تتداول اليوم وبالأمس معظم منصات الأعلام العربية والغرببة بشكل جنوني خبر مقتل العميد السوري عصام زهر الدين (جنرال الحرس الجمهوري السوري صاحب الأيادي السوداء وعراب مستنقعات الدماء البرئية من أبناء الشعب السوري الحر ) .
وبين معزي و”شامت” وبين حزين وأخر شديد الفرح ينقسم الشعب السوري كالعادة كما هو حال الشعوب العربية بشكل عام بعد قيامهم بتوجيه دعوات عامة من أجل التكيف مع متطلبات اللامبالاة الهمجية متناسين دائرة الحلول التي تضيق بأستمرار بالنسبة للأوضاع المزرية التي وصلنا إليها ، متجاهلين عن قصد العطل الفني المتعمد لاعمدة الأنارة التي تضيء الطريق المعبد بالالغام المؤدي إلى يقظة هذه الأمة النائمة من المحيط إلى الخليج . ( فطبلا يجمعنا وأخر يفرقنا ) !!
وبما أن سواد الشعوب العربية يعشق تذوق الأشاعات الفاسدة و تدخين الأكاذيب الضارة متحايلين على الواقع والتاريخ شأنهم كشأن أنظمتهم الفاسدة ذات الأذرع الطويلة في مضمار نسج الأكاذيب وصياغة الحجج العنكبوتية ، مما يخلف تقييم للواقع بعيدا كل البعد عن الحقيقة مستغلين الغياب الشبه الكامل للأصوات المعارضة الداخلية والخارجية المعنية بأزالة أشارات الأستفهام حول تحركات تلك الأنظمة القمعية .
وبالطبع سيشير هنا البعض إلى ثورات الوطن العربي المجهضة وفشلها الذريع ، دون التفاتهم إلى ضعف المقاومة الشعبية الموحدة وأستقواء الأنظمة الدكتاتورية بالداعم الخارجي الملوث أخلاقيا وسياسيا ، مما أدى إلى ثورات مضادة نسفت مكتسبات الثورات الأولى هذا في حال نجاحها !!
وأن لم تنجح سلط الدكتاتور كلابه الشرسة متأبطا زخم الداعم الخارجي غير آبه بالعقوبات الدولية مهما مارس أعضاء تلك الهيئات الدولية من صرخات أستغاثة للمجتمع الدولي العديم الفائدة .
وإلى ذلك ، يمكنني تفسير كرنفالات الفرح العارم التي تجتاح أوساط الجمهور الثوري السوري لسماع خبر مقتل زهر الدين لما لاقاه الأبرياء على يد قواته النازية ، ولكن أيضا لايمكنني أستيعاب أسباب هذه الضجة الضخمة والتي تشعر القارىء بأن نظام الأسد يلفظ أنفاسه الأخيرة برحيل زهر الدين !!!!
وبرأيي الشخصي بأن الراوية التي لم تطرح على مسامع العامة هي الراوية الصحيحة !!
فلماذا لا يتم توجيه أصابع الأتهام لإيران أو روسيا بقتل عصام زهر الدين الذي توعد اللاجئين بسوء العذاب حين العودة ؟؟
فالدول الكبرى لاتتشدق بأغتيالاتها كما يفعل العرب ، وإنما تختبىء بالظل عقب تنفيذ السيناريوهات الموضوعة بعناية فائقة لتشغل جميع الأطراف بصغائر الأمور مما من شأنه خلق حالة أضطراب عام يولد هيجان هستيري بالأنتقام داخل المعسكر الواحد !!
كثرت الروايات المتعلقة بموت زهر الدين والتي بمعظمها تضع قوات الأسد داخل قفص الأتهام ، مع العلم بأن منطقة دير الزور (مكان أستهداف الجنرال السوري) تقع تحت مرمى القوات الإيرانية وحزب الله وبعض الفرق الروسية بالأضافة إلى قوات الأسد .
وربطا بالقاعدة الذهبية ، بأن الدول تقاس على المصالح وليس على الأشخاص ، وكما عزفت الأوركسترا الدبلوماسية الروسية مرارا نشيد تهميش دور النظام السوري من رأس الهرم وحتى أسفله ، فيمكننا التخمين منطقيا بأن العقل الروسي الخبيث يرغب بأذابة وعي الجمهور الأسدي بأن قائدهم ورجالاته غير أكفاء بجلب النصر للدولة السورية ، وهذا مايفسر تصفية الأسماء الرنانة الموكل إليها بقتال قوات المعارضة وإحلال (السلام) !! ،
مما يؤدي بنهاية المطاف إلى وجوب توجيه الشكر للحليف الروسي والإيراني فقط لاغير .
