اسليدرالاسلاميات

ذكرى شهادة رابع أئمة الهدى

بقلم / مجاهد منعثر منشد
هــذا الــذي تـعـرف الـبـطحاء وطـأته والــبـيـت يـعـرِفُـه والــحـلُ والــحـرمُ
هـــذا ابـــن خــيـر عِــبـاد الله كـلـهـم هــذا الـتـقي الـنـقي الـطـاهر الـعلمُ
هــذا ابــن فـاطـمةٌ إن كـنـت جـاهله بـــجــدّه أنــبــيـا الله قـــــد خــتــمـوا
ولــيـس قـولـكم مــن هــذا بـضـائره الـعُـرب تـعـرف مــن أنـكرت والـعجم
كــلـتـا يــديـه غــيـاث عـــم نـفـعـهما يـسـتـوكـفـان ولايــعـروهـمـا عــــدم
ســهـل الـخـليقةِ لاتـخـشى بــوادره يـزيـنه إثـنان:حسن الـخلق والـشيم
حــمّـال أثــقـال أقـــوام إذا افـتـدحـوا حــلـو الـشـمـائل تـحـلو عـنـده نـعـم
مــاقــال:لاقــطٌ إلا فـــــي تــشــهـدهُ لــــولا الـتـشـهـد كــانــت لاءهُ نــعــم
عــمّ الـبـرية بـالإحـسان فـانـقشعت عـنـهـا الـغـيـاهب والإمــلاق والـعـدم
إذا رأتـــــه قـــريــش قــــال قـائـلـهـا إلـــى مــكـارم هـــذا يـنـتهي الـكـرم
يـغـضي حـيـاءً ويـغضى مـن مـهابتهِ فـــــلا يُــكّــلَـمُ الإ حـــيــن يــبـتـسـم
بــكــفّـه خـــيــزران ريــحـهـا عــبــق مــن كــف أرع فــي عـريـنيه شـمـم
يــكــاد يـمـسِـكـه عــرفــان راحــتــهِ ركـــن الـحـطـيم إذا مــاجـاء يـسـتلمُ
الله شــــرفـــه قِـــدمـــاً وعــضــمــهُ جــرى بــذَاكَ لــه فــي لـوحـة الـقلم
أي الـخـلائـق لـيـست فــي رقـابِـهُم لأوّلــــيّـــة هـــــــذا أولــــــه نـــعـــم
مــــن يـشـكـر الله يـشـكـر أوّلــيّـةذا فـالـدين مــن بـيـت هــذا نـالهُ الأُمـم
يـنمي إلـى ذروة الـدين التي قصُرت عـنـها الأكــفّ وعــن إدراكـهـا الـقـدم
مـــن جـــدّه دان فــضـل الأنـبـيـا لــه وفــضــل أمــتـهِ دانـــت لـــهُ الأمـــم
مـشـتـقّةٌ مـــن رســـول الله نـبـعـته طــابـت مـغـارِسه والـخـيم والـشـيَمُ
يـنشق ثـوب الـدجى عـن نـور غـرّته كالشمس تنجاب عن إشراقها الظُلم
مــن مـعـشرٍ حـبـهم ديــن ٌوبـغضهم كــفــر وقـربـهـم مـنـجـى ومـعـتـصمُ
مـــقــدمٌ بــعــد ذكــــر الله ذكــرهــم فــي كــل بــدء ومـخـتوم بــه الـكـلمُ
إن عــد أهــل الـتـقى كـانـوا أئـمـتهم أو قـيل مـن خير أهل الأرض قيل همُ
لا يـسـتـطيع جـــوادٌ بــعـد جــودهـم ولا يــدانــيـهـم قـــــومٌ وأن كـــرمــوا
هـــم الـغـيـوث إذا مــا أزمــةٌ أزمــت والُسد أُسد الشرى ، والبأس محتدمُ
لايـنـقص الـعسر بـسطاً مـن أكـفهم سـيّـان ذلــك : إن أثــروا وإن عـدمـوا
يُـسـتـدفعُ الــشـر والـبـلـوى بـحـبهم ويـسـتـربُّ بـــه الأحــسـان والـنـعـم

