متابعة : عادل شلبى
يتمتع الشعب الكويتي الشقيق بمكانة خاصة لدى الشعب المصري، ويقدر الشعب الكويتي الدور المصري والعلاقات التاريخية التي تجمعنا، وهو ما لا يحتاج لتأكيدات.
ومع ذلك تجلى عمق تلك العلاقات عندما قام صدام حسين بغزو الكويت، وإعلانه ضمها للعراق، كالمحافظة التاسعة عشر، فإذا بالشعب المصري يعلن غضبه ورفضه لذلك الاعتداء، وإذا بأبناء الشعب الكويتي يتدفقون إلى مصر، هرباً من بطش صدام حسين، ليقينهم بأنها بلدهم الثاني، الذي لا يشعرون فيه بغربة، ولا يلاقون فيه إلا حرارة الاستقبال وحسن الضيافة.
أما على المستوى الرسمي، فلا يخف على أحد موقف الرئيس الراحل حسني مبارك، وجهوده في إقناع صدام حسين بالعدول عن ذلك القرار، والانسحاب، فوراً، من الكويت.
ولما لم ينصاع صدام حسين، دعا الرئيس مبارك لعقد قمة عربية طارئة، بالقاهرة، في اليوم التالي، 3 أغسطس 1990، لبحث العدوان العراقي على دولة الكويت، العربية المستقلة، وأعلنت القمة شجب الاجتياح العراقي للكويت، وطالبته بالانسحاب فوراً.
وفضلاً عن القوانين الدولية التي تفرض احترام السيادة، والواجبات الملزمة للدول تجاه بعضها البعض، والدور المصري الذي تلعبه مصر، فإن تحركات الرئيس مبارك، ارتكزت، أيضاً، على رأي ومشاعر المصريين الرافضين جميعاً لغزو صدام حسين للكويت واحتلالها.
قامت مصر بدفع ما يقرب من 40 ألف مقاتل مصري، إلى منطقة حفر الباطن، في السعودية، لتكون ثاني قوة عربية تشارك في التحالف الدولي، تتمثل في فرقة مشاه ميكانيكي، وفرقة مدرعة، ومجموعة صاعقة، وعناصر الدعم النيراني واللوجستي، بقيادة الفريق صلاح حلبي، الذي تولى، بعد حرب الكويت، منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، وعين اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي الحالي في البرلمان المصري، نائباً له. جاء قرار الدفع بالقوات المصرية في حرب تحرير الكويت بناءً على موافقة مجلس الشعب المصري، طبقاً لما يقرره الدستور المصري، وكان القرار، يومها، بالإجماع، تعبيراً عن إرادة الشعب المصري.
وفي مذكراته عن فترة غزو صدام حسين للكويت، أذكر جيداً أن الرئيس مبارك عبر عنها بأنها أقسى فترات حكمه، أن يرى دولة عربية تعتدي على دولة عربية شقيقة، وقال الراحل حسني مبارك، لقد أخذت على عاتقي مهمة بذل كل الجهود الممكنة حتى عودة الكويت إلى شعبها وحكومتها، وطرد صدام حسين وقواته الغازية.
واليوم لا تزال مصر تسير على نفس المنهج، فلم تتخل، يوماً، عن معتقداتها وثوابتها، وهو ما جسده الرئيس عبد الفتاح السيسي بمقولته الشهيرة “مسافة السكة”، والتي تجاوزت حدود الكلمات إلى الأفعال، بوقوف مصر، دوماً، بجانب أشقائها لتحقيق أمن وسلامة الوطن العربي … إن مصر كانت وستظل أم الدنيا.