كنت أطالع الصحيفة ووجدت رقم هاتف عن مكان للإيجار بنفس العاصمة يبعد ليس كثيرا عن سكني فمن باب الاستفسار ليس إلا .,أتصلت . ووجدت أنه يزيد عن سكني بفارق 50 ريالا . فقلت لن أستأجره ولكن طلبت رؤية المكان . وذهبت وأخبرت أصحاب السكن أنني استطيع دفع 20 ريالا فقط عن سكني وأنني بالفعل في سكن مريح . علي أملا أن يرفضوا . فأحيانا أنا عندما أكون مترددة في الإختيار أتمني عندما يتم رفض الشئ ألا يكون بسببي . وبالفعل رفضوا . وبعد يومين اتصلت لاعرف هل مازال السكن خاليا . المهم بعد الموافقة علي المبلغ الذي عرضته . قررت الذهاب وأمس عندما كنت آخذ آخر أشيائي جاءتني جارتي ذات العشرين عاما والتي تسكن مع امها واخوتها بنفس المنزل . وقالت لي شيئا جعلني أفكر فيه كثيرا فقد كنت الاحظ منذ ان عرفت اني سأترك السكن أنها غير سعيدة. المهم انها جلست وقالت لي وهي تبكي you are Scand mother kawaeb) ). أنتي أمي الثانية كواعب . وهذه العبارة كلما تذكرتها نزلت دموعي . قالتها لي الفتاة الكاثوليكية الديانة والإ نجليزية الجنسية . بالرغم اني لا اعطيها من وقتي ولا أعطيها من مالي ولا اهديها كما يهدي البعض للبعض . هذه الالفاظ اوقظت بداخلي انه لابد أن أتغير نعم انا احبها ولكن ربما ليس بنفس القدر . أستحيت من سلوكياتي التي تحكمها مشاعر ليست ناضجة دائما نقدم خدماتنا حسب الانتماء للمكان واذكر ذلك عندما اتحدث عن البشر مع البشر الآخرين في المطلق وليس عن الأقارب أو صلات الدم فالوضع مختلف ولكنني أتحدث عن تصرفاتنا كبشر فمثلا ونحن في القاهرة نقدم خدماتنا بالاولويه لابنا محافظتنا ونحن في بلد عربي نفضل ان نقدم خدماتنا لأبناء بلدنا المصريين قبل غيرهم من العرب . ونساعد العرب قبل ان نساعد الأجانب . بل وأحيانا نفعل شيئا خطأ ظنا منا أنه هو الأصوب . ومثال ذلك قد يكون أمامي بصفتي مسئول تعيين أحد المديرين وأمامي شخص من بلدي وشخص من بلد أخر فأختار ابن بلدي . او قد يكون شخص مسلم وشخص غير مسلم وقد يكون علي سبيل المثال الغير مسلم لديه كفاءه اكبر وانا اختار المسلم وانا واثق اني بهذا أرضيت ربي ونسيت قوله يا عبادي أني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا . وانني قد أفعل ما حرم ربي ظنا مني اانني أرضيه . نحن فعلا نتبع الهوى في كل شئ . علمتني هذه الفتاة أن فعلا الحب لا يشتري وانها أحبتني بلا مقابل وبلا سبب . وعلمتني أن لا أميز في تعاملي مع الآخرين ان اتعامل معهم من منطلق الإنسانية البحت كما قال الشاعر القنائي عبد الرحيم منصور ( لا يهمني أصلك ولا يهمني العنوان يهمني الإنسان – حدوته مصرية ) وأذكر موقف من عشرين سنه قابلت زميلة لي كانت واختها التؤام معنا في الفصل الدراسي من اعدادي وحتي الثانوية العامة . فسألتها عن أختها فقالت لي ( خلاص أترسمت راهبة ) فأستوقفني اللفظ فسألتها يعني أيه أترسمت ؟ فقالت انها تعتزل العالم كله خارج الدير حتي لا تشتاق إلي أهلها وحتي يصبح كل العالم الخارجي من البشر كأنهم شخص واحد لا فرق عندها بين أمها أو أختها وبيني مثلا . وذلك نوع من الجهاد النفسي أنا شخصيا لا أستطيعه . ولكن ما استطيع وما أريد أن يقدرني الله عليه أن اتعامل فعلا مع البشر من منطلق الإنسانية البحتة . أيا كانت جنسياتهم وانتماءاتهم . وبلادهم وديانتهم . وذلك في التعامل مع البشر العامة . أما طبعا الأصدقاء والأهل فالله هو الذي سخر لهم القلوب . والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء . وديننا عندما جاء جاء ليقول لنا ان نعامل كل البشر من منطلق واحد بالعدل .فهو اسم الله العظيم . العدل قبل الحب وقبل الكراهية وقد قال تعالي ( ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا أعدلوا هو أرب للتقوي ) صدق الله العظيم ورسولنا اوصانا بحسن المعاملة مع الكافة دون تمييز لأي سبب .