قلوباً نابضة تفيض بالحب ، حساً مرهف ، و مشاعر تحمل في طياتها الكثير من الحنين و الحنان ، و أيضاً كثيراً من الخيال .. و القليل من الصلابة !! كل هذه معاني إنسانية راقية نحملها بداخلنا محكمة بمبادئ و قيم تختلف باختلاف تقدير كل منا لذاته فهي التي تبدو مغلفةً تحت مسمى ” الكيان ” الذي هو آداة عبورنا للعالم الخارجي معبراً عن ملامح شخصية كلاً منا ، و هو أيضاً ما نحويه نحن في عالمنا الداخلي فَتَعْبُر لنا من خلاله قسوة هذا العالم و تخبطاته ، اما تلك فهي مفرداته التي جعلت منه كياناً من شدة رقته و حساسيته ” قابلاً للكسر ” … و لكن .. بالرغم من أننا كثيراً ما نُوقف الدنيا على قدمٍ و ساق للدفاع عن هذا الكيان و الذي هو الوجة الآخر لكرامتنا التي نستميت طوال الوقت من أجل عدم المساس بها هي الآخرى .. إلا أننا و بمنتهى الصدق نحن مَن نتسبب في تدميره و بكل ما أوتينا من قوة .. نعم .. نحن من نُعرض أنفسنا و بكل ما يحويه هذا الكيان للإنكسار و لا أحد غيرنا كما نَزْعُم حينما نسترسل في سرد تجاربنا المأساوية معبرين عن خيباتنا و سقطاتنا و التي نرى أن المتسبب فيها هو إما حظنا السئ أو الأشخاص السيئين ! كما لو أننا أصبحنا نستمتع و نحن نجيد “ دور الضحية “ .. و في الحقيقة هو تبرأ من ضعفنا وخضوعنا لإختيارتنا الغير مناسب و الغير لائقة و الهروب من الإحساس بالذنب في حق أنفسنا و ذلك بإلصاقها للظروف و الأشخاص و هكذا نمكث في دوامة إلقاء العيب على من حولنا و على زماننا و في الحقيقة أنه “ ليس لزماننا عيبٌ سوانا” أعلم أنه من حق كل إنسان أن يكون لديه أحلام يحلق بها ساعياً لتحقيقها بشتى الطرق “ المشروعة” و لكن ما إن تتحول هذه الأحلام ( لتطلعات ) ، فيجب أن تكون هناك وقفة لأنها و بدون وعي ستتحول إلى إحتياجات مُلحة لدرجة أنها قد تجعلنا نفقد الموجود و نحن نبحث عن المفقود .. و هذا يرجع إلى أن فكرة الوصول إلى الكمال هي المسيطرة , متناسيين ، أنها دنيا و ليست جنه ، و أن النقصان هنا هو سنة كونية ، و لكننا كثيراً ما نتسبب بأيدينا في فتنة أنفسنا بعدم الرضا و استعجال أمر لم يُقدر بعد ، أو ربما السماح للفتن أن تخترق حياتنا ، فنخرج بأرواحنا من بؤرة الإستقرار و الهدوء الفطري لنسقط بها على مفترق طرق نغامر فيه بتلك المشاعر و الأحاسبس فنجعلها تُؤذىَ و تتألم لأننا و بكل بساطة سيرنا ضد التيار و تعارضنا مع الطبيعة فخالفنا القانون الرباني الذي يُحصنا و يَحكم أقدارنا في أمور جعلها الله لا تكلف أنفسنا أكثر من وسعها ، و لكن نحن مَن اجتهدنا فَحملناها ما لا طاقة لها به .. لقد خلقنا الله و هو سبحانه يعلم ما بنا من ضعف لذا شرع تلك القوانين لتحمينا فأمرنا أن نحجب تلك الأحاسيس المرهفة و نحفظها ممن لا يخافون فينا إلاً و لا ذمة.. فهي أغلى من أن تستباح و تنتهك و تصبح مِن حق مَن لا يستحق .. ما آره اليوم من آلام و انكسارات تملأ القلوب و الوجوه جعلني أحزن كثيراً .. فما نظرت في أمر محاولةً إيجاد مبرر حتى أستطيع أن أهون من الأمر أو ألتمس عذراً ، فما وجدت إلا و صاحب الأمر هو المتسبب الأول في إيذاء نفسه فالبداية دائماً من عندنا و ذلك عندما سمحنا لأنفسنا بالتواجد في المكان الخطأ مع الأشخاص الخطأ ..أو حينما سعينا لِتَملُك أشياء خُيل لنا أنها من حقنا .. و .. أحيانا أخرى تحدث لنا أموراً قد تكون خارجة عن الإرادة و لا يد لنا فيها و هي ما تسمى بمُقدرات الحياة ، أو نمر بإبتلاءات هي في الحقيقة اختبار لأنفسنا لنكتشف ما بها من اعوجاج فنقومه ، أو ما بها من قوة إرادة و ايمان فنقويه .. و لكننا كثيراً ما قد نتعجل و نسيء التصرف حياله ، فلا نصبر و لا نحتسب .. فتصبح النتيجة: ابتلاء أفضي إلى ذنب و ارتكبناه نحن في حق أنفسنا .. و عادةً يحدث التخبط من هنا .. فلقد منح الله لكلٍ منا حياة خاصة بمعطيات مختلفة لكنها متساوية و متناسبة مع قدراتنا .. و لذلك فمن يبحث عن السعادة يعلم جيداً أنها تكمن أولاً في الرضا و ثانياً في حسن الإختيار .. فما نعتاد عليه من إختيارات خاطئة “يقيناً “ستصبح آلام يصعب تحملها فيما بعد .. فعندما نعتاد تختلف الموازين فنثق و نُسلم بأبدية ما آمنا به و صدقناه ، و نتناسي أن كل شيء في الأصل لابد له من نهاية ، فهو زائل لا محالة.. و بالفعل كثيراً ما يحدث أن تتلاشي تلك الثقة المزعومة ، فنتألم حينما نفتقد ، ثم ندرك أنه لم يكن ممكناً أن نتعافي من فكرة الإيمان ( المطلق ) بالأشخاص و المواقف إلا حينما: نعتاد و نثق ، فنتألم .. ثم ندرك .. و ربما يؤدي ذلك إلى أن نتمادى في الأخطاء و التنازلات لعدم قدرتنا على تحمل آلام هذا الفقد .. رجاءاً .. رفقاً بنفسك فلا تجعلها تندم علي اختيار ساذج أو وهمٍ كاذب ، فهذا ما قصدته بمفترق الطرق الذي بأيدينا نضع أقدارُنا فوقه ، فالإختيار هنا حتمي فهو ما بين { الصعود و الإرتقاء بهذا الكيان فوق الفتن و الإبتلاءات ، أو السقوط في الهاوية للإنغماس في المزيد من الأخطاء و الزلات.. لذا علينا أن ننتبه ” لنقطة البداية ” في كل قصة ، و كل لقاء ، و كل موقف ، فمنها دائماً قد تبدأ تلك المعاناه و ربما تنتهي قبل أن تبدأ ، و ذلك بقليل من الهدوء النفسي و التفكير السليم فيما نحتاجه حقاً ، و لما نحتاجه .. !! حتى لا نتسبب في زلزلة كيان كرمه الله .. و ما يجب علينا هو حمايته للإرتقاء بأنفسنا إلى أن نعبر من الدنيا بسلام حتى نأتي الله بقلب سليم و كياناً بجهاد النفس يصبح للجنة جسر .. فلا تجهده بكثرة التعلق و التجارب القاسية فيصبح قابلاً للكسر ..