كيف يمكن للمرأة السورية الأحتفال بعيدها العالمي وهي تقف في مرمى أستهداف طائرات النظام الأسدي وحلفائه في الغوطة الشرقية ؟؟
وعلى نحو مماثل ، من يتحلى بالشجاعة والغباء في الوقت نفسه لإيصال بطاقة تهنئة باليد باليوم العالمي للمرأة لنساء الغوطة الشرقية وهن متواريات داخل أقبية مظلمة تحت الأرض هربا من الموت ؟؟
في الثامن من مارس/آذار من كل عام – منذ أكثر من مائة عام – يحتفي العالم بأكمله بيوم المرأة العالمي.. نظراً للأشواط الكبيرة التي قطعتها نساء العالم على مدى التاريخ .
وفي حين تنشغل نساء العالم بالتجهيز لقضاء عيدهم بشكل لائق يوازي أهمية هذا اليوم ، وبعيدا عن القاعات الفارهة وخارج صالونات تصفيف الشعر فمازالت المرأة السورية وبلا منازع تستحوذ على لقب السيدة الأولى منذ بداية الصراع الدموي في سورية ، فهي الأم والأب والطبيبة والمعلمة وصانعة الأمل في أوقات تتشابه مع تصوراتنا ليوم القيامة حيث أئنذاك يفقد الأمل بالنجاة فالجميع محكوم عليه بالموت .
وبينما تنتظر نساء العالم اليوم تلقي الهدايا وبطاقات المعايدة ، وفي الطرف المظلم من الكرة الأرضية وبالتحديد من الرقعة السورية حيث كشفت تلك الأزمة الساخنة عورة العالم الذي أجمع بجواز أستمرار القتل العشوائي للشعب السوري وتحت أنظار العالم ، تقف المرأة السورية المناضلة أمام محكمة العدل والأنسانية دون كسبها حكم عادل وملزم بأنصافها ومنحها أبسط الحقوق !!
وبناءا على ذلك وتفاعلا مع القرارات الدولية فيما يخص الأوضاع العربية المتازمة ينبثق السؤال التالي .. هل مسموح للمرأة العربية بالمفهموم العام والمرأة السورية على وجه الخصوص بتجاوز بضع أشواط وأن كانت تلك الأشواط محدودة الأفق في مجالات التحرر والأبداع ، في ظل محاولاتها البائسة التمسك بأغصان الحياة المتأكلة ؟؟
ولسخرية القدر وبشاعة المشهد ، يهنأ القاتل بوتين نساء العالم بعيدهم العالمي بينما تقصف طائراته النساء السوريات إينما حلت رحالهم ؟؟
حيث هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين النساء بمناسبة 8 مارس “يوم المرأة”، مشيرا إلى قدرتهن على الصفح وحبهن الأمومي اللامنتهي، وقرأ في هذه المناسبة سطورا من قصيدة شعر لأجلهن .
وشأن المذكور كشأن الطبيب لاري نصار الذي يعمل ضمن فريق الجمباز الأمريكي والمحكوم عليه بالسجن لمدة 175 عام بسبب أعتدائه الجنسي على مايقارب 265 لاعبة جمباز ، وعندما كان الضحايا يقصون تفاصيل الأعتداء عليهم ذرف المجرم نصار بضع دموع خبيثة تعبيرا منه عن أحساسه بالذنب ، وحال الدموع هنا كحال أبيات الشعر الروسي ؟؟
فلا الدموع ولا أبيات الشعر من شأنها أطفاء نيران الضحايا الأبرياء . وأجد من الأنصاف والعدل معا تسمية اليوم العالمي للمرأة بيوم المراة السورية الشجاعة ، وليشهد سكان العالم على بطولات النساء السوريات اللواتي كنا أسيرات الأعتقال أو الخطف أو الموت أو الأعاقة أو حتى العنف الجنسي ، وعلى الرغم من كل ذلك ماتزال تلك النساء يرسمن الأبتسامات الراضية على وجوههن لتقاومن بها برائن الموت وتفضح دموية المجتمع الدولي .
كما وتسبب القتال الدائر في المنطقة في مقتل أكثر من 860 شخص في الأسابيع الأخيرة ، العديد منهم أطفالا ، وكان الدفاع المدني قد أفاد بوقوع حالات اختناق بين المدنيين إثر قصف بغازات سامة استهدف الأحياء السكنية في بلدتي سقبا وحمّورية ، مما أسفر عن اندلاع حرائق كبيرة في الأبنية السكنية .
وشنت مقاتلات روسية غارات مكثفة على عدة مناطق بالغوطة الشرقية فجر اليوم -وفق ما أكد الدفاع المدني السوري- بينما عاودت قوات النظام قصفها بالفوسفور الحارق مدينة حمورية ، وسط توعد فرنسي بالرد حال ثبت استخدام الكيميائي في سوريا !!
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر “إرجاء” قافلة المساعدات الإنسانية التي كان من المفترض أن تدخل الخميس إلى الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، نظرا لتعرضها لقصف عنيف من قبل النظام السوري .
وتستمر قوات النظام منذ 18 شباط/فبراير بالقيام بحملة عنيفة على مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية ، يتخللها قصف جوي وصاروخي ومدفعي كثيف .
الموت يطرق أبواب المسلمين في أنحاء العالم فيما يتظاهر المجتمع الدولي بالعمى والصمم إزاء المشاهد الدموية والأستغاثات العاجلة ؟؟
لعل واقع المنظمات الدولية الهزيل والتي تمارس أزدواجية مشينة بالتعاطي مع الأزمات الأنسانية هي من فتحت المجال أمام تعريض السلام العالمي للخطر ، وتزايد أعمال العنف وتنامي الحركات التي تعتبر العنف وسيلة وحيدة وفاعلة للتغيير ، وبالشأن السوري وخاصة فيما يتعلق بأزمة الغوطة الشرقية الأن ، صدرت عدة قرارات دولية بشأن تطبيق هدنة أنسانية عاجلة ولمدة ثلاثين يوم ولكن لم تجد تلك القرارات أذان صاغية لدى النظام السوري وحليفه الروسي ؟؟
مما يشي عن رغبة جامحة لأعضاء تلك المنظمات والدول التي تقف خلفها بضرورة قتل ماتبقى من مواطني الغوطة الشرقية وبالسرعة القصوى !!
فهم ليسوا أوروبيون أو أمريكيون بالأضافة إلى أمر بالغ الأهمية بأنهم شعوب مسلمة ينبغي القضاء عليهم .
وبطبيعة الحال ، فالموت واحد وبينما تختلف اللغة والعادات بين سكان الغوطة الشرقية وبين مواطني الروهينغا في ميانمار ولكن الموت أعلن دعوة أولئك الضحايا إلى أجتماع عاجل حول مائدته العفنة ، وسبب الدعوة هو أعتناقهم الديانة الأسلامية .
وفي حين لم يجرأ المفوض السامي لشؤون اللاجئين _ الأردني زيد بن رعد الحسين _ بتوجيه أصابع الأتهام للدول الغربية بتميزها العنصري بين الضحايا المسلمين وغير المسلمين ، والسبب هو مكانة المفوض السامي دوليا وعدم أمكانية تجاوزه المحظورات الدبلوماسية !!
وصدق المفوض السامي لشؤون اللاجئين عندما قال أمام مجلس حقوق الإنسان الأسبوع الماضي إن القمع والدولة البوليسية قد عادا من جديد، وإن قيمة الحياء في تراجع في كل العالم ، ونحن هنا ننوه بأن ذلك التراجع يشمل العالم الأسلامي فقط !!
وأشار الحسين إلى اقتراح فرنسي بعدم استخدام حق النقض في الحالات التي يحدد الأمين العام للأمم المتحدة أنها تتعلق بالإبادة ، أو الجرائم ضد الإنسانية ، أو جرائم الحرب واسعة النطاق ، وأيدت هذا الاقتراح أكثر من 115 دولة ، وعارضته الصين وروسيا وأميركا !!
عزيزي القارىء ، دائما مايجد القاتل مبرر لقيامه بجرائمه تحت أنظار القانون ، ومجتمعنا ينصف القاتل مرة بعد مرة ، وفساد المجتمع يولد فساد السلطة . ومن هنا ، وكما يبرر الأسد قصفه الغوطة الشرقية بوحشية يقول جيش ميانمار إنه يستهدف مسلحين من الروهينجا وينكر استهدافه مدنيين في ولاية راخين !!
وأيضا ، وكما توالت التقارير عن حجم الخسائر البشرية كزخ المطر على رؤوس متزعمي المجتمع الدولي دون قيامهم بتحركات توقف شلال الدم بالغوطة الشرقية ، تزاحمت التقارير الواردة من ميانمار حول الفظائع والمجازر بحق أقلية الروهينغا المسلمة وبلا أي جدوى !!
فقد صرح مسؤول حقوقي بالأمم المتحدة ، الثلاثاء ، إن ميانمار لم تتوقف عن حملات التطهير ضد أقلية الروهينجا المسلمة ، في ولاية راخين .
ويأتي تقييم أندرو غيلمور، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان ومبعوث المنظمة الدولية، لما اعتبره “حملة مستمرة من الإرهاب والتجويع القسري”، بعد ستة أشهر من حملة عسكرية أسفرت عن هجرة جماعية للروهينجا .
وختاما ، إلا تتفق معي عزيزي القارىء ، بأن المسلمين مستهدفين داخل أراضيهم وخارجها من قبل المجتمع الدولي ؟؟
ومن خارج حدود الوطن العربي المحكوم عليه بالموت والهلاك ، ومن داخل حدود الدول الغربية التي تتبجح بتطبيقها العملي لحقوق الأنسان ، فلتقرأ التقرير التالي الصادر في العام الماضي والمتعلق بكيفية تعامل تلك الدول مع المواطتين المسلمين ..
فقد أفاد تقرير أعدته منظمة العفو الدولية بأن «مجموعة كبيرة من القوانين الجديدة لمكافحة الإرهاب في أنحاء أوروبا تنطوي على تمييز ضد المسلمين واللاجئين ، وتنشر الخوف والشعور بالغربة لدى هؤلاء» ، وأطلقت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان جرس الإنذار بسبب إجراءات أمنية تبنتها 14 دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي خلال العامين الماضيين تتعلق بالمسلمين !!