشكل الجمالى للفردة .. وده تخصص الفنانين طبعا قبل عمال البنزينة المدعين غير المؤهلين ..
وإذا لم تعجبكم هذه الفكرة يا دعاة الفقر والعنطظة , اقترحوا أنتم .. على أن يمتنع المترفون منكم , لأن مش هنعمل مطاعم سوشى مهما حصل ..
لكن أيضا كما انتقلت دار الأوبرا لمكانها الحالى بعدما كانت فى ميدان إبراهيم باشا , وكان بالقرب منها كازينو صفية حلمى , فلنا أن نعيد مجد الكازينو القديم كما أعدنا مجد الأوبرا القديمة .. فلتكن إذن دار النقابة الغراء محلا لهذا الملهى التاريخى المحترم , وليكن أيضا بذات الإسم ’’كازينو صفية’’ .. وهذا أيضا من جملة الفنون بلا ريب ..
معلش طولت عليكم .. فبضاعتنا آلت إلى الكلام ليس إلا , ومهمتكم تلخصت فى القراءة مع حرق السجاير ليس إلا .. خليها على الله .. وجمعة مباركة .. دمتم متابعين , دمتم مفخدين ..A

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى