
كتب _ أشرف المهندس
العديد من الأماكن فى محافظة الإسكندرية لها تاريخ طويل خاصة أنها كانت تضم جنسيات عديدة والأذواق لسكانها متنوعة بين اليونانى والإيطالى والفرنسى والتركى وغيرها من الجنسيات التى كانت تعيش بعروس البحر المتوسط، وتأثرت العمارة فى محافظة الإسكندرية بهذا التعدد الثقافى المتنوع وخاصة فى وسط المدينة والشوارع القديمة قبل التمدد السكانى فى أرجاء المحافظة، ومن ضمن العمارات المميزة هى عمارة “فومارولى” بشارع فؤاد بالإسكندرية.
تعتبر عمارة تراثية لها بصمة معمارية مميزة تتميز بالجمال والشياكة والرونق والرقى والفخامة والكلاسيكية صممها المهندس المعمارى الإيطالى Ernesto Carnevale”إرنيستو كارنيفال” فيى عام 1920 وتم تصميمها على الطراز المعمارى الإيطالى والإنجليزى توافقا مع الكوزموبوليتانية التى تتمتع بها مدينة الإسكندرية تقع فى تقاطع شارع فؤاد وشارع شريف باشا “صلاح سالم حاليا” وسط الإسكندرية
وإكتسبت شهرة كبيرة فى الإسكندرية من تواجد حلوانى”بودرو” اليونانى العريق الراقى الشهير أسفل العمارة والذى كان يشتهر بتقديم الحلوى اليونانية والتركية والفرنسية والبسكويت والمخبوزات الفرنسية الشهيرة والعصائر الطازجة والأرز باللبن والآيس كريم المشهور المميز والخاص به وكانت ترتاده الطبقة الراقية من أبناء الذوات والباشوات والوزراء والسياسيين، ومن العائلة الملكية فى مصر والمشاهير من الكتاب والأدباء والفنانين
ويقول محمد ثروت خبير تراث، إن عمارة فومارولى، هى أشهر عمارة فى محافظة الإسكندرية وتحديدًا من شارع فؤاد كان يعيش فيها كبار الشخصيات فى محافظة الإسكندرية، وكان يوجد أسفلها مخبز وحلوانى من أكبر المحلات فى مصر لصاحبه يونانى الجنسية.
وأضاف أن المبنى يخضع تحت إشراف وزارة الآثار وهو مسجل لدى هيئة التراث ويخضع للاشراف الكامل لها، بالإضافة الى عمليات الترميم تخضع لها بالكامل .
يعتبر شارع فؤاد هو أهم واكبر شوارع المحافظة وأقدمها يعود تاريخ إنشاؤه إلى عام 331 قبل الميلاد فى عهد البطالمة، لذلك فهو يعتبر أقدم الطرق فى العالم ، وكان يسمى “الطريق الكانوبى” حيث كان مصفوفاً بالأعمدة الرخامية من بدايته وحتى نهايته ، ثم أطلق عليه طريق رشيد بعد الفتح الإسلامى لمصر لأنه كان يبدأ من بوابة رشيد في الأسوار العربية القديمة ثم يتجه شرقاً ناحية ضاحية أبي قير، ثم تغير اسمه إلى شارع فؤاد وذلك نسبة إلى الملك فؤاد ويطلق علية ايضا اسم طريق الحرية وجمال عبدالناصر حيث أنه امتداد لطريق الحرية “شارع أبوقير” .
تتميز معظم مباني شارع فؤاد بالطراز اليوناني الممزوج بالفن الإيطالي المعماري “الفلورنسى” بجانب الطراز المعمارى الفرنسى والإنجليزي، سيطر على شكل منازل شارع فؤاد ومحلاته، حيث تنافس على إنشاء المنازل فيه الفنانون العالميون والمصريون، لتعيش البيوت لأكثر من 100 عام، وكأنها بنيت بالأمس وشارع فؤاد لم ينل شهرته فى الثغر من فراغ، فهو عبارة عن متحف مفتوح يضم أكثر من 50 مبنى تاريخيا، منها مبنيان حصلا على جائزة أحسن تصميم للواجهة من المجلس البلدى بالإسكندرية، وهما عمارة “تراسك باس”، التى أسسها أحد اليونانيين فى القرن الماضى، والآخر هو مبنى عمارة “فومارولى”.
وتحولت معظم المنازل فيه إلى سفارات وقنصليات بينما ظلت المطاعم والكافيهات القديمة على حالها واسمها تحتفظ بتاريخ الشارع الذى شهد على أزمنة مختلفة يقع شارع فؤاد بمنطقة محطة الرمل بوسط الإسكندرية وفي بداية الشارع يوجد حالياً قسم شرطة العطارين الذى كان يمثل مركز الحراسة البريطانية الرئيسي بالإسكندرية، والذي كان يجاوره معبد صغير لسيرابيس مكان نادي “محمد علي” مركز الحرية والإبداع حالياً وكان أكبر نوادي الإسكندرية أوائل القرن التاسع عشر بالاضافة لوجود مقر الهيئة الاقليمية لتنشيط السياحة بجانبهم التى انشأت بالقرار الجمهورى رقم 691 لسنة 1957 والمعدل بالقرار رقم 191 لسنة 1959، ويتقاطع شارع فؤاد مع شارع النبي دانيال وهو نفس التقاطع الرئيسي لطرق المدينة القديمة والذي وضعه المهندس “دينوقراطيس”.
كما يضم الشارع المتحف القومي الذى كان فيلا لتاجر الأخشاب اليونانى باسيلى والمؤسس على الطراز الإيطالى الحديث ومن أهم ما يميز شارع فؤاد مسرح سيد درويش الذى يعد فرع دار الأوبرا المصرية بالإسكندرية والتى قام ببنائها المهندس الفرنسى جورج بارك كما سكن بشارع فؤاد الشاعر اليونانى كفافيس، وأيضا يوجد فيلا مخلع الذى تحدث منها الزعيم المصرى سعد زغلول إلى المواطنين بالإسكندرية وكان يحثهم على النضال والإصلاح وغنى له سيد درويش الذى أتى من منطقة كوم الدكة، وشارك مع الجماهير النضال بالغناء وفى نهاية شارع فؤاد توجد ساعة الزهور التى تدق ساعاتها بانتظام أمام حدائق الشلالات التى تضم بقايا آثار الإسكندرية الإسلامية مثل الأسوار القديمة وصهريج الشلالات، بجانب وجود بشارع فؤاد العديد من المصالح الحكومية وعددا من دور السينما والمطاعم والكافيهات التى وضع اشتراطات عند تصميم هذه المطاعم والكافيهات بالعودة للطراز الأصلى وعدم المساس بالقيمة التراثية للشارع