قال سكان في الغوطة الشرقية بسوريا أمس الأربعاء إنهم ”ينتظرون دورهم في طابور الموت“ في واحدة من أعنف عمليات القصف التي تنفذها القوات الحكومية على الجيب المحاصر الذي تسيطر عليه المعارضة قرب العاصمة، وقتل 38 شخصا على الأقل يوم الأربعاء. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع أحداث الحرب إن 310 أشخاص على الأقل قتلوا في المنطقة خلال الأيام الثلاثة الماضية فضلا عن إصابة 1550 آخرين. والغوطة الشرقية وهي منطقة زراعية كثيفة السكان على مشارف دمشق هي آخر منطقة تسيطر عليها المعارضة قرب العاصمة. وتحاصر القوات الحكومية المنطقة التي يقطنها نحو 400 ألف شخص منذ سنوات. وأصبح تكثيف الغارات الجوية منذ يوم الأحد واحدة من أعنف عمليات القصف في الحرب الأهلية السورية التي توشك على دخول عامها الثامن. وقال بلال أبو صلاح (22 عاما) أحد سكان بلدة دوما كبرى بلدات الغوطة الشرقية ”ناطرين دورنا لنموت. هيدي العبارة الوحيدة اللي فيني قولها“. وأضاف ”كل الناس أو معظمها عايشة بالملاجئ. كل بيت في خمس أو ست عيل (عائلات). ما في أكل ولا أسواق“. وأظهرت صور لـ”رويترز” التقطت في الغوطة الشرقية يوم الأربعاء رجالا يبحثون وسط الأنقاض والمباني المدمرة ويحملون أشخاصا ثيابهم ملطخة بالدماء إلى مستشفى ويتحركون بحذر في شوارع تغطيها الأنقاض. تنديد نددت الأمم المتحدة بالهجوم على الغوطة الشرقية التي أصاب فيها القصف مستشفيات وبنية أساسية مدنية أخرى ووصفته بأنه غير مقبول كما حذرت من أن القصف قد يصل إلى حد جرائم الحرب. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الأربعاء إلى ”وقف فوري لكل الأنشطة الحربية في الغوطة الشرقية“. وفي كلمة بمجلس الأمن الدولي قال جوتيريش إن سكان الغوطة يعيشون في ”جحيم على الأرض“. كما عبر جوتيريش عن تأييده لمساع سويدية وكويتية لدفع مجلس الأمن للمطالبة بهدنة في سوريا لمدة شهر. وقال فاسيلي نيبنزيا السفير الروسي في الأمم المتحدة في تصريح لرويترز بشأن مسودة مشروع قرار بوقف إطلاق النار ”لا يمكن ببساطة أن نقرر وقفا لإطلاق النار. هذه عملية طويلة ومعقدة. لكننا نعكف عليها“. ودعت موسكو إلى عقد جلسة علنية لمجلس الأمن يوم الخميس لبحث الموقف في الغوطة. وفي وقت لاحق قال الجيش الروسي إن المحادثات لحل الأزمة في الغوطة سلميا انهارت وإن المسلحين هناك تجاهلوا الدعوات لوقف المقاومة وإلقاء السلاح. وقال المركز الروسي لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا الذي يديره الجيش الروسي في بيان أيضا إن المسلحين يمنعون المدنيين من مغادرة منطقة الصراع. وقال المرصد السوري، ومقره بريطانيا، إن وتيرة القصف تباطأت أثناء الليل فيما يبدو لكنها تصاعدت من جديد صباح الأربعاء. وأطلقت قوات موالية للحكومة مئات الصواريخ وأسقطت البراميل المتفجرة من طائرات هليكوبتر على البلدات والقرى بالمنطقة. ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر يوم الأربعاء إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى الغوطة خاصة المصابين بجروح خطيرة. وقالت ماريان جاسر رئيسة وفد اللجنة في سوريا ”يبدو أن القتال سيتسبب في المزيد من المعاناة في الأيام والأسابيع المقبلة. هذا جنون وينبغي وقفه“. وقال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية وهو مجموعة من المنظمات الأجنبية التي تمول مستشفيات في مناطق تسيطر عليها المعارضة في سوريا إن ثماني منشآت طبية في الغوطة الشرقية تعرضت للهجوم يوم الثلاثاء. وقال محمد علوش المسؤول السياسي بجماعة جيش الإسلام إحدى الفصائل الرئيسية للمعارضة في الغوطة الشرقية ”فيه مساعي من بعض الجهات الدولية والمحلية لعمليات هدنة في الغوطة ولم تنجح حتى الآن“. وأوضح علوش أن الوساطة جارية بين المعارضة وموسكو الحليف الرئيسي للحكومة السورية لكنه لم يقدم تفاصيل أخرى. واستبعد علوش التوصل لأي اتفاق يقضي بإجلاء السكان من الغوطة الشرقية وهو نوع من الانسحاب عبر المفاوضات إلى أراض تابعة للمعارضة في الشمال ساعد دمشق في استعادة السيطرة على مدن في غرب البلاد. تحذيرات تقول الحكومة السورية وحليفتها روسيا التي تدعم الأسد بالقوة الجوية منذ 2015 إنهما لا تستهدفان المدنيين. كما ينفي الجانبان استخدام البراميل المتفجرة التي تدين الأمم المتحدة استخدامها. وقال المرصد إنه يبدو أن كثيرا من الطائرات التي تحلق فوق الغوطة روسية. ويقول السوريون إن بمقدورهم التمييز بين الطائرات السورية والروسية لأن الأخيرة تحلق على ارتفاع أعلى. ورفض المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يوم الأربعاء مزاعم بأن روسيا تتحمل بعض اللوم في سقوط قتلى مدنيين في الغوطة الشرقية ووصفها بأنها ”بلا أساس“. وقال قائد في تحالف يقاتل لصالح حكومة الأسد لرويترز ليل الأربعاء إن القصف يهدف إلى منع المعارضين من استهداف الأحياء الشرقية من دمشق بقذائف مورتر. وقد تعقبه حملة برية. وقال القائد إن الهجوم لم يبدأ بعد مشيرا إلى أن ما يحدث هو قصف تمهيدي. وقالت وسائل إعلام رسمية إن مقاتلي المعارضة يطلقون أيضا قذائف المورتر على أحياء في دمشق قرب الغوطة الشرقية مما أسفر عن إصابة شخصين يوم الأربعاء. وأسفرت قذائف مقاتلي المعارضة عن مقتل ستة أشخاص على الأقل يوم الثلاثاء. وقالت وزارة الدفاع الروسية في وقت متأخر من مساء الثلاثاء ”أصيبت مناطق سكنية وفنادق في دمشق وكذلك المركز الروسي للمصالحة السورية في قصف شرس من الجماعات المسلحة غير الشرعية من الغوطة الشرقية“. والغوطة الشرقية واحدة من ”مناطق عدم التصعيد“ التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في إطار جهودها الدبلوماسية. لكن الهدنة لا تشمل جماعة مسلحة كانت تابعة لتنظيم القاعدة في السابق ولها وجود صغير في المنطقة. وأثارت الأوضاع في الغوطة الشرقية المحاصرة منذ 2013 قلق وكالات الإغاثة على نحو متزايد حتى قبل الهجوم الأخير إذ يتسبب نقص الغذاء والدواء وغيرهما من الضرورات الأساسية في زيادة معاناة السكان وتفشي الأمراض.