عيون جريدة العالم الحر تخترق سوق الاسلحة بقنا وترصد قنابل ومضاد للطيران فى يدالاهالى
تاجر سلاح: الأسلحة مهربة من الحدود المصرية الليبية.. وأغرقنا الصعيد بمليون قطعة بعد الثورة
مواطنون: هناك قرى عصية على الشرطة والقنابل اليدوية والأر بي جي يستخدمان في المعارك
مصدر أمني: حملات مكثفة لضبط الأسلحة النارية وملاحقة تجارها وحائزيها
“مضاد للطيران “م.ط “، قنابل يدوية، أر بي جي، جيرانوف” أنواع من الأسلحة الثقلية التي بمجرد ذكرها يربط الذهن بينها وبين الحروب فقط دون أن يتخيل عقل أن تصبح تلك الأسلحة بأسمائها الثقيلة كصفتها في يد المواطنين العاديين ببساطة، ولكن في الصعيد لا وجود للمستحيل فانتشار تلك الأسلحة بات من الأمر الطبيعي وغير المفاجئ، واستخدامها في المشاجرات والخلافات بين العائلات جعلتها بالعصي في متناول الجميع، وخاصة محافظة قنا.
حمره دوم، أبو حزام، الهيشة، بنجع حمادي، السمطا ونجع عزوز وأبو مناع وفاو بدشنا، والحجيرات بقنا، قرى انتشرت فيها الأسلحة الثقيلة بشكل كبير، والمسماه بالقرى المستعصاة على الشرطة دخولها بشكل كبير مع صعوبة السيطرة عليها أمنيًا.
تلك القرى والمراكز التابعة لها شهدت خلال الأشهر الأخيرة انتشارًا غير مسبوقًا في معدلات الجريمة، وحوادث القتل والسرقة والخطف تحت تهديد السلاح، حيث تشير التقارير والبيانات الأمنية الواردة من مديرية أمن قنا لنشوب معارك تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، بمعدل شبه يومي، الأمر الذي رفع حالات القتل لأعلى معدلاته منذ سنين، وبحسب المحاضر المحررة بأقسام الشرطة فإن معظم حالات القتل كانت بدافع الثأر والنزاع على ملكية أراضي زراعية، أو الخلاف على حيازة أسلحة ومخدرات بين التجار وبعضهم البعض.
“العالم الحر ” حاولت تسليط الضوء على تلك ارة، لتدق بها ناقوس الخطر، وتثير أسئلة عديدة أبرزها كيف تم السماح لتلك الأسلحة بالدخول للبلاد، والسبل اللازمة للحد من الظاهرة التي أصبحت مثل الوباء الذي استشرى في جسد المجتمع القنائي، وفشل مساعي الأجهزة الأمنية المتعاقبة في الحد منه، حتي أصبح مثل السرطان الذي ينهش في جسد الصعيد.
أسلحة ثقيلة وقنابل
يري حمدي غريب، عامل، أن احتدام الصراع الدموي بين الأهالي، وأسلوب “فرد العضلات” جعلهم يلجئون إلى استخدام الأسلحة الثقيلة، التي لا تستخدمها سوى الجيوش أثناء الحروب، ومن هذه الأسلحة التي دخلت قنا، سواء عن طريق التهريب البحري أو البري، rpg، وهو مدفع مضاد للدبابات، و الهاون، والكلاشينكوف، والبنادق متعددة الطلقات، والقنابل اليدوية، مشيرًا إلى أن الأهالي يرون فوراغ هذه الأسلحة متناثرة في الشوارع عقب انتهاء المعارك الطاحنة التي تشبه إلى حد بعيد حروب العصابات، كما أن لهذه الأسلحة أصوات مفزعة تشعرك بأن هذه العائلات تشن حرب حقيقية.
أمر واقع
يقول محمد عبد الواحد، مزارع، إن انتشار الأسلحة الثقيلة في بعض مدن وقرى قنا أصبح أمر واقعي، ولا يخفى على الجميع، بعدما تم استخدام هذه الأسلحة في المعارك الطاحنة بين العائلات وبعضها البعض، وهناك أسلحة ثقيلة تركت أثار تدميرية في جدران المنازل، وخلفت فوارغ الأسلحة الثقيلة في الشوارع والطرقات، معتقدًا أن الاجهزة الأمنية تعلم بامتلاك بعض العائلات ذات السطوة هذه الأسلحة، ولكنها تعجز في نزعها منهم، وتكتفي بضبط الأسلحة الخفية مثل المسدسات والبنادق الألية.
