اسليدرمقالات واراء

طوب ابو خزامة

كتب : لفته عبد النبى

والطوب مدفع دخل الارض العراقية في زمن السلطان مراد الرابع العثماني ، وبعد ان غادر العراق تركه في بغداد . وبعد مرور فترة من الزمن اصبح هذا “الطوب ” معلما يتبرك به البعض من العوام ، علما ان هذا لم يكن سوى آله من الآلات التي استخدمها الجيش العثماني المحتل لارض العراق . وفي هذا الصدد يقول الاستاذ الكبير الدكتور علي الوردي في موسوعته المعروفة ” لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ” عن ” طوب ابو خزامة ” ما يلي :
كان السلطان مراد عند مغادرته بغداد قد ترك فيها احد مدافعه الثقيلة ليوضع عند باب ” القلعة ” وقد صار هذا المدفع في نظر العامة من اهل بغداد _ لاسيما السنيين منهم _ شبه مقدس ، تنسب له الكرامات وتنسج حوله الاساطير . اطلق اهل بغداد على المدفع اسم ” طوب ابو خزامة ” ويعزى سبب التسمية الى وجود خرق صغير في فوهة المدفع كانه منخر ، وتقول الاساطير الشعبية في تعليل الخرق ان المدفع كان في السماء عند حصار بغداد وان الله امر جبرائيل ان ينزل الى الارض لمساعدة السلطان مراد على فتح بغداد ، فنزل به جبرائيل يقوده من منخره . وهناك اساطير اخرى يتناقلها اهل بغداد حول هذا المدفع ، منها ان الاسماك التسع المنقوشة على جانبيه كانت قد لصقت به عند اجتيازه ” بحر القدرة ” اثناء نزوله من السماء . ومنها ان المدفع عند استقراره في الارض اخذ يلتقف التراب ويحوله بقدرة الله الى قنابل يقذف بها العدو .
ومن الاساطير الشعبية ان السلطان مراد غضب ذات يوم على المدفع فضربه بقبضة يده ولا يزال اثر الضربة باقيا فيه مما يدل على مبلغ قوة السلطان ، ويحكى ايضا ان المدفع نفسه انتابه الغضب – ربما من جراء ضربه السلطان له – فرمى بنفسه الى نهر دجلة مما اضطر السلطان الى ان يسحبه من منخره ويعود به الى الشاطيء . وصلت الاساطير حول كرامات “طوب ابو خزامة ” الى حد صارت النساء يتبركن به وينذرن له النذور ويربطن به الخيوط على منوال ما يصنعن في المراقد المقدسة . وجرت العادة في بغداد ان بؤتى بالمولود الجديد في يومه السابع فيطاف به حول المدفع ويدخل رأسه في فوهته ثلاث مرات . وظلت هذه العادة جارية حتى عهد متأخر مما اضطر السيد محمود شكري الالوسي في آخر العهد العثماني ان يكتب رسالة في شجبها عنوانها ” القول الانفع في الردع عن زيارة المدفع ” .
* عن كتاب ” مباحث في الادب الشعبي “للباحث لفته عبد النبي الخزرجي .

زر الذهاب إلى الأعلى