أهم الاخباراخبار عربية وعالميةاسليدرالتقارير والتحقيقاتمقالات واراء

غوطة دمشق تسلط الضوء نحو عورة العالم المتحضر ، والشعوب العربية تتنازل عن حقوقها جمعاء مقابل منع سفر الملك توت غنج أمون للخارج

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم الكاتب محمد فخري جلبي

يكشف المشهد السوري الدموي منذ بداية الأحداث حقيقة تشنج ردود أفعال المجتمع الدولي فيمايتعلق بالقيام بتحركات عاجلة وقوية من شأنها أيقاف حركة عربات الموت التي تسير بأقصى سرعتها ضمن شوارع المدن السورية لتحصد أرواح الأبرياء العزل ، واليوم بينما ينشغل سكان العالم الغربي بأولمبياد كوريا الجنوبية للالعاب الشتوية ،

يتفرغ مواطنو الدول العربية لرص الصفوف وحشد الأصوات من أجل التصويت لمتسابقي برنامح ” ذا فويس ” الذي سيعيد للأمة العرببة كرامتها المهدورة عبر ممرات التاريخ المعبد بالأنتكاسات والمرارات المتكررة تزامنا مع تنامي الشعور الجماعي للشعوب العربية بعدم أمكانية وضع الدول العربية على سكتي الحرية والكرامة .

المسلمون ضمن مرمى الأستهداف الغربي ؟؟ وما أشبه اليوم بالأمس ، فما يجري في الغوطة الشرقية من مجازر وأنتهاكات فاضحة لحقوق الأنسان تتمثل بالحصار والتجويع والقصف العشوائي تشابه تلك الفظائع التي أرتكبت بحق الروهينغا في ميانمار في الأونة الأخيرة تحت مرأى ومسمع من المجتمع الدولي المصاب بالأنفصام الأخلاقي والتمييز العنصري أن كان الأمر يتعلق بالضحايا المسلمين .

ولا أجد ضرورة لتحييد الصراع الغربي مع العالم الأسلامي في حال الحديث عن أنزلاق المجتمعات الأسلامية نحو مستنقعات الموت وذلك أرضاءا لجمهور العولمة المنساق خلف أوهام الدول الغربية وأنجازاتها في مجال حقوق الأنسان الغربي .

كما أنني لست من منتسبي أحزاب الألتفاف والقفز فوق حواجز المعطيات لنيل القبول لدى بعض الشرائح العربية التي يعتنق أفرادها أفكار سادية تتلخص بحتمية التقرب من العالم الغربي والتغاضي عن هفواته (اللامقصودة ) بالدفاع عن الضحايا المسلمين .

فالقضية بأختصار واضحة وساطعة وفاضحة أكثر من أي وقتٍ مضى ، حرب ضد الأسلام .

وفي أحدى المقالات لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية جاء مايلي : إن حرب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب المقبلة ستكون ضد الإسلام حيث سيتبنى نهجا قوامه “الصراع الحضاري” وغايته عزل وإخضاع منطقة الشرق الأوسط وعقيدتها التي تدين بها .

وأوضح كاتب المقال أن “ملامح ما يمكن تسميتها بحملة ترمب الصليبية” تبدو واضحة إلى حد كبير في خطب وتصريحات ستيفن بانون ومايكل فلين وجيف سيشانز وبقية العقد في إدارة الرئيس المنتخب ، فبانون دأب على الحديث عما يقول إنه “تاريخ طويل من صراع الغرب اليهودي المسيحي مع الإسلام” ، أو كما كتب فلين -وهو مستشار الأمن القومي المقبل لترمب- واصفا الصراع مع الإسلام بأنه “حرب عالمية ضد حركة الشعوب الشريرة ” .

وسبق لفلين أن وصف الإسلام بأنه “سرطان وحركة سياسية متنكرة في ثوب دين وهي نتاج ثقافة دونية أقل شأنا” !! ومايكل فلين قد أقيل لاحقا من منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد فضيحة اتصالات مع روسيا .

