الأدب و الأدباء

قصة قصيرة بعنوان “تمرد” بقلم الكاتب الشاب مصطفى حنيجل

احجز مساحتك الاعلانية

خرجت من بيتي تتقاذفني الأفكار ،أتأرجح بين النوم واليقظة كالسكاري،لم يرأف البرد القارس بحالي فهاجمني من كل منفذ،حتي حذائي المهترئ أراه بعيني يسخر مني ؛ اتحد مع حبات التراب المختلط بماء المطر وجري بقدمي رغما عني فأسقطني في بركة من الوحل. اللعنة..حتي أذني تصر علي استفزازي،لم تعد تسمع إلا صوت ضحكات المارة المختلط بصراخ كالاكسات السيارات. لم تمر أكثر من دقيقة إلا وأنا أدقق النظر لأجد عشرات المارة حولي كأنهم يشاهدون مشهد في السيرك القومي،حقاً نحن هنا في سيرك ولكل منا دوره المرسوم الذي يقوم به بجدارة. هذه السيدة البدينة التي تصطحب هذه الفتاه رشيقة القوام،تحمل بعض الأكياس مكتوب عليها ” مفروشات البيت السعيد”. من قال لهم أن هذه المفروشات هي بالضرورة للبيت السعيد؛ من أخبرهم بهذا؟ من المؤكد أنهم كاذبون. هذه السيدة تغتصب حافظة نقود الزوج لتبتاع أطنان من الأواني والملابس تنافس في وزنها كمية الشحوم المخزنة في أردافها،وتعود إلي الزوج الذي يهب صارخاً”جري إيه ياولية،هو إحنا هنتاجر ؟”

فترفع حاجباً وتخفض الآخر وتلوي شفتاها “مالك ياراجل،ده فرش عروسة،لازم نفرحها وتبقي كابسة كل بنات خالتها دي البت بقت فايرة وتستاهل الآكال”. فيرد عليها في سره”الهي يكبس علي نفسك عزرائيل”.

علي مقربة من هذه الكتلة المتحركة يقف شاب حليق الرأس زائغ النظرات تقترب يده وتبتعد مرتعشة حتي استقرت في مقصدها القريب،هذا الملمس الناعم اللين الذي لم يسعفه الحظ علي الإستمتاع به لحظات ليفيق علي عدة صفعات متتالية من يد غليظة أغلب الظن أن بها عشرة إصابع،تناوبت عليه عندما شهقت الفتاة فبدل موضع يده ليحمي بها مؤخرة رأيه صارخا”جري ايه ياجدعان هو أنا يهودي،هي اللي شمال وغمزتلي”. لم تنقطع اليد الغليظة عن أداء مهمتها وصاحبها صوت اتحدت فيه الأنف مع الحلق”لم نفسك ياطور وروح اتجوز بدل ما تطلع قرفك علي الناس”. انصرف الناس عن ملاحقتي بالنظرات والضحكات وتناوبوا علي هذا التافه يلقون بالنصائح في وجهه،أرقني كثيراً من يؤمن بأن الزواج مجرد عقد يسمح بتفريغ الشهوة بمباركة الأهل وضمان لسلامة ال”قفا” من صغعات يد غليظة!. تداخلت الأصوات وبرز من بينها كلمات تحملها نبرة وقورة ظاهريا لأحدهم يرتدي جلباب أبيض ملطخ ببعض حبات الطين”يابنتي اتق الله،واحتشمي،إن أكثر أهل النار من النساء”.

ضيقت عيناي أحاول التركيز ..فشلت..فقط أري أمامي نقاط سوداء وبعض خيالات . لم تطعني قدماي في النهوض فإغمضت عيني وتركت الطين يسكنني.

تمت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى