هذه القاعدة من القواعد الثابتة المسلم بها ، ولكن لكي تكون أكثر دقة ووضوح يجب أن تتخذ شكلاً آخراً دقيقاً ، فنقول : يجب أن تكون النكرة محضة ، والمعرفة كذلك ؛ أي لا يدخل عليها شبهة تعريف مثل : رأيت رجلاً واقفاً رجلاً : نكرة محضة – لا يوجد أي قرينة تصرفها للتعريف أو أية شبهة تقود لذلك والنكرة غير المحضة مثل : رأيت رجلاً أنيقاً يتكلم رجلاً : نكرة غير محضة ، وذلك لدخول الصفة او إضافتها لصفة :« أنيقا ً» ، فكأن هذه القرينة قربت الرجل إلى المعرفة ، فهذه شبهة التعريف أخرجت الرجل من التنكير . لذلك فإن الجمل بعد النكرات ليست صفات على الإطلاق كما سيأتي لاحقاً ومنه قول الله عز وجل : { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ } ( يوم ): فاعل مرفوع بالضمة، أي يأتي يومٌ، وهو نكرة محضة وجملة ” لا بيع فيه “في محل رفع صفة لـ” يوم “.
ونقول : إن التنكير والتعريف المحض يظهر أكثر بوجود قرينة تقوده لذلك التعريف او التنكير وهذا يختلف حسب تذوق النص من قبل القارئ : فلذلك لا ينبغي أن نوصف الشخص الذي تذوق عبارة ما وأعرب الجملة الخبرية بحال بعد التنكير بخلاف القاعدة المشهورة أن تكون صفة ؛ وذلك أنه يراها من زاوية تقترب من حال دلالة السياق في الجملة ، وقد تختلف زاوية قراءة العبارة لشخص آخر فيقول إنها صفة تمشياً للمعهود من قاعدة النحو ، فقد يختلف قراءة شخص للآية السابقة : قول الله تعالى: { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ } فتسمع من نحوي أن إعراب الجملة « لا بيع فيه » صفة على إعتبار أن يوم : نكرة وتسمع من آخر أنها حال ، معتبراً أن يوم نكرة غير محضة وذلك لوجود شبهة تقربه إلى المعرفة ، وهذه الشبهة تفهم من خلال السياق ودلالته ، بقرينة المقام ، على هذه الكلمة وهي أن المقصود باليوم هنا هو يوم القيامة يوم الجزاء ، لذلك صرفت التنكير إلى التعريف ، فحق إعراب الجملة : النصب على الحال ومثال القرينة التي تعطي النكرة شبهة تعريف مثالنا السابق رأيت رجلاً أنيقاً يتكلم فجملة « يتكلم » تصرف على الوجهين إما الوصفية وإما الحالية نحو تذوقنا للنص أن : « الرجل » ما زال في دائرة التنكير ، وإن وجدت قرينة الصفة ، لأن الموصوف ما زال يدور مدار التنكير ، فقولنا : « رجلاً وأنيقا » فمن هو هذا الرجل الأنيق ؟ ، لاحظ أن صفة الأنيق أضفت عليه تعريف ليس محضاً فإن الرجل ما زال مجهولاً للقارئ فيكون اعراب جملة « يتكلم » : صفة ومن تذوق قراءتها أن القرينة : لفظ « أنيقا » وهي صفة تصرف التنكير للتعريف ، فقد صرفها الى التعريف أو أدخل عليها شبهة التعريف فأعربها : في محل نصب على الحال . مثال آخر : في قول الله تعالى: { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا } فاحتمالية ان تكون جملة يَحْمِلُ أَسْفَارًا : صفة للحمار أو حال للحمار ، احتمالية صحيحة ويعتمد على تذوق تفسير هذه الآية : ( ال ) في أصلها تفيد التعريف : لذلك إن نظرنا إلى ( ال ) الداخلة على كلمة ( الحمار ) ، إذن تصير جملة ( يحمل ) حالا؛ لأنه دخلت عليه ( ال ) قرب من المعرفة، لكن – بلا شك – ما زال الحمار المذكور يودر مدار النكرة فأنه : لا يُراد به حمارًا معينًا؛ فهو إذن نكرة فتصير جملة ( يحمل ) صفة. فأل التي دخلت على كلمة الحمار : جنسية لا تفيد التعريف بخلاف « أل » العهدية التي تفيد التعريف . والقاعدة هذه ذكرها ابن هشام : قال: وبعد غير المحض منهما محتمل لهما الضمير الأول منهما يعود على المعرفة و النكرة وقوله: محتمل لهما، يعني للحالية والوصفية، مثاله: ( مررتُ برجلٍ صالحٍ يصلي )، ( يصلي ) الجملة هل هي صفة أو حال؟ محتمل؛ لأنك إن نظرت لكلمة ( رجل ) أصلها فهي نكرة والجمل بعد النكرات صفات، وإن نظرت إلى الصفة اللي بعدها وأنها قربت من المعرفة فجملة ( يصلي ) حال؛ ولهذا من يعربها صفة إعرابه صحيح، ومن يعربها حالًا إعرابه صحيح. وعلى هذا نقول: الجملة إن وقعت بعد معرفة غير محضة أو بعد نكرة غير محضة، فلك أن تعربها : « حالاً » ولك أن تعربها : ” صفة “