كما أننا لن نجد مثالا أكثر وضوحا وتباينا من المثال السوري حول نوايا قادة المجتمع الغربي بأتاحة المجال ومنح الفرص المتتالية للانظمة الدموية من أجل أبادة الشعوب المسلمة وزج جغرافية تلك المناطق في وسط بهو مظلم غير معلوم مدخله ومخرجه !!!

ولتبسيط الفهم ، فلو أفترضنا قيام شخص ما بوضع جميع أعداءه ضمن مركب واحد ودفع هذا المركب ضمن فوهة عاصفة هوجاء فهل من المنطق جعل منصب الربان في يد قبطان متمرس لينجو بالركاب والمركب ؟؟ وهكذا هم قادة أمتنا ، غير مؤهلين لقيادة الدول العربية نحو بر الأمان ولكن جهلهم وعمالتهم هي الأسباب الرئيسية التي تجعل الدول الغربية تتغاضى عن أعمالهم الوحشية .

عزيزي القارىء ، لكي تفوز بمعركة مصيرية ينبغي التفكير بمنطق العدو .

كما ويمكن ترجمة نوايا الدول الغربية حول ماسبق بمعاودة القصف الأسدي للغوطة الشرقية على الرغم من صدور قرار لمجلس الأمن بتطبيق هدنة أنسانية عاجلة على مدى ثلاثين يوم في عموم الأراضي السورية . هذا وسقط مئات الضحايا من المدنيين في الغوطة على مدى أسبوع جراء قصف مكثف بمختلف أنواع الأسلحة من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية الداعمة لها ، وتبنى مجلس الأمن الدولي مساء أمس قرارا بهدنة إنسانية في سوريا لمدة ثلاثين يوما . فيما باركت دمشق قرار مجلس الأمن بقصف مناطق الغوطة مجددا ،

حيث صرح المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض ، إن طائرات النظام السوري نفذت غارات على مناطق يسيطر عليها “الثوار” في الغوطة الشرقية ، وذلك بعد وقف قصير على تبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لقرار وقف إطلاق النار بسوريا .

وكان التصويت على مشروع القرار قد تعرض للتأجيل عدة مرات منذ اقتراحه يوم الخميس من جانب الكويت والسويد بسبب تعنت الجانب الروسي بتمرير القرار دوليا بشكل قد يوقف ماكينة القتل الأسدية ، واتهم دبلوماسيون غربيون موسكو بمحاولة تعطيل التصويت على القرار لصالح النظام السوري الذي يريد ألقضاء على بؤرة المعارضة المسلحة الأخيرة قرب العاصمة دمشق .

فيما صرح مندوب موسكو في مجلس الأمن أن إظهار روسيا بدور المذنب لا ينفع ، كما أمل من جميع الأطراف المؤثرة المساهمة بالتوصل لحل في سوريا !! وكان الخوف قبل تمرير القرار ( العديم النفع ) هو قيام موسكو بأستخدام حق التقض الفيتو كسابق عهدها من أجل الدفاع عن الأسد ومنحه مظلة دولية تضع بين يديه ورقة حصانة تعفبه من العقاب والمسألة .

وقد استخدمت روسيا حق النقض 11 مرة ضد مشاريع قرار حول سوريا تستهدف حليفها النظام السوري في دمشق ، وفي تشرين الثاني/نوفمبر استخدمت حق النقض لإنهاء تحقيق تقوده الأمم المتحدة حول هجمات بالأسلحة الكيمياوية في سوريا .

يوم القيامة يأتي قبل موعده .. بثت قناة CBS الأميركية، الجمعة، على حسابها عبر “تويتر” مقطع فيديو استثنائياً لإحدى الهجمات الكيمياوية الدامية التي شنها نظام بشار الأسد على المدنيين في خان شيخون بمحافظة إدلب في سوريا .

وقال طبيب أشرف على علاج الضحايا في هذا القصف إن المشهد كان أشبه بـ “يوم قيامة” .

وبطبيعة الحال ، فيوم القيامة الذي يحاصر الدول الأسلامية لا يحرك المشاعر الأنسانية لقادة وشعوب الدول الغربية ؟؟

بل يخلق مجالات لشد الحبال الدبلوماسية والسياسية بين تلك الأطراف من أجل قطف ثمار الخوض في غمار تلك الصراعات ، بالأضافة إلى سهولة التحكم والسيطرة على تلك الدول المتهالكة التي ترقص فوق صفيح ساخن .

