أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتنمية والتجارة ورقة بحثية تسعي من خلالها إلى توضيح تأثير كورونا علي النساء خاصة في التكلفة الاقتصادية فالنساء والفتيات يعانين بوجه خاص من آثار سلبية مضاعفة على الصعيد الاقتصادي، لأن دخلهن أقل بصفة عامة، وادّخارهن أقل، ولأنهن يشغلن وظائف غير آمنة أو يعشن في مستويات قريبة من مستوى الفقر
على الصعيد العالمي تكون النساء أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية التي تسببها الأزمات ، لأنه من المرجح أن تفقد النساء وظائفهن أكثر من الرجال في كثير من البلدان،
نظراً لأنه غالباً ما تكون مشاركة المرأة فى سوق العمل فى شكل عمل مؤقت، مما يقلل من فرص العمل ويؤدى إلى تسريح العمالة، من المتوقع أن يتحمل العمال المؤقتون، ومعظمهم من النساء، العبء الأكبر من فقدان الوظائف.
في هذا السياق و بالنظر إلى حوالى 55٪ من النساء يعملن فى قطاع الخدمات (مقارنة بـ44٪ من الرجال)، فإن النساء أكثر عرضة للتأثر سلباً، علاوة على ذلك، فإن قطاعات الخدمات التى تهيمن عليها الإناث، مثل الغذاء والضيافة والسياحة، هي من بين القطاعات التى يُتوقع لها أن تشعر بالآثار الاقتصادية الأشد قسوة
ولتجنب ذلك يجب أن نحافظ على مشاركة المرأة المنتجة في القوى العاملة التى تعمل في وظائف رسمية وتشمل العمال غير النظاميين والعاملين بدوام جزئي والموسميين، ومعظمهم من النساء.
وترى الورقة أن جائحة الفيروس تقدم فرصة لإحداث تغييرات نظامية يمكن أن تحمى النساء من تحمل العبء الأكبر من الصدمات، وأن من شأن تحسين فرص التعليم والتدريب للمرأة أن يسهل الانتقال من الوظائف غير المستقرة إلى وظائف أكثر استقراراً وأفضل حماية .
وتوصى بأن تفتح السياسات التجارية المراعية للمنظور النوعى فرصاً جديدة للنساء كموظفات ورائدات أعمال وتوسيع نطاق الخدمات الاجتماعية حتى يرفع عبء أعمال الرعاية عن المرأة ما يعطيها المزيد من الوقت للوظائف المدفوعة الأجر والترفيه،
كما يجب أن تستمر ترتيبات العمل المرنة القائمة حالياً استجابة للوباء إلى ما بعد ذلك، وأن تقدم نموذجاً جديداً للمسئوليات المشتركة داخل الأسرة، وتؤكد الورقة أن قدرة العالم على الخروج من هذه الأزمة تنطوى على كيفية تضمين الجميع على قدم المساواة.
إذا شارك عدد أكبر من النساء فى تشكيل نظام اجتماعى واقتصادي جديد، فمن المحتمل أنه سيكون أكثر استجابة لاحتياجات الجميع ويجعلنا جميعاً أكثر مرونة في مواجهة الصدمات المستقبلية
وهذا ضروري بشكل خاص في المجالات التى تشغل الإناث فيها نسباً كبيرة، ويجب ألا تدعم عمليات الإنقاذ الحكومية وتدابير الدعم الشركات الكبيرة والمتوسطة فحسب، ولكن أيضاً الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، حيث يتم تمثيل سيدات الأعمال بشكل أكبر نسبياً،
بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون الدعم المالي للقطاع الخاص والحصول على الائتمان متساويين للنساء والرجال
ونشرت ميشيل تيرتيلت، خبيرة اقتصادية بجامعة مانهايم في ألمانيا، أبحاثا مع فريق من الباحثين حول تأثير الجائحة على العاملين من الجنسين في الولايات المتحدة.
وتقول ناتشا مودار، التي شاركت في تأسيس مؤسسة “العالم الذي نريد” التي تهدف إلى التعجيل بإنجاز أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، إن العاملات الشابات اللائي يتقاضين أجورا زهيدة هن الأكثر تضررا من التبعات الاقتصادية لوباء كورونا.
وأسهم التفاوت في الأجور بين الجنسين في مضاعفة تأثير الوباء على النساء، فلم تفقد النساء وظائفهن فحسب، بل كن يتقاضين أيضا أجورا أقل مقارنة بالرجال.
إذ تتقاضى النساء في الولايات المتحدة 85 في المئة مما يتقاضاه الرجال، وفي الهند 75 %، ويزداد الأمر سوءا بين النساء اللائي ينتمين للأقليات العرقية، إذ تتقاضى المرأة ذات البشرة السمراء في الولايات المتحدة أجرا أقل بنحو 21 %مما تتقاضاه المرأة ذات البشرة البيضاء
وكانت التداعيات الاقتصادية للوباء أشد وطأة على الأمهات والآباء العزاب أو المطلقين أو الأرامل، الذين يقدر عددهم بنحو 20 مليون شخص في الولايات المتحدة، وتمثل النساء ثلاثة أرباع هذا العدد تقريبا.
وأشارت تقارير إلى أن الحجر الصحي أدى إلى ارتفاع نسب البطالة ولكن نصيب النساء من البطالة كان أكبر نسبيا ، إذ زادت نسبة البطالة بين النساء بنسبة 0.9 %مقارنة بـ 0.7 %بين الرجال.
وذلك رغم أن الركود الاقتصادي يكون عادة أشد وطأة على الرجال، من حيث نسب البطالة، إلا أن هذه المرة، أثرت عوامل عديدة على معدلات البطالة، أولها أهمية الدور الذي يؤديه الموظف.
وصنفت الأبحاث الوظائف في قطاع الرعاية الصحية والنقل وخدمات الحماية المدنية، والزراعة والصيد والصيانة والإصلاح بأنها وظائف حرجة وبحسب هذا التصنيف، تشغل 17 من الموظفات وظائف حرجة، في حين يشغل 24 في المئة من الرجال وظائف حرجة.
أما العامل الثاني فهو مدى إمكانية الاضطلاع بمهام المنصب من المنزل. ولاحظت ترتيلت أن 28 في المئة من الموظفين بإمكانهم الاضطلاع بمهام مناصبهم من المنزل، مقارنة بـ 22 في المئة فقط من الموظفات.
وتشير تيرتيلت ذلك إلى أن الكثير من النساء يعملن في المطاعم وقطاع السفر والرحلات
في سياق متصل لحل تلك الأزمة يجب إدماج النساء والمنظمات النسائية في صميم تدابير الاستجابة لجائحة كوفيد وتحويل أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر المجحفة إلى اقتصاد رعاية جديد شامل للجميع ويعمل لصالح الجميع وكذلك تصميم خطط اجتماعية – اقتصادية مع التركيز المتعمد على حياة النساء والفتيات ومستقبلهن.
ولهذا فصاد سيكون دافعا عميقا إلى تحقيق نتائج أفضل وأكثر استدامة في مجال التنمية لفائدة الجميع، ويدعم الانتعاش بسرعة أكبر، ويوفر لنا أساسا راسخا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة