الشيخ /محمد محمد غنيم
هناك ما يمكن أن نُطلق عليه (فقه الوداع)، وندلل عليه بـتطبيقات نبوية وفعل الصحابة الكرام ، فقبل وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – في حجته الوحيدة كانت (خطبة الوداع) حيث أنزل الله عليه – صلى الله عليه وسلم – (سورة النصر) والتى كانت إشارة على قرب أجل الرسول
ففي حديث ابن عباس في صحيح البخاري : (هو أجل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعلمه له قال : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) [ النصر : 1 ] وذلك علامة أجَلِك : ( فسبح بحمد ربك واستغفره ) [النصر : 3 ]، فجاءت الخطبة بوصايا جامعة ، لأن الوداع يقتضى الوصية فيقال : وصية مودع.
كما كان بين الصحابة ما يمكن أن نسميه بفقه الوداع حيث كان يودع كل منهم أخاه بقراءة سورة العصر والتى تسمى بــ (سورة الوداع) .
فقد روى الطبراني بسنده إلى عبيد الله بن عبد الله بن الحُصين الأنصاري ( من التابعين ) أنه قال : ( كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلاّ على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يسلم أحدهما على الآخر ( أي سلام التفرق وهو سنة أيضاً مثل سلام القُدوم ) .
– وفقه الوداع يكون لأربعة أمور: للإنسان العظيم، والشئ الغالى ، والمكان الكريم، والزمان الشريف ،
* ومثال توديع الشخص العظيم دخول صحب رسول الله – صل الله عليه وسلم- عليه جماعات لصلاة الجنازة عليه. ومثاله وداع الحجيج إلى بيت الله الحرام فقد شاهدت وأنا صغير كيف كان يودع الحجيج إلى بيت الله الحرام حيث يجلس الحاج ليستقبل المودعين له في اجتماع كبير يجلس في وسطه وكأنه طاووس أو عريس يوم عرسه ويحمل وصاياهم بالدعاء لهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم.
* ومثال وداع الشيئ الشريف، خروج الأمراء والوجهاء والعلماء لتوديع المحمل الذي يحمل كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة من مصر المحروسة وكتاب عجائب الآثار للجبرتي (تاريخ الجبرتي) يذكر ذلك تفصيلا.
*ومثال المكان الشريف (طواف الواع) عند الخروج من مكة، و السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وزيارته عند الخروج من المدينة.
* ومثال توديع الزمان الشريف ما كان من فعل الصحابة والتابعين عند توديع رمضان ولقد ذكر ابن رجب الحنبلي في كتابه (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف) قطوفا من أمرهم في هذا الشأن في المجلس السادس والذي جعله وعنونه بـ (فى وداع رمضان).