كتبت / سماء كمال
قالوا قديماً: الشيطان يمنّيك بالمفقود، لتكره الموجود، ويظل الإنسان باحثًا عن هذا المفقود وإن وجده لم يزده إلا عطشاً لما هو مفقود. ويبقي في دائرة لاتنتهي، ينظر فقط لنصف الكوب الفارغ، منتظر في شغف أن يمتلئ، ولكنه أبداً لن يمتلئ، أتدرون لماذا؟؟
لأنه بالفعل ممتلئ!!
قد يتصور البعض أن السعادة في إكتناز المال ليشعر بالأمان، أو بعض الدرجات والترقيات العلمية ليعوضه عن الحرمان، أو فتاة جميلة تحلم بالزفاف والإستقرار وكأنه الخلاص!!
والبعض الآخر يحلم بتذكرة ذهاب بلا عودة إلى كوكب اليابان!!!!
فتمر بنا السنون مابين ضيق وهموم، حتي يكبر الصغار، ويهرب منا الشباب والطاقة والحيوية، ويتخلل الشيب الرأس ثم نجلس في حسرة على مافات، حيث لاينفع الندم!!
ولكن أعزائي لماذا كل هذه المناحة؟؟
السعادة أبسط من ذلك بكثير!!
قال (صلى الله عليه وسلم): «من بات آمنًا فى سربه معافى فى بدنه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها»
فالسعادة، أمن، عافية، قوت يوم، والرضا بما لديك لا بالبكاء على ما تريد.
السعادة أن تعيش في الحاضر فترضى بما قسمه الله لك، تاركاً خلفك ركام الماضي، والخوف من المستقبل، ومن ثم البحث والسعى والطموح في سلام دون قلق أو تذمر.
فلماذا نترك اللحظات الجميلة تمر من بين أيدينا دون أن نلتفت لها غير بالشكوى والإحباط؟؟!! لماذا أنت دائم الإنتظار لنص الكوب الفارغ؟؟
عفواً .. الكوب طلع مليان!!!
نصفه ماء والاخر هواء!!
تخيل حياتك في حوض زجاجي ممتلئ بالماء دون الهواء.
هل ستستطيع التنفس؟؟ هل ستسعد بالحياة؟؟ هل سيغنيك الماء عن جرعة أوكسجين تبقيك على قيد الحياة؟؟
فإن كنتِ عزيزتي تشتكين من هموم الأولاد ومشاكلهم، فتذكري أنها مرحلة، وأعوام قليلة وسيكبرون وستشتاقين إلى يومٍ من أيامهم وهم تحت جناحك.
وإن كنتِ تنتظرين زوج ينقلك إلى عالم أخر يحقق لكِ كل أمالك فاستيقظي وابحثي عن نفسك أولاً، فسعادتك لن تجديها إلا داخلك أنتِ فقط.
وأنت يا من تبحث عن كوكب أخر يحتضن أمالك وأحلامك، كنّ أنت التغيير الذي تحب أن تراه على هذا الكوكب. فهل أنت راضي عن نفسك وتصرفاتك وسلوكك؟؟
الطموح حلمٌ مشروع، ولكن امتّن لما أنت عليّه، وابدء من حيث أنت، واستمتع بكل لحظات حياتك كما هي، واعلم أن الحياة محطات، فلربما تشتاق غداً لمحطة ضاعت من بين يديك دون الإنتباه إليها.
عزيزي الإنسان، إفتح عينيك وغيّر نظرتك للحياة، إسعد بالماء واستنشق الهواء، واكسر قيودك وانطلق للسماء.