ولإزالة عوائق الفهم ، ومع قادم الأيام وحين تفرض القوات الروسية وحلفائها سيطرتها الكاملة على الأراضي السورية ويتم تشكيل هيئات حكومية جديدة من أصحاب الولاء المطلق للكرملين (لا تضم الأسماء الحالية التي تملك تاريخها العسكري وشعبيتها الجماهيرية الواسعة ) ، هنا يمكن للقوات الروسية أن تطلق مدافع النصر بعد أن تغلغلت بالفكر والأرض السورية معلنة بداية حقبة أستعمارية جديدة تحت مظلة الأتحاد السوفيتي العصري .
ولتسليط الضوء أكثر نحو المغزى ، فلنأخذ تصريح لافروف التالي بتاريخ 12 أبريل من هذا العام ..
حيث صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي جمعه مع نطيره الأميركي ريكس تيليرسون في موسكو، إن بلاده لا تعلق آمالها على الرئيس السوري بشار الأسد أو أي شخص آخر في سوريا، وأضاف ما تريده روسيا هو “عملية حل سياسي.” !!
وتعميقا للفهم ، فقد أقتربت ساعة الحسم بالنسبة للملف السوري الشائك عقب أن تقاسمت القوى المشاركة مراكز القيادة ضمن المناطق الطامحين للتواجد بها !!
فالروس يشغلون العاصمة السورية دمشق ومناطق الساحل بالأضافة إلى بعض الجيوب بالداخل السوري ، وطهران بدأت بتزين طريقها بأشارات النصر والممتد من طهران إلى العراق بأتجاه سورية ليتنهي في الجنوب اللبناني مركز قيادة حزب الله ، وأردوغان حجز مقعده بالشمال السوري في منطقة أدلب وريفها عقب أن وقع معاهدة الصلح مع الأسد بناءا على رغبة الكرملين !!
مع الأشارة هنا إلى برقية الأعتذار التي حملها الطيار الأسدي المطلق سراحه مؤخرا إلى بشار الأسد !!
حيث قضت محكمة تركية، بإطلاق سراح محمد صوفان قائد مقاتلة سورية سقطت جنوبي ولاية هطاي التركية في شهر مارس/ آذار الماضي !!
المنتصرون يلتقطون الصور التذكارية ضمن الأراضي السورية !!
فقد نشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، وهو يتجول برفقة وفد عسكري إيراني في محافظة حلب شمال سوريا، ومناطق أخرى لتفقد القطعات العسكرية الأخرى والميليشيات الأفغانية والعراقية واللبنانية التابعة لها المنتشرة في مختلف المناطق السورية .
ووفقا لوكالة “تسنيم” التابعة للحرس الثوري الإيراني، فقد توعد باقري في كلمة له، الثلاثاء، أمام حشد من قوات الحرس الثوري والميليشيات في ريف حلب، بالقضاء على المعارضة السورية وتصفية المجموعات التي وصفها بـ “التكفيرية والإرهابية”، وهو وصف تطلقه إيران على كل المعارضين لتدخلها العسكري في سوريا .
أما وبالنسبة للجانب الروسي ، قال الجنرال شامانوف الذي يرأس حاليا لجنة الدفاع النيابية في مجلس الدوما، تعليقاً على الوضع الراهن في سوريا: “سأكون سعيداً لو انتهت كل العمليات العسكرية قبل نهاية السنة الجارية ، ولكن يبدو أنه بعد الانتهاء من العمليات العسكرية العامة، ستكون هناك حاجة إلى فترة من العمليات الموضعية الخاصة، لتطهير البلاد من الإرهابيين . وأكمل ، سيحاول الكثير منهم حلق لحاهم، كثيرون..
سيحاولون الأنضواء في الإدارة ، وكثيرون أيضا سيحاولون التغلغل داخل هيئات الحكم الذاتي المحلي، وهلم جرا.
