بقلم : ياسر عامر
كعادة أغلب الموهوبين الذي منحهم الله موهبة ما.. سواء في الكتابة الأدبية أو الشعر أو الرسم أو
الصوت الرخيم، ان يكتشف الموهوب موهبته بالصدفه البحته، عن طريق شخص أخر غيره يقذف به القدر في طريقه، والأقلية القلية جدا من الموهوبين من يقذف لهم القدر بشخص يتبناهم، ويتنبي موهبتهم ويساعدهم في السير في طريق الشهرة والمجد، وهو طريق مليئ بالأشواك، وكما قال عبد الحليم حافظ ” ومشيت على الشوك” على أمل الحصول على زهور الشهره، ولكنه بعد أن مشي على الشوك وإكتشف الحقيقة المرة عاد وقال” رميت الورد طفيت الشمع” فهذا هو حال الدنيا، وأنا الحقيقة كنت طيلة عمري أنتظر هذا الشخص الذي سيتبناني ولا يجعلني أمشي على الشوك، ثم ارمي الورد وأطفي الشمع، على الرغم أن هناك كثيرون من الكتاب بالذات لم يرموا الورد ولا أطفأوا الشمع ولكنهم أكلوه من جوعهم الشديد، ولكن الواضح ان سن التبني قد فاتني، وقد ظهرت موهبتي في الكتابه القصصية عامة منذ ان كنت في أولي مراحل الدراسة، وعلى الرغم من أنني عندما أقرأ هذه القصص الآن أضحك من نفسي، وأقول لها بصوت مسموع” يال سذاجتك يال هبلك وعبطك”، ولكن المختصين آن ذاك ربنا يجبر بخاطرهم كانوا يعتبروها إبداعا، عندما كانت المدرسة مصدر للابداع في مجالات كثيرة رياضية وأدبية وفنية.
وأتذكر يوما عندما اتهمني أحد مدرسي اللغة العربية أنني انقلها نقل مسطرة على حد تعبيره من أي كتاب قصص، وتحداني امام الطابور الصباحي بأن قرأ لي أول سطرين من قصة قصيرة لي كانت بعنوان ” زينب والزهرة” فما كان مني الا أن قمت بإستكمال القصة تسميعا عن ظهر قلب، واتذكر رد ناظرة المدرسة وقتها أن قالت” إن كنت تشكك في موهبته في الكتابه ، فالآن لن تستطيع أن تشكك في موهبته في الحفظ عن ظهرقلب ” وتعرضت لموقف أخر في نادي الأدب في قصر ثقافة المنصورة ” أيام ما كان في قصر وثقافة” أن قام رئيس نادي الأدب وقتها بذكر بعض عناوين لقصصي القصيرة طالبا مني أن أقول غيبا نهاية كل منها في نوع أخر من التحدي وقد اجتزته بكفاءة أيضا.
لم أحصل على أية ميزة من كتابتي للقصص القصيرة سواء ماديه أو معنوية بل بالعكس تعرضت للتحدي والمضايقات، والحقد والغيرة من زملائي، وفي الجامعة كنت أقوم بتأليف مواقف لزملائي بغرض تقربهم من الزميلات في اطار قصص الحب الجامعية في هذ السن، حيث أطلقت علي أحد الزميلات الجامعيات وقتها لقب” كاتب الرومانسيه” حيث كنت أكتب بعض القصص القصيرة في مجلات الحائط، وجريدة صوت الجامعة، والقيها عل مسامعهم في الندوات حيث كنت، مسئولا ثقافيا في أحد الأسر بالكلية، لمدة أربع أعوام، وكان لي صديقا وسيما متعدد العلاقات، وكل موقف كنت أكتبه له في كراسة خاصة به كبداية لعلاقة، حيث كنت اخترع وأبتكر طرق التقرب من البنوته الحلوة بعد رؤيتي لها ومتابعتها ومعرفة بعض المعلومات عنها، وبعض الزملاء الأخرين حاولوا الإستفادة من تلك الموهبة الجبارة ولكنهم فشلوا في التنفيذ، ولا أخفي عليكم سرا أنني نفسي لم أستطع الإستفادة من تلك الموهبة ولم أستغل ما أكتبه في إقامة علاقة مع اي فتاة من فتيات المنصورة المشهورات بجمالهن، ليس زهدا مني الحقيقة ولكن لعدم توفر الجرأة لدي في التعامل مع الجنس الأخر، فقد كانت جرأتي …. وما زالت… فقط بيني وبين الورقه وكنت بذلك خير مثالا لتطبيق المثل البلدي القائل” باب النجار مخلع” فكنت أصنع أبواب وشبابيك لبيوت الزملاء، ويبقي بيتي بلا نوافذ ولا ابواب، فيجرح الهواء عظام صدري، بلا حبيب أو رفيق يعطيني لحظات دفء، وقد أرجعت ذلك وقتها لرأي صديقي المذكور حيث قال حكمة بالغة اتمسك بها حتي الأن ولكني لم استغلها، وهي ان نجاحه في إقامة علاقة مع أي فتاة جميلة … ترجع لعنصرين رئيسين من وجهة نظره الخبيرة ببواطن الفتيات بحكم علاقاته المتعدده وهما ” الكتابة البارعه وهذا دوري، والتمثيل البارع وهذا دوره ، و ليس كل شخص يستطيع أداء ما هو مكتوب فلابد للساحر من سيناريو وخفة يد معا، مع إستعداد المتلقي طبعا، وهنا خبرته تكمن في معرفة من يستطيع ايهامه ويسحر أعينهن.
وقد توقفت عن كتاباتي تلك له ولغيره وإكتفيت بالإحتفاظ بها لنفسي، عندما ذهبت لزيارته بالصدفه في شقته المفروشه التي كان يستأجرها في أحد أحياء المنصورة بالقرب من الجامعة، حيث أنني كنت من الفئة المتفوقة من قاطني المدن الجامعية، حيث فتح لي درفة دولابه إذ بها تمتلئ بالكثير من الهدايا من أمثلة البرفانات الراقية، والكوفيات، ونظارات الشمس، والساعات، بل وجدت بوكسرا نقش عليه حرفين الأول هم أول حرف من اسمه وبذكائي الشديد توقعت أن يكون الحرف الأخر أول حرف من إسم فتاة.
وحينها أيقنت أن كتاباتي لها ثمن وقد حصده إبن المحظوظة، فأغلقت الدولاب وأرتديت عباءة الواعظ مؤكدا لصديق أنه من اليوم يبحث له عن كاتب أخر، وأنني سأمتنع عن الكتابة التي تؤدي الي الغش والخداع والإيقاع بالفتيات الجميلات جدا الذين يجلبون له الهدايا القيمة والبوكسرات، ووضعت يدي على كتفه قائلا له بلهجة الأمر” يا بني الهدايا دي حرام حرام حرام ولا بد أن تتصدق بها على أصدقائك المحتاجين، حيث أنه يصعب إعادتها لأصحابها المخدوعات”.
ولكن صديقي اتبع خطوات الشيطان ولم يستمع للنصح والإرشاد وفشلت بكل ما أملكه من قوة الكلمة أن أقنعه بموقفي، ولكنه عاند ورفض التصدق بتلك الهدايا، وامتنعت أنا بدوري عن الكتابه له أو لغيره لعدة سنوات.