كتب – علاء الدرديري
صرح القيادى العمالى محمد عبد المجيد هندى، مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين، من الضرورى تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني من خلال التنمية السياسية، وتطوير الاحزاب أصبح ضرورياً لتأخذ هذه الأحزاب دورها في تنمية المجتمع، وهذا التطور بحاجة لأن تأخذ القيادات الحزبية دورها في ذلك من خلال الابتعاد عن المصالح الشخصية والالتصاق بالكرسي وفتح الباب أمام الانتساب لهذه الاحزاب، كما أن هناك ضرورة لتغيير الصورة النمطية للأحزاب لدي الناس والتي جعلتها متهمة في نظر الجميع، وتصحيح هذه الصورة يحتاج الي الكثير من التغيير في السياسات من جميع المعنيين بهذه القضية.
وتطوير الحياة الحزبية ضرورى من توفر ثلاث قواعد اساسية وهي الحريات، حقوق الانسان، العدالة والديمقراطية وهذه متطلبات الحياة الحزبية، كما وان من متطلباتها ايضاً توفر قانون احزاب حديث عادل ومنفتح ثم قانون انتخاب حديث غير القانون المشؤوم والمطبق حالياً، فإذا وجدت هذه الحريات يصبح الانسان حراً في اختيار الحزب او الطريقة التي يخدم بها الوطن ونفسه، فإذا وجدت يصبح العمل الحزبي عملا تطوعيا يختاره الناس من القادرين علي العمل والاداء وبهذا يصبح لدينا ابواب مفتوحة لعمل الخير واداء حق الاصلاح علي القادرين من الناس، وهذا بدوره يؤدي الي نضج الحياة الحزبية وتزول الحواجز التي تمنع المواطن من اداء واجبه.
أما الأحزاب فمطلوب منها اولاً ان تكون اهدافها وبرامجها واضحة، وأن تكون اصلاحية تطوعية، وأن تعمل بشكل منفتح وواضح، وان تكون فيها مجالات للعمل لكل مواطن دون استثناء، وان تخدم الاهداف العليا للدولة، وأن تعمل علي بناء حضارة تمثل عقيدة الأمة وفكرها وفلسفتها الحياتية، وبهذا يكون العمل الحزبي إصلاحيا خيريا يعمل علي بناء صورة الامة الحقيقية ويجعل التنافس بين الناس في عمل الخير، وبذلك تزدهر الحياة الحزبية وتزدهر حياة المواطن وتبني حضارة الامة.
وبالنسبة لعدم اقتناع المواطنين بالاحزاب فهذا عائد للتشويه المتعمد لعمل الاحزاب والذي بني علي مدار عشرات السنين في غياب الحريات وتشويه صورة العمل الحزبي علي أنه عمل سياسي، كما أن كثيراً من الحكومات كانت تمنع الحريات وتمارس الديكتاتورية ولا تعترف بحقوق الانسان التي جاءت في الدستور، وكذلك تم تنفير الناس من هذه الاحزاب ومعاقبة المنتسبين اليها، فالذي يريد ان يتجنب العقوبة ومحاربة السياسات عليه ان يتجنب الاحزاب والعمل بالسياسة، وبهذا تم تشويه العمل الحزبي وصورة الاحزاب.
ومن هنا نؤكد علي ان عمل الاحزاب إصلاحي تطوعي، ومن متطلباته عمل الخير وخدمة المجتمع، وعلي الحكومة ان تبرز هذه المعاني وان تزيل المعيقات أمام العمل الحزبي.
واكد هندي، ان الحياة الحزبية لا يمكن أن تتطور الا بوجود مناخ عام من الحرية كاف للحركة يتقبل الرأي والرأي الآخر، وان نعتبر الاحزاب من مكونات الوطن وأن تُزال من امامها كافة المعيقات، وبالمعني الاصح إشراك الناس في القضايا العامة، وذلك لن يتأتي إلا من خلال وضع تشريع قانوني يزيل كل العقبات ابتداء من قانون انتخاب عادل يضمن المنافسة والمشاركة وهدفه الاساسي الوصول الي تداول السلطة.
كما أن أجواء البطالة والفقر تعتبر معيقة لتقدم الاحزاب، وكذلك الوضع الاقتصادي لا يساعد في تكوين الاحزاب و لا يساعد في تكوين مجموعات للدفاع عن حريات المواطنين، وكذلك الفردية وهي سمة اساسية لمجتمعنا فالانسان لا يبحث إلا عن ذاته من خلال الحزب وايضاً الواسطة والمحسوبية انعكاس للواقع الذي نعيشه.
والمطلوب من الاحزاب مزيد من العمل وان تصبح ذات فاعلية، فنحن ليس لدينا احزاب قوية وهي احزاب دكاكين ونخب ونحن في مرحلة فيها حلقة مفقودة واحزابنا هي احزاب برامج ولن تنجح في المستقبل طالما أنها بقيت هكذا، كما أن التطورات الداخلية والخارجية لها تأثير مباشر علي المواطن تجعله لا يقتنع بالعمل الحزبي، فكيف يمكن تطوير الاحزاب والعمال والطلبة بعيدين عن العمل السياسي ضمن هذا التفكير، وايضاً فالأحزاب قصتها قديمة عاشت متهمة ومقموعة، والحزبيون الذين صمدوا في السابق دفعوا الثمن غالياً وهذه التهمة ولدت لدي الناس عقدة من العمل الحزبي.
