وقفت الزوجة العشرينية أمام أعضاء مكتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة بزنانيرى، فى ثياب سوداء تبرز حسن طلتها، صامتة، تقذف بين الحين والأخر زوجها القابع على كرسى خشبى أمام منضدة مستديرة، تتوسط حجرة مكتب التسوية يتناثر عليها اقلام وأكوام من حوافظ مستندات مرصوصة كالبنيان بنظرات غاضبة، وتتلقى توسلاته ورجاءه لها بالعدول عن طلبها الخلع بعد شهر ونصف من الزواج بوجه جامد الملامح، وسط حيرة وتساؤل من أعضاء المكتب: لماذا كل هذا الإصرار على الفراق عن رجل متمسك بها لهذة الدرجة ومستعد أن يقبل قدميها كى تعود له؟!، وتحت تأثير الإتهامات المستترة بظلمه، تتخلى الزوجة الشابة عن صمتها وتفصح عما أثقل صدرها طوال هذة الفترة.
هذا الرجل كان يقيدنى بالحبال فى السرير ويعاشرنى بالقوة”كانت هذة الكلمات كافية لإنهاء حالة الغموض والحيرة، وفرض الصمت على الجالسين، وبصوت يرتجف تابعت الزوجة العشرينية روايتها:” لازالت تفاصيل الليلة التى اغتصبنى فيها زوجى محفورة فى ذهنى وكأنها حدثت بالأمس، ليلتها ألقانى كالذبيحة حينما رفضت أن يمسسنى ، وشل حركتى، ثم ربط يدى ورجلى بالسرير، وسقط على بجسده، ولم ترجعه صرخاتى عن انتهاك جسدى، حتى غبت عن الوعى، وبمجرد أن أفقت، لململت أغراضى، وتركت له البيت وطلبت الطلاق لكنه رفض فلجأت ألى محكمة الأسرة وتقدمت بطلب لخلعه، ولاتظنوا أن اصراره على إعادتى إلى بيته، وتوسلاته للتراجع عن دعوى الخلع حبا فى، ولكن خوفا على خسارة ماله الذى تكبده فى تأسيس منزل الزوجية، فقد كان زواجنا تقليديا، وأنا لست بالنسبة له أكثر من جسد مفعم بالأنوثة جلبه إلى بيته كى يفرغ فيه شهواته بالحلال”.
هى من دفعتنى لفعل ذلك”هكذا رد الزوج الثلاثينى على حديث زوجته، وبنبرة غاضبة تابع:”فقد كانت ترفض أن ألمسها، وكلما أقتربت منها انتفض جسدها، وأصيبت بحالة هياج، وتصلب جسدها وكأن عقرب قد لدغها، ليس ذلك فحسب بل كانت تمر عليها أيام دون أن تنبس بكلمة واحدة، وإذا حدثتها تظل صامتة وكأننى أتحدث لنفسى، فى البداية كنت أظن أنها تهابنى خاصة أننا تزوجنا سريعا، ولم يمنح كلا منا فرصة كى يعتاد على الأخر، وحسبت أنه أمرعارض سيزول مع مرور الوقت، لكنى كنت مخطىء فقد زادت حالة زوجتى سوءا، وفوجئت بها تترك الفراش، ونحن لانزال فى شهر العسل، فجن جنونى، ووجدت نفسى دون تفكيرأقيدها بالحبال، لعلى أسيطر على ثورتها، وأقول لنفسى:”إذا كنت لا تستطيع أن تمارس حقك الشرعى مع شريكة حياتى، فإذن لماذا تزوجت، وتكبدت عناء تأسيس بيت؟!، قد يرانى البعض إنسان همجى، لكن أنا رجل لى رغبات واحتياجات، ولا أريد أن أسقط فى الحرام”.
طلبت أم الزوجة الحديث إلى أعضاء مكتب التسوية على انفراد وبصوت وهن قالت:”لم تكن ابنتى كباقى الفتيات تحلم باليوم الذى ترتدى فيه الفستان الأبيض، وطوال عمرها تخشى الرجال، وترفض كل من يتقدم لخطبتها بسبب وبدون سبب، وكلما ذكرت أمامها سيرة الزواج تصاب بحالة هياج، وحينما تقدم زوجها لطلب يدها رفضت كعادتها لكننا أرغمناها على الزواج به، ظانين بأن ذلك سيصلح حالها، وخشينا أن ينفرط عقد عمرها وتبقى وحيدة، كما أنه عريس مناسب، طيب الخلق والخلقة، رزقه وفير، وسيوفر لها حياة كريمة ومستقرة، ولم نطلعه على”عقدتها”من الرجال، ويشهد الله كم حاولت أن أحدثها وأعيدها إلى رشدها، وكم سعيت لعرضها على طبيب نفسى لكن دون جدوى”.
لم تفلح جهود أعضاء مكتب التسوية فى الصلح بين الزوجين بسبب إصرار الزوجة على الخلع، وتم تحويل القضية إلى المحكمة للفصل فيها