متبعة – رياض حجازي
.
“لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”
هكذا كانت نبوءة رسول الله (عليه الصلاة والسلام ) نبراسا لكل القادة من بعده يضيء لهم طريق الفتوحات،
وهكذا كان الحلم حاضرًا في أذهانهم لا يفارق مخيلتهم،
وأي شرف ينالوه بعد شرف أن يحفر اسم أحدهم بحروف من ذهب في سنة رسول الله.
لكن الدرب لم يكن أبدًا سهلًا، لم يكن الطريق إلى مدينة هرقل مفروشا بالورود، لكن ذلك لم يثن أيا ممن حاولوا ولم يفت في عضدهم،
حاول معاوية -رضي الله عنه- وأرسل جيشا ليحاصر المدينة لكنه عاد دون أن يفتحها ودون الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري،
بعدها بخمسة عقود أقسم سليمان بن عبد الملك ألا يعود إلى دمشق إلا فاتحًا، فلم يكتب له الله العودة ومات بعيدا عن دمشق وعاد الجيش قافلًا، مر تسعون عاما حتى حاول هارون الرشيد مرة أخرى، ثم انتظر المسلمون ثلاثة قرون حتى أتى ألب أرسلان ليستكمل الطريق.
ثم جاء العثمانيون، جاءوا ومعهم الحلم، جاءوا ولم يتوانوا لنيل هذا الشرف، حاول الصاعقة بايزيد وكان قاب قوسين أو أدنى من فتح المدينة لولا تيمورلنك،
ثم حاول مراد الثاني لكن المجد كان ينتظر سلطانًا شابًا لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره ليسطر اسمه في أنصع صفحات التاريخ الإسلامي في أوروبا، لقد فعلها محمد بن مراد، لقد فعلها الفاتح.
لذلك بدا أن فتح القسطنطينية هو أحد أوراق قبول العثمانيين في سجل شرف الخلافة،
كانت إسطنبول هي مدخل الإسلام إلى أوروبا والذي بفضله استحق العثمانيون أن يحملوا لواء الإسلام ورايته فيما بعد،
بدا ذلك واضحا في ردود أفعال العالم الإسلامي كله بعد انتصار الفاتح ، فبعد أن منّ الله عليه بفتح القسطنطينية أرسل الفاتح إلى حكام بلاد المسلمين وإلى القاهرة مقر الخلافة العباسية ليخبرهم نبأ هذا الفتح العظيم ،
فملأت تكبيرات المسلمين أرجاء الكون، وأذيعت البشائر من منابر المساجد وأقيمت صلوات الشكر وزينت المنازل والدكاكين والحوانيت، وعلقت على الجدران والحوائط الأعلام والزينة والأقمشة المزركشة بألوانها المختلفة وعبارات النصر .
يقول ابن إياس صاحب كتاب بدائع الزهور عن أثر واقعة الفتح على المحروسة: “فلما بلغ ذلك، ووصل وفد الفاتح، دقت البشائر في القلعة، ونودي في القاهرة بالزينة، ثم أن السلطان عين برسباي أمير آخور ثاني رسولًا إلى ابن عثمان ليهنئه بهذا الفتح” …
.
المصدر
ذكرى سقوط الخلافة
تاريخ سلامي