كتب : لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل اسبوع مضى وما زالت شوارع واحياء وازقة العاصمة بغداد ، تعزلها مياه الامطار وتعزل ساكنيها وتمنعهم من الوصول الى مركز المدينة ، وما زالت المدارس ودور العلم والمعاهد ، يسلبها الفساد نعمة التواصل مع ابنائنا الطلبة ، الاسواق تبدو بحيرات طافية على مستنقع يمتد على مد البصر ، وهذا الوضع ينطبق على محافظات العراق بشكل عام ، المحنة واحدة والفساد له وجوه متعددة . مضت 12 عام على سقوط النظام البعثي المقبور ، وتتحدث الموازنات المالية عن مئات المليارات من الدولارات التي كانت مخصصة للخدمات في مجال المياه والمجاري والطرق والجسور وغيرها ، الا ان المشاريع الوهمية واخطبوط الفساد والمافيات المتربعة على كراسي السلطة ، قد صادرت تلك الاموال وتم تهريبها الى دول الجوار .
والآن يحاول مجلس النواب ان يعيد عقارب الساعة الى الوراء ، من خلال سحب التفويض عن رئيس الوزراء ، الامر الذي جعل الشارع العراقي متوترا بشكل لامثيل له .
ان مجلس النواب يبذل جهودا لحماية الفاسدين والتغطية على الاموال التي نهبوها من خلال مشاريع على الورق ، والنواب يرددون ان على رئيس الوزراء ان لا يتخذ قرارا الا بالاعتماد على الدستور وما ورد فيه ، وهذا لاغبار عليه ، ولكن المواطن يسأل ، ومن حقه الدستوري ان يسأل ، ماهو عدد القرارات التي اتخذها مجلس النواب بعيدا عن الدستور ومن خلال التوافق السياسي ونظام المحاصصة الطائفية ، والتي تتعارض تماما مع الدستور .. لماذا لم يكلف السادة النواب انفسهم بمواجعة تلك القرارات والاعتراض عليها ؟
الآن وبعد ان اقتربت النار من جيوب الفاسدين ، بدأت صيحات البرلمانيين وهم يتباكون على الدستور والتجاوز عليه ، لكنهم لم يتساءلوا عن عدد القرارات التي اصدروها بعيدا عن الدستور ، ولكي نذكرهم بذلك ، علينا ان نرسم خارطة طويلة ، منها قانون الانتخابات الذي جاء مخالفا للدستور ومتجاوزا عليه ، نظام توزيع الحقائب الوزارية ، نظام المحاصصة ، وغيرها الكثير، لكن السادة النواب لايكترثون لذلك ، لانهم لايعملون ولا يفكرون بخدمة البلد ، وانما ينحصر تفكيرهم بمدى ما يحصلون وتحصل كتلهم البرلمانية على الامتيازات والمواقع الادارية المتقدمة في مفاصل الدولة .انهم متفقون على مخالفة الدستور ، لكنهم لا يرضون لرئيس الوزراء ان يطبق الدستور ويقلص نفوذهم المتنامي بشكل يتعارض مع القوانين ، انهم متفقون على تغطية اعمال الفساد وعدم دفع ملفاته الى المحاكم لينال الفاسدون عقابهم ، متفقون على عدم اجراء الاصلاحات الضرورية ومخالفة مطالب المتظاهرين ومعارضة الاحتجاجات الشعبية ، الم يعلموا ان الدستور يقول ان الشعب هو مصدر السلطات ؟؟اذن لماذا يعترضون على قرارات السيد رئيس مجلس الوزراء وهي تنفيذا لمطالب الهيئة الشعبية العامة ؟ ثم الم تعلموا ايها النواب انكم انما وصلتم الى كراسي البرلمان من خلال الانتخابات واصوات الجماهير الشعبية ؟
لكن الشعب سيظل مثابرا على التواصل للضغط على السلطة التنفيذية لمواصلة الاصلاحات وتجريد المسؤولين الكبار من امتيازاتهم الواسعة ورواتبهم الفلكية … وبضمنهم اعضاء مجلس النواب .