أخبار مصراستغاثة المواطنيناسليدر
مسؤولية الحكومة المصرية في حل مشكلات قانون الإيجارات الجديد: نحو تعويض عادل وحفظ الحقوق دون إخلال بالعقود
بقلم" أحمد فتحي رزق

مسؤولية الحكومة المصرية في حل مشكلات قانون الإيجارات الجديد: نحو تعويض عادل وحفظ الحقوق دون إخلال بالعقود
تمر مصر بمرحلة حرجة فيما يتعلق بقانون الإيجارات القديم والجديد، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بحلول عادلة تحفظ حقوق جميع الأطراف، سواء الملاك أو المستأجرين، دون المساس بقوة العقود القانونية المحررة سلفًا. وتقع على عاتق الحكومة المصرية مسؤولية كبيرة في إيجاد توازن بين مصالح الملاك والمستأجرين، مع ضمان عدم الإضرار بالنسيج الاجتماعي أو تحويل القضية إلى مجرد تحصيل ضرائب وعوائد مالية دون اعتبار للعدالة الاجتماعية.
الحفاظ على قوة العقود وسيادة القانون
أولى مسؤوليات الحكومة هي احترام العقود المبرمة بين الملاك والمستأجرين بموجب القانون القديم، والتي تعتبر وثائق ملزمة قانونًا وأخلاقيًا. لا يجوز للحكومة إصدار تشريعات جديدة تلغي هذه العقود أو تعدلها بشكل تعسفي، لأن ذلك يُضعف ثقة المواطنين في النظام القانوني ويشكل سابقة خطيرة قد تؤثر على الاستثمارات والعقود في جميع المجالات.
الحل الأمثل يكمن في:
تفعيل آلية تعويضية عادلة للملاك الذين ظلوا لسنوات طويلة يحصلون على إيجارات زهيدة بسبب القوانين القديمة، مع ضمان عدم إرهاق المستأجرين القدامى بإيجارات السوق الحالية دفعة واحدة.
التدرج في تطبيق الإصلاحاتت عبر تحويل العلاقة بين المالك والمستأجر إلى عقد جديد يتناسب مع الأسعار الحالية، لكن بآجال زمنية ومساعدات مالية للمستأجرين غير القادرين.
تجنب التمييز بين الفئات الاجتماعية
بعض المقترحات السابقة لقانون الإيجارات ركزت على زيادة العوائد المالية للحكومة عبر الضرائب أو رسوم التحويل، دون تقديم حلول عملية للمشكلة الأساسية. هذا النهج يزيد من الأعباء على المواطنين ويُفاقم الأزمة الاجتماعية، خاصةً أن العديد من المستأجرين القدامى من كبار السن أو محدودي الدخل الذين لن يتمكنوا من تحمل إيجارات السوق الحر.
على ان الحكومة تتبنى سياسات دعم واضحة لفئات المستأجرين الأكثر احتياجًا، مثل صرف إعانات سكنية أو تقديم قروض ميسرة لتسهيل الانتقال إلى عقود جديدة.
تشجيع الحلول الوسط مثل “التأجير التشاركي” أو “التعويض التدريجي”، بحيث يتحمل الطرفان جزءًا من التكاليف الانتقالية دون إرهاق أحدهما.
حماية النسيج الاجتماعي من التصدع
المشكلة ليست اقتصادية فحسب، بل اجتماعية أيضًا. كثير من الأسر المصرية تعيش في عقود إيجار قديمة منذ عقود، وأي تغيير مفاجئ قد يؤدي إلى تشريد آلاف الأسر أو تفاقم الصراعات بين الملاك والمستأجرين.
لذا، يجب على الحكومة:
– **إشراك المجتمع المدني والخبراء** في صياغة القانون الجديد، لضمان مراعاة الأبعاد الإنسانية.
– **إنشاء صندوق تعويضات وطني** يُموّل من خلال آليات تضامنية (مثل نسبة من ضريبة العقارات الفاخرة أو دعم من الموازنة العامة) لتعويض الملاك تدريجيًا دون تحميل المستأجرين أعباء لا يستطيعون تحملها.
ضمان الشفافية والمشاركة المجتمعية
أحد أسباب استمرار أزمة الإيجارات لعقود هو عدم وضوح الرؤية الحكومية وغياب الحوار المجتمعي الفعّال. يجب أن تتبنى الحكومة سياسة التشاور مع النقابات العقارية وجمعيات حماية المستهلك والمستأجرين قبل إقرار أي قانون جديد.
عدم تحويل القانون إلى أداة جباية مالية
للأسف، بعض الحلول المطروحة تاريخيًا ركزت على زيادة إيرادات الحكومة عبر فرض رسوم إضافية أو ضرائب، دون تقديم حلول حقيقية. هذا النهج يزيد السخط الاجتماعي ويُضعف ثقة المواطن في الدولة.
**الخلاصة:**
مسؤولية الحكومة المصرية لا تقتصر على إصدار قانون جديد، بل تتعداه إلى:
– ضمان **عدالة انتقالية** تحفظ حقوق الملاك والمستأجرين.
– تقديم **تعويضات وحلول تدريجية** بدلًا من الصدمات الاقتصادية.
– **حماية الفئات الهشة** من خلال سياسات إسكانية داعمة.
– **تعزيز الحوار المجتمعي** قبل إقرار أي تشريع.
بهذه الرؤية المتوازنة، يمكن لمصر أن تحل أزمة الإيجارات دون التضحية بالاستقرار الاجتماعي أو مبدأ سيادة القانون.