بقلم / أ : مصعب أبوبكر أحمد
هنالك من يسأل في حيرة ، أو في استهزاء ، أو مراء : ما جوهر الصوفيّة من جهة العمل ؟ هل ثمة مايوجد مؤكداً ذلك في النصوص الشرعية ؟
أقول : إن جوهر طريقتهم قائم من جهة العمل على ذكر الله تعالى ، والصلاة على رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، بإعتبار أنهما نفلاً . وهاديهم في ذلك قول الله عز وجل : ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) وكذاك الحديث الشريف الذي أخرجه الحاكم والترمزي عن سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه : ” ألاّ أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من اعطاء الذهب والورق أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا : وما ذاك يارسول الله ؟ قال ذكر الله ”
أما من جهة الأصل في الأوراد وتعيين العدد في العبادات ، وذكر الألفاظ المعجمة نقول : الأصل في ذلك آيات عديدة وأحاديث كثيرة وملامح جمة نأتي ببعضها على سبيل الإختصار ، منها قول الله عز وجل : ( إن لك في النهار سبحاً طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا ) وقوله تعالى : ( واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ومن الليل فسجد له وسبحه ليلا طويلا ) وقوله تعالى : ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود ) وقوله تعالى : ( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) . هذا ومن الأحاديث الشريفة نذكر : ” من نام عن حزبه أو عن شيء منه بالليل فقراه بين صلاة الفجر والظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ” رواه مسلم . وما ذكره الغزالي في ” الإحياء ” : ” أحب عباد الله إلى الله الذين يراعون الشمس والأظلة لذكر الله تعالى ” وقوله : ” أكلفوا من الأعمال ماتطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ” ومنه قول الإمام الحسن عليه رضوان الله : ” أشد الأعمال قيام الليل بالمداومة على ذلك و مداومة الأوراد من أخلاق المؤمنين ، وطرائق العابدين ، وهي مزيد الإيمان وعلامة الإيقان ” . ومنه ردّ فضيلة الشيخ أحمد زروق : ” فأحزاب المشايخ صفة حالهم ونكتة مقالهم وميزان علومهم وأعمالهم ، وبذلك جدوا في كل أمورهم ، لا بالهوى ، فلذلك قبل كلامهم فأحوالهم مؤيدة بعلومهم مسددة بإلهاماتهم مصحوبة بكراماتهم ” – شرح حزب البحر ، لأحمد زروق –
كذلك قال العلامة الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير : ” أوراد العارفين لا تخلو من كونها من الكتاب أو السُنة ، أو الفتح الإلهي ولذلك تقدم على غيرها . والورد اجمالاً هو : اقامة الطاعات في الأوقات ”
نعم ، فالصوفي كما هو ثابت كالأرض يُطرح عليه كل قبيح ، ولايخرج منه إلاّ كل مليح ، ويطؤه البَرُّ والفاجر…