بقلم / أيمان مكاوى
هناك من الاولاد من لا يراعي حق والديه ولا يراعي مشاعرهما فتراه لا يأنف من إبكائهما وتحزينهما ونهرهما والتأفف والتضجر من أوامرهما والعبوس وتقطيب الجبين أمامهما فمن الناس من تجده في المجالس هاشا باشا حسن المعشر فإذا دخل البيت وجلس الي والديه انقلب ليثا هصورا لا يلويه علي شئ حيث يتبدل حاله فتذهب وداعته وتحل غلظته وفظاظته ومن الاولاد من ينظر إلى والديه شزرا قال معاوية بن اسحاق عن عروة بن الزبير رحمهم الله ورضي عنهم ما بر والده من شد الطرف اليه ومن قلة المراعاة لمشاعر الوالدين قلة الاعتداد برأيهما والاشاحة بالوجه عنهما اذا تحدثا وإثارة المشكلات امامهما وذمهما عند الناس والقدح فيهما والتبرء منهما والحياء من الانتساب إليهما كل ذلك داخل في العقوق وقلة الرعاية لمشاعر الوالدين وكان هؤلاء لم يقرأوا قوله تعالى: وقضي ربك الا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهم أف ولا تنهرهما وقل لهم قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا” الاسراء ٢٣ – ٢٤
ولم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: الاشراك بالله وعقوق الوالدين و قتل النفس واليمين الغموس .
فحري بالولد ان يسعي سعيه فى بر الوالدين فيحسن اليهما ويخفض الجناح لهما ويصغي الى حديثهما ويتودد لهما بكل ما يستطيع من بر وصلة ويتجنب كل ما يفضي إلى العقوق والتكدير .
وليكن له في سلفنا الصالح قدوة فلقد ضربوا اروع الامثلة في البر ومراعاة مشاعر الوالدين واليك طرف من ذلك:
عن ابي مرة مولي ام هاشم بنت ابي طالب: انه ركب مع ابي هريرة الي ارضه بالعقيق فإذا دخل ارضه صاح باعلي صوته : عليك السلام ورحمة الله وبركاته يا اماه !
تقول وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
يقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا
فتقول يا بني وانت فجزاك الله خيرا ورضي كما برأتني كبيرا .
وهذا ابن عمر – رضي الله عنهما – لقيه رجل من الاعراب بطريق مكة فسلم عليه عبد الله بن عمر وحمله على حمار وأعطاه عمامة كانت على رأسه قال ابن دينار: فقلنا له : اصلحك الله إنهم الأعراب وهم يرضون باليسير فقال عبد الله بن عمر أن ابا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن ابر البر صلة الولد اهل ود ابيه وعن المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت : من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان كذلكم البر كذلكم البر وكان ابر الناس بأُمه .
وعن ابي عبد الرحمن الحنفي قال : رأي كهمس بن الحسن عقربا في البيت فأراد أن يقتلها او يأخذها فسبقته فدخلت في جحر فأدخل يده في الجحر ليأخذها فجعلت تضر به فقيل له ما أردت الي هذا؟
قال : خفت أن تخرج من الجحر فتجئ الي أُمي فتلدغها .
وهذا ابو الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو المسمى بزين العابدين وكان من سادات التابعين كان كثير البر بأُمه حتى قيل له: انك من ابر الناس بأُمك ولا نراك تؤاكل امك فقال: اخاف ان تسير يدي على ما قد سبقت عينها اليه فأكون قد عققتها وقال هاشم بن حسان حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: كانت والدة محمد بن سيرين حجازية وكان يعجبها الصبغ وكان محمد اذا اشتري لها ثوبا اشتري ألين ما يجد فإذا كان عيد صبغ له ثيابا وما رأيته رافعا صوته عليها كان إذا كلمها كالمصغي .
وعن بعض آل سيرين قال : ما رأيت محمد بن سيرين يكلم امه قط إلا وهو يتضرع
وعن ابي عون ان محمدا اذا كان عند امه لو رأه رجل ظن أن به مرضا من خفض كلامه عندها .
وكما أن هناك من الاولاد من لا يحسن التعامل مع والديه ولا يراعي مشاعرهما فهناك من الوالدين من هو كذلك فبعضهم يقسو على اولاده قسوة تخرجه عن طوره فترأه يضربهم مبرحا عند ادني هفوة وترأه يبالغ في عتابهم وتوبيخهم عند كل صغيرة وكبيرة وترأه يغتر عليهم مع قدرته ويساره مما يجعلهم يشعرون بالنقص والحاجة وربما قادهم ذلك الي البحث عن المال اما بالسرقة او بسؤال الناس او بالارتماء في احضان رفقة السوء فيفتقدون إنسانيتهم وكرامتهم ومن الوالدين من يحرم اولاده من الشفقة والحنان واشباع العواطف مما يحدوهم الى البحث عن ذلك خارج المنزل .
ويشتد الامر اذا كان ذلك في حق البنات فهن ارق شعوراً وأندي عاطفة وتكون الطامة الكبرى التي من الممكن ان تؤدي بهم الى الانحراف والانجراف وراء الرزيلة ويكونن فريسة سهلة .