وإن كلمة ” حديث ” تعني في مضمونها وجود علاقة تربط بينها وبين الماضي ، وإنها تحتاج إلي نقد ، واعادة نظر جذريّة ، وحقيقيّة ؛ فهي مصطلح له وزن يفوق مالكلمة ” جديد ” أو ” معاصر ” من ثقل . لذا قال الناقد ” فرانك كيرمود ” : ( ينبغي أن يتم تسجيل تاريخ لكلمة حديث ” modern” ) ، أما الناقد ” سندر ” كان له تعريف رقيق للحداثة ، فقال : ( إن الفن الحديث يعكس الوعي بموقف حديث لا سابقة له في شكله أو لغته ) . ونقول : إن هذه الصيغة المبسطة تعد بصورة ما إقراراً لوجهة النظر التي ترى أن بدايات القرن العشرين أفرزت سلسلة من الأعمال الأدبية الفذة ، التي لا تزال تستحوذ على الإنتباه .
كذلك اشتعلت بوادر هذا العراك النقدي في أروبا في فترة “الستينيات ” من القرن الماضي ، فقد كانت الكلاسيكية في ذروة الحرية والصفاء ، وكانت بمثابة حالة ذهنيّة إيجابيّة وإنفعاليّة، وكانت ثمة إشارات عابرة لهذه النزعة الكلاسيكيّة في الأدب لدى ” هولم و إليوت ، وجويس ” بالإضافة إلى ” فرجينا وولف ” إلاّ أن التوجهات التي كانوا يبدونها حيال موضوعيّة الشكل والتصميم ، وأوجه التشابه بين الفنون ، أو الفن والعلم ، لم تكن تنتمي إلي الحداثة – تحديداً – إذ كان الإتجاه الكلاسيكي لهذه الحداثة على النقيض مباشرة مما اتضح عليه الفكر الليبرالي ، أو السياسي الرادكالي الذي ينتمي إلي الحداثة .
وكان ” إليون ” على سبيل المثال يصف ” ت . م هولم ” ( بالرجعيّة والثوريّة الكلاسيكيّة… ومناقضة العقليّة الإنتقائية الديموقراطيّة المتسامحة التي ميزت القرن الماضي ) .
هذا ويعد نطاق الأفكار الرجعيّة التي اعتنقها كل من ” باوند ، وإليوت ، ولورنس ” تعد من الأمور التي ذاع صيتها ، ولا تزال تمثل احراجاً لأنصار الليبراليّة والحداثة . وكان ماجاء به أنصار الحداثة هو : الدعوة إلى قيام فن حديث يعالج أدواء العالم الحديث ، ويصحح مساره ، ولا يشارك فيه . وكان هذا هو الإقتراح الذي تضمنته عبارة ” إليوت ” الشهيرة عن ” المنهج الأسطوري “