لم يتوانى ولي الفقيه المتسلط على إيران عن أي جريمة من أجل بقاء نظامه، وسجل الـ 44 سنة لهذه الدكتاتورية الدينية على حافلٌ بالوثائق في هذا الصدد، وقد قمعت داخل حدود إيران أي صوت معارض تحت اسم “العقوبات الإسلامية”، وأعدمت حتى الآن أكثر من 120 ألف إنسان من دعاة الحرية بطرق مختلفة، وإن ما حدث خارج حدود إيران حتى الآن أيضاً الآن هو نتاجٌ طريقة التفكير الحمقاء هذه، ويمكن التفسير والنظر للترويج لهذه الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط في هذا السياق أيضاً!
لقد أسست سلطات وأجهزة هذا النظام المعادي للشعب سياستها واستراتيجيتها على أساس “الأكاذيب” و”التزييف” تحت إسم “الإسلام”، ولو كان العالم خارج النظام وخاصة الحكومات علة قدر من “الواقعية” لكان الوضع في إيران والمنطقة والعالم بشكل آخر، ولما شهد العالم موجة واسعة من الإرهاب والقتل وانعدام الأمن وعدم الاستقرار وما كان (على الأقل كالنموذج الحالي)، ولو لم يكن هناك استرضاء مع هذه الدكتاتورية لما وصل هذا النظام الوحشي إلى هكذا النقطة التي “يهدد” أو “يُغرق” فيها المنطقة والمجتمع الدولي بالدماء!
لقد لفتت المقاومة الإيرانية على الدوام أنظار العالم وخاصة الحكومات إلى حقيقة أن “رأس أفعى ولاية الفقيه موجودة في طهران” وشددت كذلك على مطلبها بأن “لا تساعدوا على بقاء هذه الديكتاتورية وكفى!”، هذه هي السياسة والاستراتيجية الأصح فيما يتعلق بإيران، ولخلق حالة من الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، وهي في الوقت ذاته أفضل وأعلى درجات الدعم لشعب ومقاومة إيران، ولقد كانت المقاومة الإيرانية مُدركةً دائماً أن السياسة الصحيحة تجاه إيران هي الوقوف إلى جانب شعب ومقاومة إيران التي هي في الحقيقة “تقف على الجهة الصحيحة من التاريخ”!
إن ما كان مؤلما للغاية وما زال جارياً مستمراً هو سياسة “الاسترضاء مع الدكتاتورية الإيرانية” التي تنتهجها الحكومات الغربية والعربية والتي تتغاضى عن جرائم هذا النظام وتعرقل نضالات الشعب الإيراني ضد الدكتاتورية، وكان لديها خطة إنقاذ الديكتاتورية في إيران حتى الآن، ذلك لأنهم على عكس الشعب الإيراني كانوا مسرفين متصالحين مع “أكاذيب وخداع الولي الفقيه”، واعتمدوا سياسة افتداء دكتاتورية ولي الفقيه المسعورة والتوسعية، وإن ما يجري في الشرق الأوسط هو قبل كل شيء نتيجة لهذا المسار الخطير من الاسترضاء!
إن المقاومة الإيرانية التي كانت على الدوام بمثابة كنزٍ من الخبرات والإنجازات ومتاح للبشرية في الحرب ضد الدكتاتورية الدينية، وكانت دائما في قلب معركة النضال من أجل إطاحة الدكتاتورية في إيران، ولم تغفل ولو لـ لحظة واحدة عن مصالح الشعب الإيراني والتي تتلخص في “إسقاط الدكتاتورية في إيران”، والأولوية لدى المقاومة الإيرانية هي تحرير إيران والإيرانيين من الحكم الدكتاتوري الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى الاستقرار والأمن في المنطقة والعالم، ولهذا السبب فإن برنامج هذه المقاومة من أجل “مستقبل إيران الحرة” هو قضية السلام والتعايش السلمي والرخاء والتقدم في هذه المنطقة من العالم.
قام النظام الديني المتسلط على إيران بابتزاز أموال الحكومات من خلال توسعة نهجه القمعي في إيران وشن الحروب خارج الحدود حتى يصل إلى هدفه النهائي بتحقيق متطلبات الهيمنة على المنطقة والعالم، ولقد عملت المقاومة الإيرانية مراراً في العقود الأربعة الأخيرة على توعية الرأي العام بشأن المشاريع التوسعية لنظام الملالي، ولم يكن نظام ولاية الفقيه أبداً صديقاً لأي شعب وقد كان في مقدمة أولوياته بقاء النظام الديني وغير الشرعي الذي كان قبل كل شيء ولا يزال معادياً لشعبه داخل إيران.
