اليوم أعلنها بعلو الصوت ، إنى قد أستغنيت كل الغنى عن الرد المتأخر والجواب المختصر والسؤال الباهت والإهتمام الروتيني والإعتذار المتأخر وعن وسطية المشاعر وتصنع اللطف والود والمجاملات وأصحاب الأوجه المتعدده ، إن النفاق في لغتنا العربية هو أن يظهر الانسان مشاعر خلاف ما يبطن ، وتعود أصل الكلمة من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات كالأرانب وتجعل له فتحتين أو أكثر فإذا هاجمها عدو ليفترسها خرجت من الجهة الأخرى، وسمي المنافق بهذا الإسم لأنه يجعل لنفسه وجهين يظهر أي منهما حسب الموقف الذي يواجهه ،الكثير منا يتحايل علي نفسه وعلي ضميره ويسمي الأشياء بمسميات لطيفة لتكون خفيفة الأثر والوقع علي النفس .. ! فكما الرشوة سموها إكرامية !! و العمولة سميت بالسمسرة !! ولذا كان لابد أن يطلق على النفاق الإجتماعي مسمى آخر فهو ليس بأقل من سابقيه سوءا أو آخف ألما أو أقل ضررا فأطلقوا عليه مسميات براقة كمجاملة و كذب أبيض أو دبلوماسية إجتماعية ؟! فعملية تجميل الكلمات وتحويرها وإلباسها شكل آخر حتى لا نستهجن الفعل ولا نشعر بأى خزى أو عار من فعله وكأن بتغيير الكلمة تغير الفعل وتنصل منها المعنى فنصدق الكذبة بالتدريج ونستمرئ الفعل دون إحساس بالذنب أو الخطيئة ، فنتقبل الكذبة البيضاء بصدر رحب وبشاشة الوجه هناك من يطلق علي النفاق فن التعامل مع الآخرين ، مع إنه بعيد عنها كل البعد .. فن التعامل له قواعد وأساليب مختلفه تماما والتي منها الأخلاق العالية وحسن الإستماع والإحترام فالتعامل مع الآخرين فن رفيع ، وأسلوب بديع .. فيه يتم اختيار العبارات الرقيقة التى تلمس الوجدان ممزوج بالإبتسامة الصادقة . أما النفاق والمجاملة فبينهم خيط رفيع تحكمه النية والهدف .. فالمجاملة تقوم على النية الحسنة وهدفها إنسانى لا شخصى تقوم على اللطف وحسن التعامل مع الناس و تنم علي رقي الذوق وتقدير مشاعر الاخرين ..فالمجامل ينثر عبير الورود بهدف إسعاد الجميع أما المنافق فهدفه الخداع والكذب ،المجاملة عطر اجتماعي عملا ب “خالق الناس بخلق حسن” هكذا يوصي نبينا المصطفى عليه إلوف السلام والتحية .. وبطريقة التاتا تاتا ،غاصت اقدامنا في وحل المجاملات الكذابة ومسح الجوخ والولاء الكاذب ، وأصبحنا محاصرين به في محيط العمل وفي العلاقات الأسرية و في الصداقات ومع الجيران فغرقنا في بحر من القبل المصطنعة المتبادلة والأقنعة المزيفة والابتسامات الصفراء . وبعدنا كل البعد عن قيمنا الانسانية والدينية النبيلة . واصبح المبدأ السائد للتعامل ان الغاية تبرر الوسيلة .. واللي تكسب به إلعب به .. فإنبهرنا بالمظاهر البراقة وأغفلنا الجوهر .. وكرهنا الصدق والصادقين وأستحسنا الكذب وجلسات المنافقين . فمن يتبع الصدق منهجا في عمله و سلوكه ومبادئه هو انسان غريب وشاذ عن القاعدة وليس من ابناء العصر او يتهم بالرجعية والتخلف !. فالنفاق والتودد والتلاعب بالألفاظ وارتداء الاقنعه هو العملة السائدة في هذا الزمن وخاصة لاصحاب المصالح والنفوذ واهل السطوة بهدف الحصول على هدف مادى أو منفعه شخصية وللوصول للمناصب بسرعة البرق دون إستحقاق لها .. ف اللامنطق هو المنطق و الغاية تبرر الوسيلة. فكل يوم نرى عبارات الشكر والمديح والاطراء للمديرين في محيط العمل ونشاهد اهداء اليافتات المكتوبه للشخصيات العامة البارزة في الشوارع في كل موسم دينى او سياسي وتزداد إشتعالا في مناسبات كنجاح في البرلمان أو النيابة أو الوزارة ؟ للتقرب لهم والوصول الي مجالس الكبار واهل المال والنفوذ والسطوة ما يجري في مجتمعنا هو امر مؤلم وشيء محزن ومقلق ، يحتاج الى الجرأة والمصداقية والمواجهة العنيدة ومحاربة هذة الظاهرة من جذورها . وعمل توعية دينية شامله لتوضيح ان هذا السلوك لا يمت إلى الدين بأية صلة . وعلي المثقفين والاكاديميين دور التنوير والتثقيف للتخلص من الظواهر الاجتماعية السلبية للعمل على بناء مجتمع يحكمه العقل والقيم الاخلاقية والتعاليم الدينية الصحيحة فالفرق بيننا وبين المجتمعات المتقدمة ان عوالهم بدون أقنعه مزيفه فأستطاعوا الحكم علي الأمور بمنظورها الصحيح . فلنخلع الاقنعه المزيفة فعمليات التجميل وضرب المساحيق لاتصنع الجمال الحقيقي .. فالوجهه المصطنع مهما كان براق لامع سيظل قبيح