وتتساءل الصحف الغربية حول الدول والكيانات التي تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري ، ونحن بدورنا نتهم جميع دول العالم الغربي والعربي بمسؤوليتهم القانونية والأخلاقية فيما يتعلق بأستمرار هطول الدماء الموسمية ضمن الأراضي السورية ؟؟

فالرياض والدوحة وأنقرة وواشنطن وموسكو وباريس و…. ، جميعهم جاءت بهم مصالحهم المتضاربة إلى رقعة المحرقة السورية غير أبهين بأرتفاع فاتورة الموت المتقطعة من النسيج السكاني السوري .

وكما عبرت عن ذات الرؤية صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية بقولها .. إنه واضح بشكل مأساوي الآن أن إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية لم يخلق فتحا للسلام في سوريا ، وتساءلت في افتتاحيتها : من الذين تلطخت أيديهم بدم السوريين الأبرياء ؟

وأضافت أنه بدلا من السلام في سوريا ، فإن رئيس البلاد الشرير بشار الأسد وحلفاءه الداعمين له في كل من روسيا وإيران استغلوا نجاحات المعركة ضد تنظيم الدولة لإطلاق جولة جديدة من المذابح ضد المدنيين .

ويأتي ذلك بينما يقف قادة الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى -إلى حد كبير- متفرجين ، لأنهم غير راغبين أو غير قادرين على فعل أي شيء لوقف هذه المذابح ، فعار عليهم جميعا .

ومن الناحية الأخلاقية وقبل هجومنا الشرس على قادة وشعوب دول العالم ، يجب محاسبة أنفسنا ، فأين نقف نحن الأن من مجازر الغوطة ، وفوضى العراق ، وتجويع السودان ، وشرذمة لبنان ، ومأسي الروهينغا ، وألام الشعب الفلسطيني ؟؟

فنحن الشعوب المسلمة نتماثل المرض أو عدم المعرفة أو الضعف متأبطين تلك الذارئع المعيبة كحلول بديلة تزيح عن كاهلنا نجدة أقراننا المستضعفين !!

في حين نشكل نحن الشعوب البليدة يصمتنا وتخاذلنا حجر الأساس والدعائم المثلى لبناء محطات الفوضى السياسية والعسكرية في عالمنا العربي المتناقض الذي لا يمكن فهمه على الأطلاق !!

فأمة السوشيال ميديا لايمكن التعويل عليها !!

ولعل أبرز أنتصاراتنا في في ظل اضطراب عظيم يخيم على القسم الأكبر من منطقة الشرق الأوسط تكمن بالثورة السوبر أنتقامية جراء أرسال قطع أثرية مصرية إلى الخارج ، فلا الثورة المذكورة أعادت الأثار المرحلة قسرا ، ولا حقنت أوردة الشعوب العربية بمخدر موضعي يمنحها شعور بالرضى عن تجاهلها المتعمد إزاء القضايا المصيرية التي تفتك بجسد الأمة ( المهلبية ) !!

حيث أثار قرار وزارة الآثار المصرية إرسال قطع أثرية ترجع لحقبة الملك توت عنخ آمون إلى معارض بالخارج ردود فعل غاضبة في أوساط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خاصة المهتمين بقطاع الآثار ، وأطلق مغردون على تويتر عدة هاشتاغات أبرزها الملك توت ، الملك لا يسافر ، ناشدوا من خلالها الرئيس المصري فتح تحقيق في الحادثة !!

وعلى نحو مماثل ، وخلف كومة من الركام والأنقاض العربية ، ممنوع على الملك توت غنخ أمون أن يسافر خارج حدود الوطن العربي ، في حين يحق للقدس أن تسافر خارج الخارطة الفلسطينية ، ومسموح للأسد أن يرسل سكان الغوطة المتمسكين بالحياة رغم قساوتها إلى المقابر ، ومن الطبيعي أن تدرج الدول العربية ضمن جداول الدول المميزة بالجوع والجهل والمرض وأن تسافر خارج قوائم الدول المتحضرة .

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى