الرياح في سوريا تجري بما لم يشته صناع القرار في واشنطن ، بعد تأجيج الاضطرابات في مدينة درعا في شهر مارس/ آذار من 2011 في مسعى لتطبيق سيناريوهات “الربيع العربي” فيها، وتأكيد أكثر من مسؤول أجنبي بأن أيام الرئيس بشار الأسد أصبحت معدودة . و رغم الويلات، التي تعانيها منذ أربع سنوات، ورغم تكالب قوى الشر عليها من كل حدب وصوب ، لا تزال سوريا صامدة حتى الآن في وجه مخطط “الفوضى الخلاقة” الأمريكي، مثبتة أن حجم الخسائر، التي سيتكبدها ملهموه، سيكون مهولا في حال نجاحه، وها هو يحتضر على أبواب دمشق.
في مطلع عام 2005، أدلت كونداليزا رايس بحديث أعلنت فيه آنذاك عن نية واشنطن نشر الديمقراطية في العالم العربي والشروع بتشكيل “الشرق الأوسط الكبير”، وذلك عبر نشر “الفوضى الخلاقة”.
غير أن وزيرة الخارجية الأمريكية رايس غيرت هذا المصطلح إلى “الشرق الأوسط الجديد” أثناء مؤتمرها الصحفي في تل أبيب، في يونيو/ حزيران 2006، حين أعلنت عن رفضها التدخل لإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان آنذاك، واصفة إياها بأنها “آلام المخاض لولادة الشرق الأوسط الجديد”، وقالت “يجب أن نكون على يقين من أننا ندفع نحو شرق أوسط جديد ولن نعود إلى القديم.”
وبعد أن وضح للعالم مخطط قوى الشر الأمريكية .. تمكن الرئيس الروسى فى لحظة خاطفة من إنهاء عزلته الدبلوماسية و القتالية فقام بتسديد ضرباته الجوية كما فعلت سلفا القوات الأمريكية في العراق و من ثم أثبت للعالم كذب وتدليس الكيان الأمريكى و تقزيم الدور الأمريكى في منطقة الشرق الأوسط و إثبات أن أمريكا كائن خرافى لا يواجه إلا الصغار وغالباً لا يهزمهم كما حدث في فيتنام وكوريا وكوبا .
الدب الروسي لا يلعب ولا يلهو كما تفعل القوات الأمريكية فالدب الروسي نزل ساحة القتال بأسلحة متطورة للقضاء علي الإرهاب وتجفيف منابعه في سوريا وليس لتحجيم دور الإرهاب وتخفيف سطوة الإرهابيين كما تفعل أمريكا
فنتائج الضربات والتى سيصاحبها الزحف البري من الجيش العربي السوري ستكون نتائج قوية علي أرض الواقع وستظهر خيبة الضربات الأمريكية وضعفها طوال الفترة الماضية فضلا عن أن ضربات الدب الروسي تأتى بالتنسيق مع السلطات السورية وليست اعتداء على الأراضى العربية كضربات بريطانيا وفرنسا مثلا .
لا ننكر إن ضربات روسيا هدفها تدعيم سلطة بشار الأسد. وبالتالي هي موجهة إلى كل التنظيمات المسلحة لأن أى تنظيم مسلح ضد الدولة هو كيان إرهابى يجب ردعه بالقوة سواء كان الجيش الحر صاحب مجزرة جسر الشغور عام 2011 ، ومن رحم الجيش الحر ظهر أحرار الشام ، ومن ثم خرجت جبهة النصرة ومنها تجسد إرهاب داعش .
على هامش كل هذا أنهت روسيا الحلم التركى التوسعى ، وذلك بوضعها حد للمسعى التركى بإقامة منطقة عازلة فى الشمال السورى ، ومن ثم بعد ان قرأ أردوغان المشهد بشكل صحيح ، بدأ يتراجع عن موقفه على استحياء ويلمح لإمكانية بقاء بشار الأسد .
إن اميركا والغرب واسرائيل اكبر مستفيد من وجود داعش لانه تم نقل المعركة خارج اراضيهم وحصر المتطرفين في بقعة معينة . فأميركا تحمي مصالحها وتحمي أرواح مواطنيها من عبث التطرف الذى نال منهم فى 11 سبتمبر , فسوريا والعراق هما مثل الطعم يجذب المتطرفين من شتى انحاء العالم فيتم التعامل مع المتطرفين خارج اراضي الولايات المتحدة وهذه هى خطتهم بعد 11 سبتمبر المشؤمة . فمعلوم للجميع أن أميركا لا تريد القضاء على داعش ولو أرادت لحسمت الأمر في شهور معدودة فكلنا نعلم علم اليقين إن مهما بلغت قوة داعش فإنها تساوي صفر أمام أمريكا . فداعش لا يستطيع أن يصنع مسورة بندقية في حين أن الغرب يستطيع أن يمحي العراق وسوريا من على الخارطة .
ففي وقت الضربات الامريكيه فى سوريا لم نسمع عن قتل معزة جبلي أو حتى أرنب صحراوي .. ونكتشف ان الهجمات موجهة إلي الجيش السوري فى الأساس وليست داعش . وبين يوم وليلة أصبحت داعش معارضه معتدله وليس من حق روسيا ان تشن هجمات علي الأرض السورية . ومن منبر قناة الجزيرة الموالية لاسرائيل تتحول المنظمات الإرهابية و داعش إلي المعارضه المعتدله وعجبي !! . و يهل علينا وزير الدفاع الأمريكى و هو يحذر من الضربات الروسيه ضد داعش فى سوريا لأنها سوف تؤدى إلى حرب اهليه !! وكما إن القتال الدامى الوحشي علي الأراضى السورية من أربع سنوات كان عرض لجمباز إيقاعى أو باليه مائي . وتجد أن مجموعات من داعش تهرب إلي تركيا من قوة القصف الروسى . والعديد من الجرحى والمصابين يتجهون إلي تركيا وتستتقبلهم للعلاج فى مستشفيات تركيا .
ختاماً، علينا ان نستوعب الدرس ونعلم أنه علينا التعايش مع بعض فدمنا واحد وإن الحرب تأكل الاخضر واليابس ولن يستمتع أحد بنشوة النصر .
وكل التحية للجيش العربي السوري الصامد أمام عشرات الآلاف من المرتزقة من دول العالم والذين ظنوا أن أرضنا العربية ذبيحة يمكن نهشها .