مثْل الأمل البعيد أصبح من تبْحث عنه ولا تزال رغم ذلك تنتظر، وحيدة بشرفتها، رائحة القهوة تملأ المكان، دخان سجائر يتصاعد نحو السّماء بعد أن غطّت سمُومه شرايين القلب، غُصيْناتُ ياسمين نفقَتْ من فرعها و تطاولت لتمسح بوريْقاتها الأسى المتراكم على وجهها ترُشّ رُوحها بالعبق فتنتشي للحظات تعود اثرها الى الشّرود يغمد بروحها خنجر الخوف و الشّكوك..
مرت بها جارتها: كيف حال صديقتي هل من جديد لديها؟
ذاك سؤال اعتادته منها و كم أصبحتْ تمقُته يجرح مشاعرها و يوتّر أعصابها لكنّها سرعان ما هدأت وانفرجت عن شفتيها ابتسامة: لا جديد لدى صديقتك..
همست في أذنها : وجدتُ لك عريسا..
أهلّت اساريرها..
– ماذا قلت؟
– جار أختي ماتت زوجته وتركت له ولدين يبحث عن زوجة..
غصت بالدموع:
– متى كان ذلك؟
– منذ أيام
صمتت للحظات
– كم عمره؟
– في الستين..
– الستين؟
– ما بك؟ هل لا يناسبك.. أليس الأنس أفضل من الوحدة؟
طأطأت رأسها و تذكّرت عمرها الناّفق من شرنقة الأربعين و راجعت حالها و الرّفاهة التي تعيشها و تذكّرت الخطّاب الذين تداولوا على خطبتها لكنّها رفضتهم فقرّرت أن تقبل به و لو كان فقيرا ولو كان كبيرا على أن تبقى دون سند ..
حدّقت في النجوم طويلا، أخيرا ابتسم الحظّ لها..
صالحة بورخيص/تونس