اسليدرالأدب و الأدباء

” غفـوة مهزومـة “

كتبت : حنان النشمي

ثُمَّ إلى أين يسلكُ بي هذا الطريق الذي لمْ تشعرْ أقدامي بـهِ حتى الآن…؟
كأنّني لا بأرضٍ أحطُّ قدمَيَّ ولا بسماءٍ أُحلِّقُ…، وأنا أخفقُ بجناحَيَّ ، أَوَلَمْ تعلم أنَّ حقولَ الياسمين فـي داخلي جفَّتْ سنابلُها وتكسَّرتْ أغصانُها المتصلِّبـة؟

والوسائدُ تُغنِّي لـي وفراشي كالمَهدِ يهزُّني لكنْ الساعة الحقودة تسرقُ تلكَ الغفوة المهزومة وهي تتسلَّلُ من بين الاهدابِ…
تسوقُني الأفكارُ إلى حيثُ لا أنا، حيثُ لم أكنْ هناك فكيف سأعودُ وعلى حين غرّة تظهرُ ذكرياتي الهرمـةُ فترقصُ بكلِّ خِفْيةٍ…
منذُ فترة وأنا أشعرُ بالعجز عن الكتابة، ليس بحوزتي كلمات لأنّكَ كُنتَ حاضرًا فما نَفْعُ الحروفِ إنْ حضَرْتَ أنتَ؟!
هه يالسخافتي التي بدأتْ ترى الخيالَ حقيقةً، أقنعُ نفسيَ بأنّكَ قدْ أتيتَ وجالسٌ أماميَ…، أَمدُّ يَدَيَّ؛ تخرجُ من الجهة الأخرى لِجسدِكَ، أُُحرِّكُ نفسيَ بسرعةٍ أَودُّ احتضانَكَ…؛ ارتطِمُ بالهواء…
لا شيء…
لازلتَ كالظّلِّ يُراوغني في لحظاتِ سُهادي الأخيرة، وأنا أرتمي بين أحضان النّومِ مُتعَبَةً من البحث عنكَ؟
هذا المساء وحتّى أكون دقيقةً، منذُ عام وأنا أكتبُ… كنتُ أُقنعُ نفسيَ بكَ بأنَّكَ موجودٌ بالقُربِ، أَدرَكَتْني نفحةُ هواء إنّني أتهيّأ، لا شيء حقيقيٌ هنا حتّى ( أنا) لستُ كما عهدتُها تغيّرتْ كثيرًا، الشُّعورُ قَضَمَ نفسَهُ داخلي حتّى لمْ يبقَ هناكَ شيءٌ لِلّوْكِ…!
أَتَعْرِفُ شيئًا؟ تصيبُني لدغـةُ أفعى.
من المؤسف هذه الأفعى يومًا ما كانتْ حمامةً، لا أعرفُ كيفَ لها أنْ تتحوّلَ، أصابَني منها سمٌّ بدأ ينهشُ جسدي… على أثرِهِ بدأتْ جلدَتي تحكّني، تغمسُني في قدحٍ مؤطّرٍ بالكراهيةِ…!

كثيرًا ما يشغلُ بالِيَ غيابُكَ الذي لا حدَّ لـه…
هل يُعقَلُ إنّني مجنونـةٌ وأنّكَ من صنيعةِ خيالي؟ لست حقيقيًا في عالمي؟
بلغتْ معاناتي تراكُمًا مخيفًا، حتّى غدََوْتُ أسيرُ وأُخبِرُ الجميعَ عنكَ…،
سَئِمْتُ الغيابَ، أفقدَني الصوابَ.
وخصوصًا مع انتشارِ الكورونا ذاكَ الشيء الضئيل الحجم من المُمكنِ أنْ يأخذَني بأيِّ لحظةٍ بعيدًا عنْ كلِّ منْ أعرفُ، لا تقلقْ لمْ أتركْ شيئًا لم أدوِّنه في مذكّراتي لكَ،
لنْ أخافَ إنْ رافقني ذاكَ الفايروس؛ سأذهبُ معهُ وسأكونُ رفيقةً جيّدةً لكُلِّ الرفقاءِ الجُددِ هناك،
لنْ أَتغيّرَ ولنْ أَكتئِب،
َ حتّى وإنْ شعرتُ بالغُربـةِ سأخلقُ شيئًا ما يجعلني أستمرُّ في التفكيرِ في لحظةِ الّلقاء بِكَ.