ومكافحة هذه المحاولات عملية طويلة”. مما لاشك به بأن المقصود بالأرهابين هنا هو جمهور المعارضة السورية والذين بعد أن خسروا فرصة الأطاحة بالأسد باتوا يواجهون مشكلة أشد تعقيدا وإيلاما وهي الأحتلال الروسي للدولة السورية . وضمن سياق المعنى ، صرح القيصر الروسي بوتين هذا الأسبوع بقرب أنتهاء الأزمة السورية وقرب أعلان أنضمام الدولة السورية إلى السجل العقاري الروسي شأنها كشان شبه جزيرة القرم ، وذلك بعد أن حرص الروس على تفتيت القضية السورية وتحويلها إلى مناقشات ومهاترات لاجدوى ضمن أجتماعات جنيف والأستانا .
كما أقترح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس، عقد مؤتمر لجميع السوريين يضم ممثلين عن كل الجماعات العرقية في سوريا ، وأكد أن موسكو وواشنطن تتعاونان بشكل مستقر بشأن سوريا !! وبطبيعة الحال ، ستقفز بعض الأصوات المشاركة بالمسرحية السورية تحت عنوان ( فانتازيا الهروب من الواقع ) والتي تعتبر بأن الوجود الروسي زائل مع زوال الأزمة ، متذرعين بضبابية الأحداث وعدم أستقرارها ، متمسكين بالجانب الأمريكي المعادي تاريخيا للأطماع الروسية .
في حين مازالت التحقيقات الأمريكية حول علاقة ترامب السرية بالجانب الروسي تأخذ منحى أكثر تعرجا بغية الوصول إلى تفاصيل تلك العلاقة الغزلية بين الجانبين ، مع التنويه هنا بأن موسكو قامت بضم شبه جزيرة القرم تحت مرأى ومسمع باراك أوباما الرئيس الأمريكي السابق التابع للجبهة المضادة للكرملين ،
والسؤال العفوي هنا .. أن كان الحلف المضاد لبوتين بارك ضم الأخير لشبه جزيرة القرم ، فماهو حال ترامب العشيق السري للكرملين جراء أنضواء الدولة السورية ضمن أملاك القيصر الروسي ؟؟؟
وبينما الضحالة تصارع العمق ، ومع شديد الأسف والحسرة ، فأن الأية قد أنقلبت وبات الروس أصحاب القول والجزم بالقضية السورية ، وعندما يدافع الجانب الروسي عن النظام الأسدي على سبيل المثال في قضية أستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري الأعزل ، فهم ( الروس ) لايدافعون عن بشار الأسد ولكن يدافعون عن أملاكهم خارج الحدود !! ولن يفيد أحد بعد الأن الصراخ بوجه الروس فيمايتعلق بالقضية السورية !!
وإلى ذلك ، فقد أنتقدت فرنسا روسيا، الخميس، بسبب تشكيكها في التحقيق الدولي بشأن هوية المسؤول عن الهجوم الكيماوي في خان شيخون السورية .
وشككت موسكو في عمل و مستقبل التحقيق المشترك الذي تجريه الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية .
وقالت إنها ستقرر إن كانت ستدعم تمديد التفويض بعد أن يقدم المحققون تقريرهم المقبل . فمن لم يحضر الولادة لايحق له تسمية المولاد !! والروسي هنا هو الأب الشرعي لنظام دمشق القادم .
لا أظن أنه توجد صورة لواقع بؤس يوازي صورة مرارة واقع الجمهور السوري اليوم ، فالأصوات المعارضة تجاوزت كل المحاذير والأستغاثات بعدم الأرتهان للأطراف الخارجية والأنصياع لرغباتها المتقلبة ونواياها الدنيئة، فالدوحة كما أنقرة كما الرياض حرفت مسار تعاطفها مع الثورة السورية مؤخرا إلى أعتاب أمورها الداخلية وأواصر علاقاتها الدولية تاركة المعارضة تواجه مصيرها المحتوم نازعة عنها الغطاء المؤقت الممنوح من قبلها . لينتهي الأمر كمعارضة فيما يسمى منصة موسكو والقاهرة اللذان يشكلان الخط الدفاعي الأمامي لبشار الأسد .
فمن فقد البوصلة الشعبية فقد أحقيته بالدفاع عنهم !!
وتدور الدوائر الحالكة الظلمة على الشعوب الضعيفة لنطوي صفحة أخرى من صفحات أنهزاماتنا اللا منتهية المدة !!