اسليدرالثقافةالمرأةاهم المقالاتحصرى لــ"العالم الحر"قرأت لكمقالات واراء

قصه بعنوان / الجميلةالمشوهه للكاتبة مروه إبراهيم

الجميلة المشوهه

.

كتبت رسالة قبل أن تغادر المكان ، ليست سوى جملة “بداخلي شيء تحطم وتهشم عذرا لا تقترب “. حين عاد لم يجدها بغرفتها ، بحث عنها في كل الغرف ووجد تلك الرسالة التي وقعتها “الجميلة المشوهه” ، هذا هو الاسم الذي أطلقته على نفسها حين رأها لأول مرة بالمستشفى ، إنه طبيبها المعالج ، دخلت المصحة النفسية بعد تعرضها لحادث أليم ، تشوهه في خلايا القلب ، ليس هذا مصطلح علمي بل تعبير أطلقته هي كتشخيص لحالتها ، كانت شخصية رائعة شكل وموضوعا ، لكنها وقعت ضحية الحب الأعمى. – كثيرا ما نردد تلك المقولة “الحب الأعمى” لكن الأمر لا علاقة له بالبصر بقدر ما له علاقة بالبصير ، أعلم جيدا إنه كان سيئا منذ البداية لكني كنت أظن أن بداخله الشئ الجيد الذي يستحق المحاولة ، لكن ما حدث العكس تماما فقد سرت مشوهه بدل من أن أجعله سوي ، كان هو الأقوى أو كنت أنا الأكثر هشاشة ، أتعلم ؟ أنا زجاج سقط وتهشم ، لذا عليك الحذر – من أي شيء تحذريني ؟ – من الاقتراب ، الزجاج حين يتهشم يصبح جارح وهكذا أنا الآن – لا عليكِ ، إنه عملي هكذا كانت لغتها وحوارها معه في أولى الجلسات العلاجية ، خرج يسأل عنها إدارة المشفى لتخبره المسؤلة أنها خرجت ، يعلم جيدا أن بإمكانها الخروج دون انتظار رأيه حيث حالتها مستقرة ولا تشكل خطورة ، سأل عن عنوانها أو رقم هاتفها وحصل عليهما. دخل غرفته وبين يديه خطابها الموجز وعنوان ورقم هاتف ، كان عقله يفكر كيف يصل إليها ؟ كان يجلس ويتحدث معها بشغف لم يشعر به من قبل. مر الوقت وانتهى اليوم ، افتقدها واشتاق للحديث إليها ، شعور الظمآن الذي فقد بئر الماء العذب الذي يرويه، ياللشقاء !! ، حاول منع نفسه أكثر من مرة من الاتصال بها لكن رغبته غلبته ، ارتبك حين سمع صوتها ولم يسعفه عقله لأبداء سبب منطقي لاتصاله – كنت أود معرفة سبب خروجك المفاجيء دون اخباري – إخلاء المكان لشخص يستحق – حقا ؟! – حقا – من يفعل ذلك يشهد له الجميع أنه ذو جمال خاص – أهو مدح للمداعبة أم للتلاعب؟ – عن أي تلاعب تتحدثين – أغضبتك ؟ اعتذر – مازلتي جميلة ولم يصبك أي تشوهه رغم محاولاتك في إقناعي بالعكس – لما تقول ذلك فجأة؟ – لأن الشخص المشوهه لا يشعر بإسائته ويعتذر عنها ، أريد رأيتكِ بعيدا عن المشفى – (تبتسم ولا تتحدث) – هل تخافي من طلبي ؟ – مما أخاف ؟ – منذ البداية أشعر بخوفك وأحاول فهمه لأصل في النهاية أنه خوف إيجابي وصحي أيضا – وكيف ذلك ؟ – يجب أن نلتقي لأشرح لكِ الأمر وليس ذلك تحجج أو ادعاء بل الحقيقة العارية من أي زيف – أشعر ذلك اتفقا على اللقاء وحان الوقت ، كان التردد والخوف يتصارعان في مواجهة الثقة والاطمئنان ، وصل قبلها وانتظرها ، رغم تأخرها لم يبدو عليه التذمر أو اليأس بل كان هادئا واثقا ، خفق قلبه فعلم بقدومها قبل أن تراها عينه ، تبادلا التحية والسؤال عن الحال ، حل الصمت بينهما لدقائق فبادر هو بالحديث – لن أزعجكِ بعد الآن لكن كان لابد من لقاء لأخبرك أنك الجميلة السوية ، قلبك لم يصيبه أي تشوهه بل هو مصدر جمالك (كانت تنظر إليه دون أن تنبس ببنت شفة ، بكت من قلبها قبل أن تدمع عينيها) – بكائك يُأكد ما أقوله ويشعر به قلبي ، قلبك مازال ينبض بالحياة والحب ، قلب من ذهب يزيد اللهيب من بريقه وصفاء – (تتحدث من بين بكائها) ولذلك أخافك – أعلم أن معرفتي بكِ إلى هذا الحد تخيفكِ – ليس الأمر كذلك ، أنا أخشى على قلبك ، رأيت الحب في عينيك لذا أثرت البعد – لقد اختصرتي المقدمات الطويلة التي كنت أفكر بها ، لا ترحلي خوفا عليَّ بل اقتربي لحد الألتحام ، أنا لا أخشى على قلبي معك بل أخشى عليه بدونك – أهو أسلوبك جديد في العلاج – أنتِ صحيحة وأنا العليل فداويني ، أمامك أنا طفل يتعلم منك أصول الحياة فلا تبخلي – قالها قبلك وصدقته وعذبني – لن اتحدث بلساني ، ساترك الحديث لنبضات قلبي ونظرات عيني تبادلا النظرات ، تناول يدها بين يديه ووضعها على موضع قلبه ، كانت تنظر إليه في تلك الأثناء كأنه يحادثها ، بعد وقت لا يدري أحد منهما مداه ، قال لها : – سانتظر منك كلمة واحدة يحيى بها قلبي وتضيئ بها عيني في المساء صوت رسالة على هاتفه فتحها مترقبا حذرا رغم أمله “كنت أخشى عليك القرب مني أم الآن فأخشى على نفسي البعد عنك” صاحبة القلب الجميل

زر الذهاب إلى الأعلى