البطل المشير محمد على فهمى دخل التاريخ العسكرى من أوسع أبوابه فبعد ظهر يوم الثالث والعشرين من شهر يونيو عام 1969م أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قراراً جمهورياً بتعيين اللواء محمد على فهمى قائدا لقوات الدفاع الجوى وكان ذلك إيذاناً بمولد القوة الرابعة فى القوات المسلحة بقائد وقيادة منفصلة بجانب القوات البرية والبحرية والجوية .
قام البطل محمد على فهمى بدراسة أسباب نكسة 1967 والدروس المستفادة منها ثم أعاد تأهيل الجندى المصرى معنوياً وجسمانياً وذهنياً وقام بإنشاء نظام دفاع جوى جديد فى منطقة الجيشين الثانى والثالث بالجبهة وأعقبها بناء حائط الصواريخ الذى أدى إلى ابتعاد طائرات الاستطلاع الإسرائيلية شرق القناة إلى مسافات كبيرة .
وقال حاييم هيرتزوج فى كتابه – الجولات العربية الإسرائيلية – : ( لم يكن إنشاء حائط الصواريخ المصرى فى عام 1970م بفرض حل مشكلة المصريين فى حماية قواتهم غرب القناة ، وإنما كان تحولاً استراتيجيا لم نفهم معناه إلا بعد 3 سنوات .. فى أكتوبر 1973م )
فى التاسع من شهر سبتمبر عام 1971م وبناء على تكليف قوات الدفاع الجوى بمنع العدو من استطلاع القوات البرية شرق القناة تم تنفيذ العملية ( رجب ) حيث أسقطت طائرة استطلاع إلكترونى ضخمة شرق القناة واحتجت إسرائيل على إسقاط الطائرة الذى أدى إلى فقدانها مجموعة من خيرة ضباطها ومهندسيها وفى اليوم التالى قامت إسرائيل بهجمة جوية بقوة 34 طائرة تحمل كل منها صاروخين من طراز( شرايك ) المضادة للرادارات وتم إطلاق الصواريخ الثمانية والستين على مواقع الدفاع الجوى غرب القناة وأعلنت إسرائيل أنها دمرت قوات الدفاع الجوى فى الجبهة ولكن كانت الخسائر المصرية لا شئ تقريباً فلم تحدث أى خسائر فى الأفراد أو المعدات .
استمر البطل محمد على فهمى فى أعمال التطوير حتى أكتوبر 1973 وفى وقت قياسى استطاع البطل تأسيس سلاح الدفاع الجوى الذى لعب دوراً حاسماً فى معارك أكتوبر 1973م .
كانت لحظة فاصلة فى تاريخ العسكرية المصرية عندما انطلقت الصواريخ المضادة للطائرات التى زرعت الرعب والخوف فى قلوب الطيارين الإسرائيليين واستطاع البطل محمد على فهمى القضاء على أسطورة التفوق الجوى الإسرائيلى وأطلق عليه ( حارس السماء المحرقة ) ولا ينسى التاريخ أنه فى نحو الساعة الخامسة مساء يوم السادس من أكتوبر 1973م .. أى بعد ساعات قليلة من الهجوم المصرى المتواصل .. التقطت الأجهزة الخاصة المصرية إشارة لا سلكية مفتوحة تحمل أوامر صادرة من الجنرال بنيامين بليد قائد السلاح الجوى الإسرائيلى إلى طياريه يأمرهم بعدم الاقتراب من القناة لمسافة لا تقل عن 15 كيلو مترا شرق القناة .
معنى هذه الإشارة أن قوات الدفاع الجوى بقيادة البطل اللواء محمد على فهمى نجحت فى تأمين عملية الاقتحام والهجوم بكفاءة عالية ليلاً ونهاراً وقدمت الحماية للمعابر والكبارى مما أتاح للقوات المصرية أن تستخدمها فى أمان .
ذكر إليعازر فى مذكراته : ( إن الحقائق بدأت تتضح أمامنا شيئا فشيئا فالإشارات تذكر أن أكثر من ثلاثين ألفاً من الجنود المصريين أصبحوا يقاتلون فى الضفة الشرقية ، وما زالت المعدات الثقيلة تعبر الكبارى إلى الضفة الشرقية ، إن التلاحم بين جنودنا والمصريين معناه أن يفقد سلاحنا الجوى فاعليته ، وأصبح مجموع ما سقط لنا من طائرات حتى الساعة العاشرة وعشر دقائق مساء يوم 6 أكتوبر هو 25 طائرة ، ولقد أصبح القتال يسير ضاريا شرساً ، والدلائل تشير إلى أننا نواجه خطة دقيقة ومحكمة لا نعرف مداها أو أبعادها ) ، ووصفته مجلة أرميه العسكرية الفرنسية بأنه : ( من أبرز الشخصيات العسكرية فى العالم ، وأحد كبار المتخصصين فى النواحى الفنية العسكرية ) وقال عنه هودز رئيس مجلة أسبوع الطيران وتكنولوجيا الفضاء الأمريكية : ( إنه مهندس معركة الدفاع الجوى فى حرب أكتوبر 1973م ) .
بعد نهاية حرب أكتوبر 1973 تولى البطل المشير محمد على فهمى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة وذلك فى عام 1975م وفى عام 1978م اختاره الرئيس محمد أنور السادات مستشاراً عسكرياً له .
في الرابع من شهر أكتوبر عام 1993 صدر القرار الجمهوري بترقية البطل محمد علي فهمي إلى رتبة المشير تقديرا لدوره البطولي في معارك أكتوبر 1973 م رمضان 1393 هجريا وفي لمسة وفاء قام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بزيارة البطل المشير محمد على فهمى في مستشفي مصطفي كامل بالإسكندرية عندما اشتد عليه المرض وأمر بسفره للعلاج بلندن ويوم الأحد 12 سبتمبر عام 1999 م توفى البطل المشير محمد على فهمي في لندن ووصل جثمانه القاهرة يوم الاثنين الثالث عشر من شهر سبتمبر عام 1999 م وشيع الجثمان من مسجد رابعة العدوية وتقدم الرئيس حسني مبارك جنازته مع الوزراء وكبار رجال الدولة وقادة القوات المسلحة وعدد كبير من ضباط القوات المسلحة يمثلون مختلف الادارات والهيئات بالقوات المسلحة ورؤساء الأحزاب وقد حمل الفقيد ملفوفا بعلم مصر على عربة مدفع وسار خلفها حملة الأوسمة والنياشين التي حصل عليها.