ويلفت محمود مهدي، مدرس أن تملك الأهالي لهذه الأسلحة بدأ منذ ثورة 25 يناير، وتحديدًا إبان فترة فتح السجون المصرية، وخروج أساطير الأسلحة من محبسهم، وعودتهم لممارسة أعمالهم مرة أخرى في نطاق أكبر وبحرية أكبر بسبب غياب الأمن وقتها، مضيفًا أن الثورة الليبية، تسببت بشكل مباشر في وصول الأسلحة الثقيلة لمصر، عن طريق تهريبها من معبر السلوم، أو الطريق البري الذي كان متاحًا للجميع، مشيرًا إلى أن هناك أشخاص حققوا ثروات طائلة من وراء تجارة الأسلحة الثقيلة التي يتملكها بعض العائلات بغرض إظهار “العين الحمره” للعائلات المنافسة.
قرى الخط الأحمر
“الشرطة متقدرتش تدخل نجوع وقري بعينها وهناك قرى خط أحمر”، هكذا قال أحد المزارعين الذي رفض أن يذكر اسمه في التقرير خشية المسألة القانونية، لافتًا الي أن هناك قرى ونجوع معينة في قنا مثل السمطا، ونجع عزوز، وحمره دوم، وأبو حزام، والحجيرات، ماتزال عصية على الجهات الأمنية، التي خسرت أفراد وضباط في مواجهتها المباشرة مع هذه الأماكن التي أصبحت تمثل خطرًا كبيرًا، بسبب إمتلاكها أسلحة ثقيلة، واستخدمها كسلاح ردع، وورقة أخيرة تلقي بها خلال مواجهتها مع الأهالي أو الشرطة.
الحدود الليبية والسودانية مصدرًا لتهريب الأسلحة
ويروي أحد تجار الأسلحة، والذي أوهمه محرر “ولاد البلد” برغبته في شراء السلاح، عن الطريقة دخول الأسلحة قائلًا، إن الأسلحة تأتي مهربة عن طريق الحدود الليبية والسودانية مرورًا بصحراء إدفو بمحافظة أسوان، وتمر بعدها بالمدقات الجبلية وصولًا إلى محافظات الصعيد وأهمها قنا وسوهاج، وتتركز الأسلحة في قرى بعينها معروف عنها التجارة في ذلك.
وتابع قائلًا، في هذه الأيام هناك تضييق من الأمن على دخول الأسلحة، وسط الضغط الإعلامي والشعبي بضبط الأسلحة ومنع تهريبها بسبب ارتفاع معدل الجريمة في قرى الصعيد، والمعارك التي دارت بين الشرطة ومسجلين خطر بعدة قرى في قنا والتى راح ضحيتها عدد من الضباط والأفراد، وإصابة وتصفية مسجلين خطر.
وأشار إلى أن هناك قرابة 7 تجار للأسلحة كانوا يستلمون ما يقرب من 600 قطعة شهريًا عقب الثورة، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الطلقات والأعيرة النارية بسبب الإنفلات الأمني، حتى وصل عدد الأسلحة المهربة للصعيد قرابة مليون قطعة ثقيلة وخفيفة أهمها المضاد للطيران الذي يتراوح سعره ما بين 80 إلى 120 ألف جنيه، والجيرانوف والأر بي جي.
الأسلحة خطر على البشرية بأكملها
وطالب بركات الضمراني، مدير مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان بقنا، بضرورة مداهمة البؤر الإجرامية والقبض على تجار الأسلحة وحائزيها للقضاء على حالة الرعب التي تهدد حياة المواطنين وأيضًا الأمن.
ووصف الضمراني انتشار الأسلحة بأنها خطرًا على البشرية بأكملها، وأدت إلى زيادة حالات الثأر الذي لا يرحم أحد في الصعيد، مطالبًا الأمن بتنفيذ خطة محكمة للقضاء على هذه الظاهرة ” المستعصية ” حتى يسود الأمن في البلاد، في ظل وجود قيادة حكيمة متمثلة في الرشيس عبد الفتاح السيسي.
حملات مكثفة لضبط حائزي الأسلحة النارية وملاحقة تجارها
وذكر مصدر أمني، بمديرية أمن قنا، أن هناك حملات أمنية مكثفة شنتها مديرية الأمن على مختلف القرى بقنا، وتمكنت من ضبط المئات من الأسلحة وآلاف الطلقات النارية.
وأشار المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، إلى أنه بشكل يومي يتم ضبط عدد من الأسلحة وحائزيها، موضحًا أن هناك خطط أمنية لمتابعة وملاحقة تجار الأسلحة وتضييق الخناق عليهم خاصة في محاولتهم تهريب الأسلحة عبر الحدود.
وأضاف أن الكثيرين شعروا بتحسن الحالة الأمنية بعد ثورة 30 يونيو والقضاء على العديد من البؤر الإجرامية وجاري إعداد خطط محكمة لمداهمة البؤر التي تهدد حياة المواطنين وتشكل خطرًا على الأمن العام بسبب تواجدها وسط الجبال ومتآخمة للزراعات.