أخبار إيرانأهم الاخباراهم المقالاتمقالات واراء

غيظ رئيس “الذرية” الإيراني من مجاهدي خلق ودورهم في كشف طموحات النظام النووية

لم يتمالك رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، نفسه يوم الأربعاء 28 مايو/أيار، فأفرغ جام حقده وغيظه على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، متهماً إياها بمحاولة “خلق مشاغل لهذه الأنظمة بالكذب والاتهامات منذ انتصار الثورة الإسلامية وحتى اليوم، بحيث تسمعون بين الحين والآخر اسماً ومكاناً”. هذا الهجوم، الذي جاء في سياق حديثه عن الملف النووي، لم يكن مجرد محاولة للتغطية على الفشل في المفاوضات، بل كشف عن “دقّة القلب” والألم الذي يعتصر مسؤولي النظام من الدور المحوري الذي لعبته المقاومة الإيرانية، وعلى رأسها منظمة مجاهدي خلق، في فضح المواقع النووية السرية، مثل موقع “إيوانكي” السري للغاية، وتقديم معلومات دقيقة للعالم حول الطبيعة الحقيقية لبرنامج النظام النووي العسكري.

ولا يخفى على المراقبين أن هذا الحقد الدفين تجاه المقاومة ينبع من إدراك قادة نظام الولي الفقيه العميق بأنه لولا التضحيات الجسام والكشوفات المدوية والمستمرة التي قدمتها المقاومة على مدى عقود، لكان نظام خامنئي قد تمكن بالفعل من امتلاك القنبلة النووية، ولكان اليوم يتخذ المنطقة برمتها رهينة لتحقيق أطماعه التوسعية ومشاريعه التخريبية. فإذا كان هذا النظام، وهو لا يمتلك السلاح النووي، يمارس التدخل السافر في شؤون دول المنطقة، ويدعم الميليشيات الإرهابية، ولا يتورع عن تنفيذ عمليات إرهابية حتى في قلب أوروبا، فما هو حجم التهديد الكارثي الذي كان سيفرضه على الأمن والسلم العالميين لو تمكن من وضع يده على سلاح الدمار الشامل؟

وفي محاولة يائسة للظهور بمظهر القوة، والتهرب من استحقاقات الفشل، أعرب إسلامي عن أمله في أن “تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الحفاظ على استقلاليتها وتبرئة هذه الأمور من الإجراءات غير العادية التي اتبعتها في هذه السنوات، حتى نتمكن إن شاء الله من إنهاء هذا الموضوع”، متجاهلاً أن كشوفات المقاومة هي التي أجبرت الوكالة والمجتمع الدولي على التحرك.

ورداً على سؤال حول مقترح بتنفيذ التخصيب في إحدى دول الخليج ضمن كونسورتيوم نووي، شدد إسلامي على موقف طهران قائلاً: “موقف الجمهورية الإسلامية موقف قانوني وحقوقي ومبدئي تماماً. التخصيب هو أساس وبنية الصناعة النووية للبلاد. أن تأخذ التخصيب يعني أنك تأخذ الصناعة النووية. هذا هو الخط الأحمر للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد تم إبلاغ الطرف المفاوض بذلك بشفافية كاملة شفهياً وكتابياً”. وأضاف: “على طاولة المفاوضات، من المؤكد والقطعي أن إيران يجب أن تمتلك صناعة تخصيب”.

تعهدات إيران المزعومة والخطوط الحمراء المتضاربة

زعم إسلامي أن هناك “شرطين قطعيين” تلتزم بهما إيران: “الأول أن إيران أكدت أنها لن تتجه نحو السلاح النووي، والثاني أنها لن تقوم بالتخصيب لأغراض صنع أسلحة نووية”، مضيفاً: “نحن ملتزمون بذلك، وليس لدينا أي برامج غير تلك المعلنة صراحة”.

تأتي هذه التأكيدات الإيرانية على التخصيب كـ”خط أحمر” في تناقض مباشر مع ما كان قد صرح به سابقاً المفاوض الأمريكي “ستيف ويتيكوف”، الذي اعتبر أن التخصيب (أو وقفه التام) هو “خط أحمر” للولايات المتحدة. هذا التصادم في المواقف يجعل من قضية تخصيب اليورانيوم العقدة الرئيسية التي تستعصي على الحل في المفاوضات.

فبينما يرى النظام الإيراني في التخصيب حقاً سيادياً وجزءاً لا يتجزأ من “هيبته” ومشروعه النووي، تعتبره القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، المسار الرئيسي المحتمل لتطوير أسلحة نووية، وتسعى لفرض قيود صارمة عليه أو وقفه بالكامل. وفي ظل تمسك كل طرف بـ”خطوطه الحمراء”، تبدو فرص التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام ضئيلة للغاية، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، تتراوح بين استمرار الجمود الدبلوماسي أو لجوء الأطراف إلى “خطط بديلة” قد تحمل معها المزيد من التصعيد.

إن محاولة إسلامي إلقاء اللوم على المعارضة لكشفها عن الأنشطة النووية السرية، هي محاولة لصرف الأنظار عن جوهر الأزمة المتمثل في طبيعة برنامج النظام وأهدافه الحقيقية، وعن فشله في بناء الثقة مع المجتمع الدولي. ويبقى السؤال الأهم هو إلى متى سيستمر هذا الصراع حول “الخطوط الحمراء” قبل أن يضطر أحد الطرفين – أو كلاهما – إلى إعادة تقييم مواقفه لتجنب مواجهة أوسع، خاصة وأن العالم مدين للمقاومة الإيرانية بكشفها المبكر والمستمر لطبيعة هذا النظام وخطره النووي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم حاجب الاعلانات

يرجي غلق حاجب الاعلانات للاستمرار فى تصفح الجريدة