ضعف قبضة النظام الإيراني وسط انتكاسات إقليمية وانهيار شبكة مخدرات

بقلم: حسن محمودي كاتب وباحث إيراني
يمكن القول إن هذه الأيام من أحلك أيام نظام الملالي الإيراني في السنوات الأخيرة. فقد عانى مبدأ “العمق الاستراتيجي” الذي طالما روّج له المرشد الأعلى علي خامنئي من انتكاسات متكررة، وتتسع الانقسامات الداخلية داخل النظام، ووصل الانهيار الاقتصادي الإيراني إلى نقطة تحول حرجة.
والآن، تواجه طهران ضربة أخرى: تفكك شبكتها الإقليمية لتهريب المخدرات، لا سيما بعد فقدان نفوذها في سوريا – التي كانت حتى وقت قريب أكبر منتج ومصدر للكبتاغون في العالم.
دور سوريا في الإمبراطورية الإيرانية غير المشروعة
خلال العقد الماضي، برزت سوريا كمركز رئيسي لإنتاج الكبتاغون. وفي ظل حكم بشار الأسد، ارتفعت صناعة وتهريب هذا المنشط الشبيه بالأمفيتامين ارتفاعًا هائلاً، محققةً عائدات سنوية تُقدر بعشرة مليارات دولار خلال الفترة 2018-2019. وارتبط جزء كبير من هذه التجارة بنظام الأسد وحلفائه، بمن فيهم حزب الله وإيران.
لم يكن إنتاج وتهريب الكبتاغون مجرد أدوات للبقاء الاقتصادي، بل أصبحا أدوات للسيطرة الإقليمية. واستخدمت إيران وحزب الله البنية التحتية لتهريب ليس فقط المخدرات، بل أيضًا الأسلحة والأموال والوقود عبر الحدود التي يسهل اختراقها.
حكومة جديدة، اتجاه جديد
بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول، اتخذت الحكومة السورية الجديدة إجراءات حاسمة لتفكيك هذه الشبكة غير المشروعة. وتجري حاليًا حملة شاملة، لا سيما على طول الحدود الممتدة على طول 375 كيلومترًا مع لبنان، والتي كانت في السابق شريانًا رئيسيًا لعمليات التهريب التي يقوم بها النظام الإيراني.
في مدينة القصير، القريبة من الحدود اللبنانية، كشفت القوات السورية عن 15 مصنعًا للكبتاغون كانت تُدار سابقًا من قِبل حزب الله وموالين للأسد. كما استولت على مخزونات كبيرة من الصواريخ والطائرات العسكرية بدون طيار وذخائر أخرى إيرانية الصنع، مما أدى فعليًا إلى تفكيك مستودع أسلحة بحجم 50 ملعب كرة قدم.
وفي مدينة القصير، القريبة من الحدود اللبنانية، كشفت القوات السورية عن 15 مصنعًا للكبتاغون كانت تُديرها سابقًا عناصر من حزب الله والأسد. كما استولت على مخزونات كبيرة من الصواريخ والطائرات العسكرية بدون طيار وذخائر أخرى إيرانية الصنع، مما أدى فعليًا إلى تفكيك مستودع أسلحة بحجم 50 ملعب كرة قدم.
انهيار إمبراطورية التهريب
على مر السنين، أُنشئت العشرات – إن لم يكن المئات – من منشآت إنتاج وتهريب المخدرات في جميع أنحاء سوريا، وخاصة في منطقة القلمون وجنوب سوريا بالقرب من الحدود الأردنية. وكثيرًا ما كانت هذه المواقع خاضعة لسيطرة عناصر حزب الله وعملاء إيرانيين.
وكان معبر نصيب/جابر الحدودي بين سوريا والأردن من أهم ممرات التهريب. وقد تأثر بشدة بالفرقة الرابعة السورية وحزب الله، وكان بمثابة قناة رئيسية لنقل المخدرات والأسلحة. كما أتاحت طرق سرية إضافية – تتراوح بين مسارات البغال وممرات الطائرات المسيرة – ازدهار شبكة تهريب معقدة ومتكيّفة.
الإرهاب المُمَكَّن بالجريمة
لم تكن هذه البنية التحتية الإجرامية مجرد شريان حياة مالي، بل وفّرت لإيران وحزب الله منصة سرية لتحقيق أهدافهما الاستراتيجية. وأُعيد استخدام طرق التهريب لتهريب الأسلحة إلى الأردن وإلى مناطق أبعد في الضفة الغربية، مما عزز الجماعات المسلحة وزعزع استقرار المنطقة.
ونُسِّقت هذه العمليات من قِبَل قوات النخبة الإيرانية، بما في ذلك الوحدة 840 من فيلق القدس والفرع 4000 من جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، وكلاهما مسؤول عن تنفيذ طموحات طهران العسكرية السرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
مع طيّ سوريا صفحة الماضي وشنِّها حملةً صارمةً على الاقتصاد غير المشروع الذي كان يُثري النظام الإيراني ووكلائه، يضعف نفوذ طهران الإقليمي بشكل واضح. في ظلّ الضغوط التي تُمارَس على شبكاته الاستراتيجية والاقتصادية، والآن الإجرامية، يواجه النظام في إيران ضغوطًا داخلية وخارجية متزايدة، مما يجعل هذه الأيام ربما أسوأ أيام الملالي منذ عقود.