اما الحكومة فمطلوب منها ان لا تظل تراقب العمل الحزبي من نافذة ضيقة، بل عليها ان تتابع بكل جدية اذا ارادت تنمية سياسية وحزبية حقيقية، وذلك من خلال قانون أحزاب متطور يأخذ بعين الاعتبار عدم السيطرة من قبل فئة محدودة علي الحزب وإلغاء وجود القيادة الابدية، ومتابعة العضوية الحقيقية في التنظيمات وعدم بقائها تنظيمات علي الورق يتم من خلالها خداع القيادة لمؤتمراتها وخداع الاحزاب للحكومة علي ان يحتوي القانون علي حد أدني للعضوية في الاحزاب تحت طائلة العقوبة، او الحل، ووضع حوافز حقيقية مادية ومعنوية لكل حزب يستطيع النمو والانتشار في صفوف الجماهير.
اما اسباب عدم اقتناع المواطن بالانضمام للاحزاب فهي متعددة، منها ذاتي وآخر موضوعي ومن بين هذه الاسباب خشية المواطن من ان الظروف الديمقراطية الحالية ‘استراحة بين شوطين’ تعود السلطة بعدها الي ما كانت عليه قبل الانفراج الديمقراطي الذي حصل عام 2011، وايضاً اطلاع المواطن علي التجارب المريرة التي عاشها والده او شقيقه او قريبه او جاره نتيجة انضمامه لحزب في فترة ما قبل الديمقراطية من سجن وتعذيب وطرد من عمل وعدم السماح له بالعمل في دوائر الحكومة وما تبع ذلك من جوع وفقر وعوامل تنكيد لحياته، وكذلك عدم انفتاح الاحزاب علي الجماهير وخاصة القيادات المتسلطة في بعض الاحزاب وخشيتها من انضمام البعض من المثقفين وذوي الوعي التنظيمي خوفاً علي مواقعها الابدية التي وصلت حد الاهتراء، وايضاً وصول بعض المواطنين الي حد اليأس من العمل السياسي انطلاقاً من الظروف السائدة في الوطن العربي من وهن وضعف عربي امام القوة والجبروت التي تتحكم فيها الامبريالية اليمينية المتصهينة في مقدرات الأمة العربية، وكذلك انحناء غالبية الأنظمة العربية امام الهجمة التي يمارسها اعداء الأمة وعدم استنهاض الجماهير للوقوف في وجه هذه الهجمة، ولتطوير الحياة الحزبية لابد من تغيير قانون الاحزاب بقانون عصري وتوفير الدعم المالي لها، ومطلوب من الاحزاب ان تحفز جيل الشباب والقطاع النسائي للانتساب الي الاحزاب، وذلك من خلال تقديم برامج مقنعة وتعزيز مفهوم الولاء والانتماء للوطن من خلال مشاركة المواطنين همومهم وبنفس المستوي الذي يتم فيه مشاركة هموم الدول المجاورة.
وعزا عدم اقتناع المواطنين بالاحزاب الي المواريث الاجتماعية الخاطئة والتي تحمل في مضمونها الخوف من الاجهزة الامنية وكذلك عدم وجود برنامج حزبي متكامل يرضي ابناء الوطن، وعدم اقتناع المواطنين بالقائمين علي الاحزاب السياسية، اي شخصنة الامور، وايضاً عدم وجود نشاط ملحوظ وفعال للاحزاب، وانما هي مجرد كلام في كلام، إضافة الي الصراع بين قيادة الحزب الواحد علي المراكز والمناصب القيادية والتي تؤدي بدورها الي الاستقالات.
واشارهندي، علي اهمية التنمية السياسية، لافتاً إلي ان عدم تعزيز ونشر التنمية السياسية بين مختلف شرائح المجتمع، سيبقي العمل الحزبي علي الساحة المصرية غير مكتمل، موضحا بان التجارب السابقة في مجال العمل الحزبي دفعت غالبية المواطنين للعزوف من المشاركة في الحياة الحزبية وعدم قناعتها بصدق الحكومة في الديمقراطية.
واوضح هندى، الي ان كسر حاجز الخوف من العمل الحزبي سيدفع المئات من طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس للانخراط في الاحزاب، مؤكداً بان القوانين السائدة والمتعلقة بالاحزاب وخاصة قانون الاحزاب وقانون الاجتماعات العامة وقانون الانتخابات البرلمانية غير كافية لتفعيل الحياة الحزبية في مصر علي المستوي الامثل، وما يتناسب داعيا الي ايجاد تشريعات جديدة تأخذ بعين الاعتبار حالة التطور في المجتمع وتطور النظرة الي الاحزاب باعتبارها مؤسسات وطنية، إضافة الي باقي مؤسسات المجتمع المحلي الآخري من نقابات واتحادات وجمعيات، واكد بـأن الجامعات والكليات والمدارس تعتبر مراكز اساسية لخلق الثقافة والوعي لدي الطلبة، وان ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات تسهم في بلورة الثقافة الملتزمة بحب الوطن والامة، وايجاد جيل قادر علي الاهتمام بوطنه وأمته، مستهجنا اصرار الحكومات علي التضييق علي الطلبة في جامعاتهم وكلياتهم ومنعهم من ممارسة حقهم في العمل السياسي والحزبي. واشار ان العزوف عن الاحزاب يعود لافتقار الاحزاب للبرامج السياسية بالاضافة لارتباطها بشخص واحد يحرك الشارع المصري، مشيرا الي أننا مصريين مطلوب منا ممارسة حقوق المواطنة الصحيحة من حيث الالتزام بمبادئنا وديننا الذي يحث علي الحرص علي مقدرات وثروات هذا الوطن، وان تكون حصص القومية الوطنية اساسية في المدارس وان نخضع موظفي الدولة المصرية لدروس ومحاضرات في التنمية السياسية لزيادة الوعي بهذا الجانب.