قصة قصيرة
د. محمد ضباشه
فى زمن مضى وفى غياب فجر الضمير والليل يطل برأسه على مخلوقات الله من الإنسان المتحكم إلى الحيوان البرىء الذى يلهث فى الشوارع بحثا عن بقايا طعام أو جرعة ماء ، كان الشيخ عبد الجواد يعمل فى مركز شرطة بلدتنا الصغيرة التى تبعد عن القاهرة مائة كيلو متر رجل أسود البشرة نحيف البنية أسنانه تخرج من بين شفتيه غضبا يحمل فى يده قطعة من الخشب طولها متر تقريبا ( شومة ) ليقتل بها الكلاب الضالة فى الشوارع وبعد التأكد من موت الضحية يقطع ساقها الأمامية اليمنى ويسلمها أعداد الى مركز الشرطة ليتأكد الأخير أنه قام بمهمته اليومية . كان قاضيا وقاتلا فى نفس الوقت ذكرنى بفرعون وهو يقول وأنا أحيي وأميت كان يفعل هذا يقتل ما يشاء ويترك بعض الكلاب الذى يدفع أصحابها رشوة لنجاتها من هذا الرجل ذو القلب الفولاذي الذي لا يرق لنظرات كلب ينظر اليه خوفا وفزعا وهو يهشم رأسه بالشومة التى تعلوها قطعة من الحديد ، وكان عادة ما يقول أنا أنفذ الأوامر وعدم تنفيذها جريمة يعاقب عليها بالسجن . وفى أحد الأيام أثناء مباشرة عمله على الطريق السريع رفع الشومة ل يهشم رأس كلب إلا أنه هرب منه وظل يجرى خلفه واذ بسيارة مسرعة تصدمه وتفصل ساقه اليمنى من جسده وتهشم رأسه ، وما أن شاهد الكلب الدم ينزف منه إلا أن رفع صوت نباحه عاليا ليتجمع رهط من الكلاب يلتفوا حول الرجل يحاولون سحبه من جلبابه من أسفل السيارة حتى حضروا بعض المارة ونقلوه الى المستشفى جثة هامدة . وفى اليوم التالى وأثناء صلاة الجنازة عليه فى المسجد انقطع التيار الكهربائى عن البلدة وشل مكبر الصوت و كنا نسمع نباح الكلاب وكأنها تريد أن تبلغنا رسالة أنه آن الآوان لبزوغ فجر الضمير والرفق بالحيوان و ربما لحكمة أخرى لا يعلمها إلا الله ، وعندما وصل الجثمان الى القبر كانت تتجمع تلك الكلاب بالقرب من مقبرته وبعد انصراف المشيعين…… ومع غروب ضوء الشمس إرتدت المقابر رداء الصمت إلا من نباحهم ولكن فى هذه المرة بصوت كالهمس وكأنهم يرسلوا رسالة ما الى السماء .