كتب : كريم دسوقي
دعك من اسم “القائمة”، والذي هو جزء من سياق عام مقزز لا يخلو من الابتذال والابتزاز بوضع اسم “مصر” في أي جملة، ولو غير مفيدة، ليس لها هدف سوى إبراز نزعة “وطنية” مصطنعة، لا تخلو من معانٍ شوفينية وإقصائية واضحة. ولكن، يبدو أن القوم لا يخجلون من أن يقودهم “لواء متقاعد”، بل على العكس، يجري تقديمه وقائمته دليلاً على “الوطنية” النقية والعمل على مجابهة “أعداء الوطن”. وهي القائمة التي فاز بعض مرشحيها بالتزكية في إحدى دوائر شرق الدلتا، لا لشيء سوى لسرقة قوائم منافسيها. ليس غريباً أن يعود “فلول” مبارك والحزب الوطني إلى الواجهة ويحاولون، بكل الطرق، حجز مكان على القائمة المحظوظة. فيعود نجل كمال الشاذلي، أحد سدنة الحزب الوطني القديم، إلى الواجهة، ويقول في تصريح لا يخلو من دلالة بأنه يسعى إلى “استعادة” مقعد والده، وكأنها تركة ورثها عن أبيه! أو أن يقف أحد المشاهير ممسكاً بيد ابنه المرشح للبرلمان، معلناً بكل ثقة أنه لا يمتلك برنامجاً، وليس في حاجة إليه، لأن هدفه “خدمة الناس”. هؤلاء “الناس” الذين يتهكم عليهم المستشار، ويسمعهم أقذع الألفاظ فى كثير من لقاءاته، من دون خجل أو حياء. بينما يتطاحن رجال أعمال مبارك على دخول البرلمان، مستغلين أموالهم وفضائياتهم، من أجل منافسة قائمة “الجنرالات”.
اللافت هو انزواء القوائم المحسوبة على “الثورة”، وانسحابها من المشهد، مثلما حدث مع قائمة “صحوة مصر” التي كان يقودها الدكتور عبد الجليل مصطفي، المنسق السابق لحركة كفاية، وتضم شخصيات كانت تعارض مبارك، لكنها تحولت إلى مجرد كومبارس بعد “30 يونيو”. وفي الوقت نفسه، تعاني أحزاب، كانت يوماً عريقة، مثل “الوفد” من التهميش والإقصاء، على الرغم من حالة الاستجداء التي يمارسها رئيسه فى كل تصريح له من أجل أن ينال رضى الجنرال ودعمه. هو أمر كاشف لحجم الخداع والاستخدام السياسي الذي تعرضت له من يعرفون بـ”النخبة المدنية”. أو بقية المحسوبين، ولو ادعاءً، على ثورة 25 يناير.
ولم تعد الدولة بحاجة إلى “تسويد” بطاقات مرشحيها، أو تبديل “الصناديق”، مثلما كان يحدث في عهد مبارك، فالتسويد والتبديل أصبحا يجريان فى المنبع، وهو عقول المواطنين المصريين التي تم تأميمها ومصادرتها قبل الانتخابات
نحن، إذاً، إزاء مشهد سوريالي وهزلي بامتياز، لكنه يبدو عاكساً حجم الانحطاط والتدهور الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية في مصر.