في عالم الاقتصاد والسوق يقوم البائع برفع “سعر السلعة” بالقدر الذي يصبح لديه من خلاله “مشترين” لأنه إن لم يكن هناك مشترين لسلعته فسيكون مجبراً على خفض السعر! وفي عالم السياسة الممزوجة بالعنصر الديني يترافق هذا الأمر بخديعة ومزيدٍ من الخداع، وقد تعامل الملالي بمهارة وتجبر تجاه هذا القانون، وبالتأكيد لو لم يتم اعتماد سياسة الاسترضاء مع هذا النظام منذ البداية، ولم يتم التغاضي عن جرائم هذا النظام خاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان والتدخل في شؤون الدول لما كان الوضع مؤلما ومقلقاً إلى هذا الحد الذي عليه الحال اليوم، ولهذا السبب لعبت سياسة “الاسترضاء مع الدكتاتورية” على الدوام دوراً مساعداً في بقاء هذه الدكتاتورية.
ومن خلال سوء استغلال المشاعر الدينية للشعب الإيراني أطلق خميني على نظامه اسم “الجمهورية الإسلامية”، ووصف عقوباته في داخل إيران بالـ “إسلامية” ووصف تصدير الإرهاب والتدخل في الدول الأخرى بالـ “الإسلام التقدمي”، ووصف المعارضين بالمعادين للثورة المعادين للإسلام ولإيران والشعب، وفي النهاية وصفهم بـ “المنافقين” واحتسب نفسه من “الدين الإلهي” و”وريث أنبياء بني البشر” وولي الأمر الـ “الوصي على الشعب”، وقد قتل وأباد ودمر وفعل ما يشاء تحت هذه الألقاب، ولم يأتي من فراغ أن يُطلق على هذا النظام لقب “أعظم دكتاتورية في المنطقة” و”بنك الإرهاب العالمي”.
ومن حيل وخداع هذه الدكتاتورية الدينية المعادية للإنسانية أنها اعتادت أن تمهد الأرضية المطلوبة دائما لتجنب “أزمة الإطاحة بها” ومن ثم تقوم في الخطوة التالية بتجنيد الآخرين من خلال قلب الحقائق والخداع لتحييد وتهميش الانتفاضة الشعبية والمقاومة المنظمة ويغير مسار حركة القطار بالطريقة التي يريدها!
هكذا فعل ولي الفقيه الحاكم في السنة الأولى من انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة، ولأن مشروعه فشل بفضل يقظة الشعب والمقاومة الإيرانية، فبحث عن حل ليبدأ السنة الثانية بالحرب خارج الحدود وقد فعل! إن أخطاء وسوء تقديرات ولي الفقيه الكبيرة هي أن “الأوضاع لن يعود إلى الماضي أبداً” وأن أبناء الشعب الإيراني قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة في النضال ضد الدكتاتورية، وإنهم لن يرضوا بأقل من إسقاط الدكتاتورية وإقامة جمهورية ديمقراطية شعبية وطنية، ويُعد عزم وإصرار الشعب الإيراني وخاصة عوائل الشهداء على هذا الأمر تأكيداً على مواصلة الطريق، وتأكيداً على الحرص على الحفاظ على أهم الإنجازات والمكتسبات التي أحرزوها حتى الآن!
كلمة أخيرة
لقد وصل النظام المتسلط على إيران إلى نهاية الخط، وبات إسقاطه حتمياً على يد الشعب والمقاومة الإيرانية، ولن يتمكن هذا النظام من تجاوز أزمة الإطاحة به بحيل وأساليب الترويج للحروب خارج الحدود، وتختلف معطيات الأوضاع الحالية تماماً عن الماضي! والثبات والوقوف في وجه وحش ولاية الفقيه والاستشراف في تاريخ العبور المنتصر عبر المتغيرات يتطلب أن يتمتع صاحب البرنامج الأساسي بالخبرة والإدارة، وهذا هو ما يتمتع به البديل المتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية برئاسة السيدة مريم رجوي.
أثبتت الانتفاضة الأخيرة للشعب الإيراني ضد الدكتاتورية الحاكمة المروجة للحروب في المنطقة؛ أثبتت مرة أخرى صحة استراتيجية المقاومة الإيرانية بأن رأس الأخطبوط ورأس أفعى ولاية الفقيه موجودتان في طهران، وإن لم تُسحقا بحجر فلن يتغير الوضع، وبعد فترة سيخرج رأسها من جديد، وإن استقرار وأمن المنطقة والمجتمع الدولي يعتمد على “تحرير إيران” من مخالب الدكتاتورية.