ونصح الجميع وقال .. وأنت مالك يا عم خليك في حالك ، ورد عليه الثانى وقال خذ لك جمب وأمشي جمب الحيط ، ورد الثالث وقال و من خاف سلم .
عبارات الجميع يرددها في الشارع المصري أو في أماكن العمل والأسواق حتى بين أفراد الأسره الواحدة ..
عبارات لابد أن تتردد أمامك إن حاولت أن تقول كلمة حق أو شاهدت الخطأ و حاولت تصويبه ، أو رأيت أي سلوك مشين أو حتى حاولت أن تتدخل لمنع خناقه أو جريمة ..
إيه ده !?! إيه اللي جرى لينا يا مصريين ..
مازلت أقف مستغربة ومصدومة منا كمصريين ، فين الطيبة والجدعنة , طب فين النخوة والمرؤة !! أين هم أولاد وبنات البلد .
فين سلام مربع للجدعان , العبارة الشهيرة التى رددها المصريين منذ مئات السنين وتغنوا بها لتمجيد خلق الجدعنة والشهامة والمرؤة فهى صفات تميز الشخصية المصرية عن ما سواها .
في الماضى الغير بعيد كانت الفتاة تمشي في الطريق ولا أحد يستطيع أن يعاكسها أو يغازلها , خوفاً أو حياءًا من أبناء وشباب المنطقه التى تسكنها بنت الحى .
كانت السيدات لهن كل الإحترام في وسائل المواصلات لا أحد يقترب منها أو يتحرش بها و إن لم يكن لها مقعد فكل شاب يتنازل لها عن مكانه عن طيب خاطر فلا يصح أن تقف سيدة وهناك شاب جالس .
الجار للجار و إغاثة الملهوف , و الوقوف مع المظلوم حتى آخر نفس , والترحيب بالضيف ولو نص الليل , وصاحب صاحبه , والحى وأهله و الجيران .
أما اليوم تبدل الحال وتغيير الوضع وأصبح الخوف ملازم للإنسان المصرى و أنعدمت المرؤة بين الناس .
و آختفت الصفات الطيبة مثل الشهامة والكرم والمروءة و النخوة و الأمانة والصدق و الحب داخل الأسرة و بين الجيران .
إيه اللي بدل سلوك المصريين وقام بتحويل سلوكياتهم للنقيض , وهل الشهامه و الأمانة و المروة و الجدعنة موضة قديمة وعفا عليها الزمان .
فمشاهدة مباريات كرة القدم لم تعد للترويح عن النفس والتسلية بل صارت لعبة للحياة أو الموت و أداة للتناحر و الفتنة .
وزارة التربية والتعليم التى كان يرأسها العظيم طه حسين يجلس علي قامتها اليوم وزير يكتب
” ياد يا جعر” و يا “حيلتها” ..
المثقفين والنخبة من السادة والسيدات يستهزئن بوزيرات وشخصيات مرموقة لا لنقص في ثقافتهن أو عيب بل لأنهم مش محجبات و ناس أخرى تهلل لهن لأنهن جميلات !
إنشغال الفضائيات بعلاقة محافظ بزوجته ومدي حبه لها بمنتهى الغباء والتدخل في حياة المشاهير الخاصة .
الفن عندنا هو السبكي و الموسيقي أصبحت المهرجانات .
مجلس النواب الموقر الذى كان يحتوى علي قامات القانون والرجال المحترمون اصبح يجلس بين جنباته الفهلوي والمتلون كالحرباء والبذئ والوقح .
شعبنا مقسوم نصين .. البعض يحزن ويبكى حين يفرح شعبه أو يناله الخير , و يسعد عندما يقع علي الخصم الظلم أو السجن لمجرد الإختلاف السياسي .
حتى العبارات البذيئة والكلمات المذمومة بقت عند البنات خفة دم و عند الشباب فهلوة وشطارة .
للأسف أصبحنا شعب متكاسل , عنصرى , سطحى , لا يقرأ ولا حتى يسمع بعضه .
هل نحن مدكين ما وصلنا له من إنحطاط فكري وثقافي أم كالعادة مازلنا نتباهى بأجدادنا الفراعنة وحضارة سبعة آلاف سنة .
إختفت الصفات المميزة لشعبنا الأصيل , فصرنا نتسابق في الوصول للحضيض في التفاهة .. ونتهاوى بسرعة الصاروخ للقاع في سطحية الافكار .
قد يكون إنعدام الجدعنة و الشهامة خوفا من بطش البلطجية أو تجنب للوقوع تحت المسائلة القانونية والإستجواب وسين وجيم أو أنعدام لدور الأسرة والمدرسة في ترسيخ مفاهيم الشهامة والجدعنة .
يعتقد البعض أن آبن البلد بأخلاق الشهامة والمعدن الأصيل إختفت مع موضة الطرابيش .
ولكن أقول إن المصري حتي لو طغي علي معدنه الأصيل بعض الظروف الأقتصاديه و الإجتماعية سوف يأتى الوقت الذي ينتفض فيه فيعود معدنه يتلألأ من جديد كما الماس والمرجان .
تحية طيبة بإختصار ومن دون إطالة و سلام مربع للجدعان .