على يقينٍ ستؤنّبني النصوصُ ذاتَ يومٍ؛ لِمَ لَمْ أهتمْ لحركاتِ التّرقيمِ؟
لستُ مستاءةً… أُحِبُّ عفويّتي كيفَ ما كنتُ وكيفَ ما سأكونُ…
العاهةُ في تلك العيون التي لم تراني جيدًا وبعض القلوب المُصْدِأَةِ ماذا أفعلُ لها حتّى تعرفَ إنّني لستُ بِمُشعوذةٍ ولمْ أسرقْ يومًا شيئًا ليسَ لي بِقَدَرِ ما كنتُ أنا المسروقـةُ…!
لا يهمُّ ليسَ كلُّ ما يُقالُ هو حقيقيٌّ بسببِ العاهاتِ النفسيّةِ والعَجْرَفَةِ المُلازِمَـةِ.

أَخبِرني هلْ حَفِظْتَ ملامِحي حتّى تَرسمني في كلِّ وجْهٍ قدْ يمرُّ بك؟
لكنْ لا تغفلْ عن غيرتي الشديدةِ بسببِ إهمالِكَ الذي لا مُنتهى لـه…
أعرفُ إنّك لم تُخلقْ لزمانٍ أنا خُلِقتُ فيه، تعاقبُ الأحقابِ يزيدُ الأمرَ سوءًا

قد أبدو للكثير إنني بخير،
حتّى أنتَ تتظاهرُ بأنّكَ تقرأُ حرفيَ وستحكمُ على إنّني أُهلوسُ عبثًا
احيانًا للكذب حلاوتُهُ…! نعم أنا بخيرٍ حينَ أكتبُ فقطْ. أراكَ تُصافحُ يديَ، وتبتسمُ في وجهي كأنّكَ تعرفُ ما في داخلي هوَ لكَ.

لا أعلمُ عندما تأتي منْ بعدي هلْ ستكون في المكان الذي أكتبُ؟ وهل ستجلس مطوّلاً في غرفةٍ ظلماءَ تكتبُ على ضوءِ الشّاشةِ ( نعم، كنتُ معَكِ لكنّكِ لمْ تشعري بي)
لا تخفْ سأَتَفَهّمكَ وأتغاضى عن الأعذارِ وأتصنّعُ إنّني اقتنعتُ لكنْ اقرأ ما كنتُ أريدُ أنْ اقوله بلساني ، ستُخْبِرُني الرّيحُ، وربّما ستحمِلُ لي صوتَكَ فينسابُ من صوبِ بحرِ النّجف وأنا في لَحْديَ أَتَكىءُ فوقَ الذّراتِ، بعدَ أنْ يُعْجَنَ جسدي مع الترابِ، لكنَّ روحيَ سَتَتَعَلَّقُ بأطرافِ القبر، ِ وبعدَ أنْ تتعبَ؛ ستتكىءُ تنتظرُ تَسَلُّلَ الريحِ وهي تُخبرني إنكَ كُنْتَ تقرأُني…
لستُ مجنونةً صدقًا،
فلربّما تَسكُنني أرواحٌ حُرِمَتْ لذّةَ الحياةِ والشعورِ
فجعلتني أحيا حتّى إنْ كنتُ فجيعةَ الأزماتِ…
لرسائلي صوتٌ يؤنّبُكَ؛ فيجعلكَ حينما تفقد وجودي من هذه الحياةِ
إنّك قَدْ تأخَّرتَ كثيرًا

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى