قصة قصيرة بقلم – رهام علوي
إشراقة صباح عقبت ليلة من الليالي الملاح. استيقظت نور على نسمة من نسائم الهواء العليل تداعب خصلات شعرها الكستنائي الطويل. قضت ليلة أمس في سعادة غامرة تجعلها تنظر إلى نهار اليوم نظرة متفائلة. ما تلقته من ثناء وإطراء ليلة أمس أكسبها طاقة إيجابية ربما يمتد مفعولها طويلا. كانت ليلة أمس من أسعد الليالي التي مرت بها. إنها الليلة التي حققت فيها أول نجاح لها في مجال العمل. ذلك العمل الذي يمثل بداية جديدة اختارتها لنفسها. كان والدها يمتلك شركة تعمل في مجال استيراد قطع غيار السيارات. قضت العشر سنوات السابقة – منذ تخرجها – وهي تعمل معه في تلك الشركة. لم تحب عملها هناك يوما. لم يكن يستهويها على الإطلاق. كانت تعمل هناك بدافع مساندة الأهل وحتى تتمكن من إدارة الشركة عن دراية في حالة وفاة والدها. ولكن وبعد ما حدث من تطورات أخيرة تبدو محزنة إلا أن نهايتها كانت مبهجة لها. استطاعت نور أن تحقق ما كانت تصبو إليه منذ اجتيازها مرحلة الدراسة الجامعية. منذ ما يقرب من شهر تغيرت ملامح حياتها هي وأسرتها تماما. تعرضت شركة استيراد قطع غيار السيارات لضائقة مالية وتراكمت عليها الديون. ترتب على ذلك إنهاء عمل الشركة ، وإشهار إفلاسها ، وبيع أغلب ممتلكات العائلة للخروج من ذلك المأزق. كانت تلك نهاية الشركة ونشاطها التجاري. لكنها كانت تمثل بداية جديدة لنور. ما حدث كان مفتاحا أغلق بابا من أبواب الحياة لكن المفتاح ذاته كان مفتاحا يصلح لفتح باب آخر حيث استغلت نور ما تبقى من ممتلكات بالبيع واشتركت مع أصدقاء لها – شاركوها في حلمها القديم – وأسست شركة تنظيم حفلات وأفراح. كونها تهوى هذا العمل كان سببا في تميزها فيه بشكل سريع وملحوظ. لم يخلو عالمها من أصحاب عبارات: – ليس لديك خبرة في هذا المجال. لابد أن الفشل سوف يكون حليفك الأول. – قضيت عمرك في مجال آخر. إنها مخاطرة أن تبدئي في تجربة جديدة بعد مضي كل تلك السنوات. لقد فات الأوان. ولكنها خاضت التجربة. كان أمس الموعد الذي أقيم فيه أول حفل قامت شركتها بتنظيمه على الوجه الأكمل. وكان تنظيمه محط إعجاب وتقدير من كل من كان هناك. لم يتوقف بريدها الإلكتروني – الخاص بالشركة – بعدها عن تلقي طلبات عديدة لإقامة حفلات وأفراح.