الصحفي حسام أبو العلا كاتب وقاص عربي / مصري , يعتبر قلمه من الأقلام التي تحاول أن تغرس القيم الأخلاقية والإنسانية في العصر الحديث وتتغلب لغة الصحافة بالأسلوب البسيط على كتاباته , وهذه مهارة إبداعية عندما يكتب الكاتب أعذب الكلمات الشفافة كالزجاج ولون الماء حيث يجعل القارئ يتعاطف مع كلماته .
ويتبع في كتابته الاتجاه الكلاسيكي في كتابة القصة ويتصف بالرومانسية الراقية, ويعالج من خلال الأحداث العنف بأنواعه من خلال تلك الافكار, ممارسا دوره الأخلاقي لنزع الأفكار الملوثة من أذهان الناس ، ومحاولا زرع الخير والأمل وسط الظروف الاقتصادية المأساوية التي طغت على حياة المجتمع ويعالج خطه الكتابي أفكار العنف ورائحة الدم .
ويحاكي الواقع ضد محاولات اختزال الشخصية المصرية كونها شخصيه محترمة ومتميزة ومتفردة , لاسيما نحن نعلم بأنها تحمل موروثاً تاريخيا كله غيرة وعزة نفس , ولذلك نراه يرسم لوحات بصور جميلة عن حقيقة المجتمع المصري.
وكل قصصه ترسم هدفا رائعا للقارئ ؛حيث يرصد في كتاباته كل القيم الأصيلة.
لقد اشتهرت تجربته عام 2017 من خلال مجموعته القصصية بعنوان (قلب مهزوم) .
وهي قصص رومانسية اجتماعية. ومن بينها قصة (مصطبة جدتي).
والمصطبة تشبه الكنبة ولكنها تكون مبنية من الأسمنت والطوب أمام باب الدار بالأرياف يجلس عليها كبار السن يتسامرون ويتحدثون ويستمع اليهم الصغار بأذان صاغية .
ويبدو أن القصة من حدث مر به الكاتب , إذ عندما يذهب إلى الريف المصري يرى جدته تجلس على المصطبة والنساء الأصغر منها يقبلون يدها ويعرضن عليها المشاكل فتنصحهن حسب تجربتها وخبرتها في الحياة , وهن يتمسكن بما تقول وتلفظ السنتهن كما تأمرين يا حاجه .
وهنا هدف القصة الإشارة لمن لهم قيمة في حياتنا واحترامهم كالجدة أو الجد أو أية شخصية لها قيمة عندنا .
أما القصة الأخرى ضمن المجموعة القصصية المذكورة بعنوان (ضربة البداية), فهي عن صبي يحب رياضة كرة القدم , إلا أنه معوق ولكن لديه أمنية أن يلعبها في يوم من الأيام .
وكان مولعا بحب أحد لاعبي الكرة ويشاهد مهاراته في كل لعبه يلعبها , وذات يوم ذهب للملعب يشاهد مباراة يلعب فيها لاعبه المفضل , وأثناء هتاف الجمهور دفعه أحدهم وهو يلفظ أبعد أيها الأعرج , سمع اللاعب ذلك فتأثر جدا مما دعاه إلى أن يأخذ بخاطره , لكنه رفض ذلك وذهب .
وبعد أن وصل اللاعب لبيته لم يغمض له جفن, فأراد أن ينتصر لإنسانية ذلك الصبي , فسأل عنه وقالوا له تلك أمه التي تبيع الخبز على رصيف الشارع , فطلب منها أن يعتذر لابنها , فقالت له أنت من يحبه من اللاعبين و أنا نصحته ألا يذهب خوفا من أن يدفعوه , هذا الامر جعل اللاعب يفكر ماذا يفعل لنصرة هذا الانسان ومن خلال الأحداث نرى كيف ساعده بشكل كبير ؟
وهنا يلفت النظر إلى نظرة المجتمع السلبية له كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة , ويوضح أن لهؤلاء الناس حقا علينا .
أما مجموعته القصصية لعام 2018 بعنوان ( الكيس الاسود ) فإن هذه المجموعة تستحق أن نقف عندها لدراستها , أذ تضم خمس عشرة قصة قصيرة تناول الكاتب فيها الوفاء وكيف ينتقل بين الاجيال ما بين الجيل الاول والثاني , وهذه المجموعة تركز على القضايا الاجتماعية وعلى المعاني الانسانية .
ومن بين عناوينها : (الكيس الأسود- رحلة العمر-الابتسامة المفقودة- ليلة العيد ـ الجحود- الدنيا- الفراق-الغفران- شروق…).
وأحدها قصة الكهلة هذه السيدة التي ربة أبن زوجها فتركها عندما كبر ثم تزوج وبعد أن أنجبت زوجته ولد وافاها الاجل, فاحتضنته وربته السيدة الكهلة , فتزوج أمرأه ثانية قاسية رفضت أن تربي أبنه , مما جعل الكهلة اتحتضنه كما ربت أباه , الذي أصيب بمرض وأنفصل عن زوجته فعاد يعيش عند مربيته بعد أن أنكر فضلها عليه .
أما قصة الجحود على العكس ..وهنا تبين الفكرة بأن في المجتمع أصناف من هذه وتلك .
مما يؤكد فكرته بأن الانسان يتوجب عليه أن يغرس في روح ابنه الحب والانتماء ويعلمه المثل والقيم وكيف يكون بارا بأهله .
وهذه القصص محاولات علاجيه لمشكلة التفكك الاسري, كما أنها تكشف الروح الانسانية وعصاميتها رغم الظروف الصعبة كقصة (رحلة العمر) .
وما يفعله الانسان من موقف أثناء التجارب المأساوية كالمرض العضال كما تصوره قصة (دنيا ) , هكذا تجد الكاتب في مجموعته القصصية يتناول واقع مشاكل الحياة المتنوعة كالطلاق والفراق بين الاحبة .
ويكشف النقاب عن كيفية المقاومة ومعاناة المرأة وهدر عفتها تحت واقع العلاقات غير الشرعية . كما تناول الاستاذ ابو العلا تبادل الأدوار بين المرأة والرجل في تلك المجموعة .
و اسم المجموعة يوحي للقارئ الكريم بمدى الألم والحزن حيث عنونها بالكيس الاسود , فاللون الاسود هو رمز للحزن والالم . وهذا هو الادب القصصي الذي تحتاجه المجتمعات العربية في وقتنا المعاصر ان يغرس الكاتب بذور التسامح والمحبة برومانسية اصيلة بين أفراد الاسرة , وان يحفز المرأة والرجل على مقاومة صعوبات الحياة .
أن المجموعتين عبارة عن قصص رومانسية اجتماعية إنسانية أستهدف فيها الكاتب أيصال فكره الى الجيل المعاصر بأن مجتمعهم أصيل وفيه كل الخير .
وكل هذا يدل على أن القاص والصحفي حسام أبو العلا يتمتع بروح شفافة وإنسانية تمتلئ بمشاعر وأحاسيس صادقة تجاه شعبه ومجتمعة ويريد أن يرى مجتمعاً متكاملاً .