استشهد زين المتهجدين و إمام المتقين بعد أن تقرحت جفونه على مصائب آل محمد من الأئمة المعصومين , فلم يرتو من حجر أمير المؤمنين جده الإمام علي بن أبي طالب غير سنتين , فأسل فؤاده من جفونه أدمعا على عمه السبط الحسن المجتبى , إذ لم يلبث أن يمكث معه عشر سنيين ليراه مسموما , فتجرع الأسى ,فما أبقت البلوى ضنا من جسمه حتى يعاصر أباه ثلاثة وعشرين عاما ليرى مصرعه وهو صريعا مرملا بالدماء على أرض كربلاء حتّى قضى سمّاً وملأ فؤاده ** ألم تحز مداه كـــــــــــل فؤاد .

سبعة وخمسون عاما وقرة عين الناظرين العارفين يشاطر الأحزان عمته زينب العقيلة وجدته فاطمة أم البنين وسائر آل محمد , فتحمل الاعباء ليصطفيه الله تعالى بعد أبيه فيكون إماما خمسة وثلاثون عاما , فجاهد من عاصرهم من حكام الجور والظلم يزيد بن معاوية، معاوية بن يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، الوليد بن عبد الملك.

والسجاد خازن وصايا المرسلين و خلف السابقين هو القائل مخاطبا ابن زياد بقول جده المرتضى : أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
هو زين العابدين وصي الوصيين ورغم أنه عليل كان صاحب الوقفة والشموخ إمام طاغية عصره يزيد الذي قال للسجاد : { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }, فرد عليه نور المجتهدين علي بن الحسين , كلا ما هذه فينا نزلت ، إنما نزلت فينا { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ….} ,فنحن الذين لا نأسى على مافاتنا ولا نفرح بما آتانا.

ذخر المتعبدين و سفينة العلم أثناء ثورة المدينة التي تفجّرت ردّاً على مجون الاَمويين وقتلهم لآل بيت النبي( صلى الله عليه وآله) وسلم فزع مروان كأشدّ ما يكون الفزع مع عياله إلى بيت الاِمام زين العابدين ؛ لاَنّ الثورة كانت تستهدفه ، فضمّ الاِمام نساء الاَمويين إلى حرمه ، وقيل أنّه كفل أربعمائة امرأة مع أولادهن وضمهنّ إلى عياله حتى قالت واحدة منهنّ : إنّها ما رأت في دار أبيها من الراحة والعيش الكريم مثل ما رأته في دار الاِمام علي بن الحسين.

عند موت عبد الملك بن مروان , تأزم الوضع , فتسلم زمام أمور السلطة أبنه الوليد , وكان سكينة الحلم الإمام زين العابدين مواصلاً لخطواته الإصلاحية بين صفوف الأُمّة الإسلامي ,فأحبته الناس وتحدثوا عن علمه وفقهه وعبادته وصبره ، وسائر ملكاته .وهذا ما لا يروق للحكم الأموي .

والوليد بن عبد الملك يوسوس له شيطانه , فيكلم نفسه : لا يدوم لي ملك وسلطان وابن الحسين هنا , فأطلق عنان لسانه ليسمع زبانيته : لا راحة لي وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا!
نادى من جنده , فسلمه سمّاً قاتلاً وأرسله من الشام إلى عامله على المدينة، وأمَرَه أن يدسَّه إلى بحر الندى و بدر الدجى

وسمت روح الإمام العظيمة إلى بارئها بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها، وعباداتها، وجهادها، وتجرُّدِها من الهوى, فمضى شهيدا في 25 محرّم سنة 94 هـ في المدينة المنورة .

رئيس النحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى