إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ينبع من أنها من أبرز اللغات في العالم وأكثرها جزالة في الألفاظ ‘ وتستطيع استيعاب المعاني المختلفة ‘ فهى لغة ثرية واسعة البيان والفصاحة ‘ ولكن هناك فرقا شاسعا بين الاحتفال بلغة الأم للعرب وبين امتهانها اليوم ‘ فقد كانت قديما مبعث فخر العرب ورمزا لعزتهم ومجدهم في كل المجالات ‘ ومازال اللسان العربي فصيحا حتى اختلطت به اللهجات الغريبة واللغات الغربية ‘ وللأسف الشديد خفت بريق لغة الضاد ‘ وأصبحت اللغة العربية سجينة المعاجم والكتب القديمة فقط ‘ لكنها غريبة وسط أهلها الذين ارتموا في أحضان المدنية الحديثة واللغات الغربية ‘ حتى باتت اللغة ضعيفة حتى بين المتحدثين بها في أجهزة الإعلام ودور الثقافة ومدارسنا وجامعاتنا’ إنها وصمة عار في جبيننا نحن العرب وإن لم نتحرك سريعا ستنهار أكثر من ذلك.
إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ينبغي أن يكون باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تعيد للغة رونقها وقوتها بين اللغات ‘فهي من أهم مكونات المجتمع الرئيسية ‘ ومن أهم عوامل البناء في مختلف الحضارات والثقافات ‘وقوة اللغة يعبر بشكل كبير عن ترابط المجتمع وتماسكه إذا اهتم أبناؤه باللغة وبقواعدعا وعلومها وآدابها وضوابطها ‘
لقد عني العرب قديما باللغة العربية عناية كبيرة لأنها لغة القرآن الكريم مما يكسبها شرفا عظيما’ هذا الشرف سيبقى إلى يوم الدين لأنها قادرة على نقل الكلام الإلهي ‘ ولقد حافظت اللغة على قوتها كلغة أصيلة للعرب فترة طويلة في أقرب ماتكون للغة السامية الأم ‘ وتتفرع اللغة السامية إلى سامية شرقية وسامية غربية ‘ وهناك أمثلة كبيرة تدل على سعة اللغة وقدرتها على أن تمتلك من الأساليب والمفردات الكثيرة ما يجعلها متفردة عن بقية لغات العالم.
انظروا معي إلى قوة اللغة و ألفاظها وتراكيبها اللغوية لتدركوا مدى عظمته من خلال بعض الكلمات مثل كلمة “أفاستسقيناكموها”وتعتبر أطول كلمة في معاجم اللغة العربية، ولكي نفسرها نحتاج إلى إدراج عبارة “نحن أسقيناكم الماء” بأكملها، ما يعيد الحديث عن مدى دقة هذه اللغة.
وتتكون الكلمة من خمسة عشر حرفاً وتسع حركات، مصدرها هو الفعل “سقى” مع زيادته إلى “استسقى”، يضاف إليه الفاعل لتصبح “استسيقنا”، ثم المفعول الأول “أنتم” فتصبح “استسقيناكم”، ثم المفعول الثاني لتصير “استسقيناكموها”، وبعد هذا أضيفت فاء الاستئناف وهمزة الاستفهام لتصبح عبارة كاملة المعنى في كلمة واحدة فقط هي: “أفاستسقيناكموها؟”.
وعلى نفس المنوال توجد كلمات طويلة في اللغة العربية وتسير في نفس نسق الكلمة السابقة، ومن بينها كلمات “أنلزمكموها”، “فسيكفيكهم”، “فاستنسخناهما”، “فاستضعفناهما”، “المستصغرون”، وغيرها.
ويقول بعضهم إنهم يعانون قليلاً في قراءتها، خصوصاً بسبب ندرة استخدامها، إذ أحياناً لا تكفي نظرة واحدة سريعة لفهمها، بل تحتاج إلى تدقيق بصري أكثر لفهم معناها.
إننا في حاجة ضرورية لأن نقف مع أنفسنا وقفة تأمل في حالنا وحال لغتنا العربية وكيف هانت علينا أنفسنا حينما أهملنا لغتنا العربية في مدارسنا وجامعاتنا ‘ حتى ظهر مايسمى باللغة التي يسميها شباب اليوم ( الفرانكو اراب) وهي خليط بين العربية والإنجليزية وهي لغتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ‘ وهذا نتيجة الضعف الواضح في اللغة الأم وهي الفصحى ‘ فرحمة باللغة العربية ورحمة بالعظماء الذين دافعوا عنها ‘ وإكراما للغة القرآن ارجعوا للغتكم واهتموا بعلومها وآدابها لترتفع بين لغات العالم.