متبعة – رياض حجازي
ظل حلم فتح الأندلس حلمًا يخالج صدور المسلمين؛ وفكرة قديمة لم تغب عن أذهانهم منذ أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان (رضي الله عنه)؛
فقد كان قائده عقبة بن نافع دائم التفكير في إجتياز المضيق إلى شبه الجزيرة الإيبيرية -إسبانيا والبرتغال حاليًا-
وبعد مرور السنوات استطاع القائد موسى بن نصير بعد جهود جبارة لنشر الإسلام في المغرب الأقصى وحملات جهادية منظمة أفضت إلى السيطرة على جميع شمال إفريقيا من برقة إلى المحيط الأطلسي أن يصبح سيد إفريقيا دون منازع؛
مما شجعه أن يفاتح الوليد بن عبد الملك (86-96 هـ) في فتح الأندلس ..
وقد تردد الخليفة الأموي بالإقدام على أمر كبير كهذا في بادئ الأمر، خوفًا على المسلمين من المخاطر والوقوع في المهالك،
إلا أن موسى بن نصير استطاع أن يقنع الوليد وتم الاتفاق بينهما على أن يسبق الفتح حملات إستطلاعية تختبر كيفية وإمكانية فكرة الفتح من عدمها حرصًا على سلامة المجاهدين ..
نفذ موسى أوامر الوليد بأن جهز حملة استطلاعية مؤلفة من خمسمائة جندي بقيادة طريف بن مالك، وهو مسلم من الأمازيع فنزل على جزيرة في الجانب الإسباني ما زالت تحمل اسمه إلي يومنا هذا، فدرس أحوال المنطقة وتعرف على مواقعها وتضاريسها وكانت هذه المعلومات عونًا في وضع خطة الفتح ونزول القائد المظفر طارق بن زياد على جبل طارق الذي حمل اسمه أيضًا،
وقد كان لنجاح فكرة الوليد الإستطلاعية فضلًا كبيرًا بما حملته من أخبار مطمئنة ومشجعة على إصرار الجميع على إتمام عملية الفتح ..
وعلى يد صاحب خطة الفتح موسى بن نصير، ومنفذها طارق بن زياد وبتشجيع من الوليد اكتملت الملحمة وتم فتح الأندلس دُرّة الفتوحات الإسلامية ..
ولما كتب موسى بن نصير والقادة الآخرون إلى الوليد يبشرونه بالفتح أمر على الفور بضرب العملة الإسلامية على الفور في الأندلس،
وأمرهم بالعمل على نشر الدعوة إلى الله وتعليم الناس حقيقة الإسلام ومبادئه وأوصاهم أن يكون اعتمادهم الرئيسي في الدعوة إلى الإسلام هو أخلاق الفاتحين ..
أخلاق الفاتحين التي أفرزت حضارة إسلامية استمرت لمدة ثمان قرون على تلك الأرض، وكانت نبراسًا تهتدي به أوروبا في عصورها المظلمة؛
وبرغم سقوط دولة المسلمين في الأندلس إلا أن حضارتهم أبت أن تغادر وإن رحل أصحابها،
بقت شامخة تأبى أن تتوارى خلف صفحات التاريخ الغادرة،
ظلت باقية رغم محاولات الطمس والتشويه التي طالتها !!
.
المصدر
ذكرى سقوط الخلافة
تاريخ اسلامي