كتب لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل
ودع هريرة ان الركب مرتحل ………. وهل تطيق وداعا ايها الرجل ؟
تساؤل مشروع يقذفه الشاعر بقوة الجناسات ولهيب المفردات في لامية اخذت طريقها بترحاب وسلاسة لتدخل في عداد المعلقات الشعرية المشهورة في شعر الجاهلية المتأخر .
الاعشى الاكبر ، ولد في اليمامة عام 530م ، وتميزت نشأته بالمجون والخمرة والشعر . شاعر متكسب ، دخل قصور الملوك ونادم الامراء ، تجول في الحجاز واليمن ، امتاز بصولة لسانه ، حتى وصف “انه ما مدح احدا الا رفعه ، ولا هجا احدا الا وضعه ” . ومثال ذلك ان الكلابي المحلق ، اكرم الاعشى ، وكان هذالرجل ذا بنات عوانس ، فمدحه الاعشى بقصيدة .. رفعت من مكانته واذاعت صيته ، ونتج عنها تزويج بناته .
ديوان الاعشى ” ابو بصير بن قيس البكري ” ، نتعرف من خلاله على شعر المديح والغزل والوصف ومعاقرة الخمرة ، وقد حظيت قصيدته اللامية والتي وردت ضمن معلقته ، باهتمام كبير وخاصة من المستشرقين ، مع ما قيل فيها من قبل الباحثين العرب .
يقول الاستاذ حنا الفاخوري ” في شعر الاعشى جاذبية لم نعهدها لغيره من شعراء الجاهلية ، ومن عوامل تلك الجاذبية ما هنالك من انسجام رقراق ، ومن اندفاق يجمع اللين الى الشدة ، والسهولة الى المتانة ، ومن موسيقى استحقت لصاحبها لقب ” صناجة العرب ” ، ومن الفاظ عذبة واساليب في التعبير تجمع الصفاء والطبيعة الى تلاعبات لفظية كلها عذوبة واناقة” :
فكلنا مغرم يهذي بصاحبه ………….. ناء ودان ، ومخبول ومختبل
اما في الغزل فانه شاعر لايبارى ، يرسم لوحات فنية غاية في الابداع :
غراء ، فرعاء ، مصقول عوارضها ….. تمشي الهوينا ، كما يمشي الوجي الوجل
كأن مشيتها من بيت جارتها ……. مر السحابة ، لا ريث ولا عجل
انه شعر التألق اللغوي والابداع في الوصف ، ورنين الموسيقى ، وترانيم الشوق ، وعذوبة القوافي .
هذا هو الاعشى .. ضعيف البصر .. لكنه قوي الفطنة .. رصين العبارة .. ناعم المفردة ..
قالت هريرة ، لما جئت زائرها …. ويلي عليك ، وويلي منك ، يا رجل
وقد غدوت الى الحانوت يتبعني … شاو مشل شلول شلشل شول
توفي الاعشى في العام 629م .