بقلم / مجاهد منعثر منشد
الإمام عَلِيِّ الرِّضَا الْمُرْتَضَى عَبْد اللَّهُ ووَلِيِّ دِينِه الْقَائِمِ بِعَدْلِه وَ الدَّاعِي إِلَى دِينِه وَ دِينِ آبَائِهِ الصَّادِقِينَ .
الصِّدِّيقُ الشَّهِيدُ , الْوَصِيُّ الْبَارُّ التَّقِيُّ , وَ ليُّ اللَّهِ , حجةُ اللَّهِ , نورُ اللَّهِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ , عمودُ الدِّينِ , وارثُ علم الانبياء , و وارثُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ و أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ وَلِيِّ اللَّهِ وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وارثُ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ , ووارثُ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ,و عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ , ومُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ بَاقِرِعِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ, وجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْبَارِّ, ووارثُ أبيه مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الذي قال فيه قاتله هارون لابنه المأمون: هذا إمام الناس ، وحجّة الله على خلْقه، وخليفته على عباده .
مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ إمام حق ، والله يا بُنيّ ، إنّه لأحقّ بمقام رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ منّي ومن الخلق جميعاً ، واللهِ لو نازعتَني هذا الأمر لأخذتُ الذي فيه عيناك ، فإنّ المُلك عقيم.
كهفُ الحِجى الزاكي لقب الرِّضَا لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من أوليائه.
أوعز المأمون لغلامه عبدالله بن بشير أن يسم نـورُ الهـدى الساطع خير العبادْ الذي كـان للتـوحيد نِـعم العمادْ بعنب وحبات رمان , فأوصى غلامه بوضعه تحت أظفاره ثم يحوله إلى كفه ، ويفرك بكفه حبات الرمان ,وأوصاه أيضاً بأن يغمس سلكاً بالسم ثم يدخله في حبات العنب من الطرف إلى الطرف بإبره ويقدمهما إلى الإمام (ع)
تحت أنظار من يحضر المجلس من الناس , فامتنع الــهادي إلـى الحقّ وبابُ الرشادْ عن الأكل , لكن المأمون أصر أصراراً شديداً وقال للإمام لا بد لك من الله , فتناول علَمُ الهدى عـليٌّ أمـيـر النحل ذو الثفناتِ من العنقود ثلاث حبات ثم رمى به وقام فقال إلى أين يا بن العم فقال الرِّضَا (ع) : إلى حيث وجهتني.
وكان استشهاده يوم الثلاثاء السابع عشر وقيل الاثنين التاسع والعشرين من شهر صفر سنة ثلاث ومئتين للهجرة النبوية الشريفة.
هكذا المأمون لم يرعَ خالق الأكوان ذي المنن , قد شاء أن يكون في سجين ,قتل من آبـائه الغـُرّ المـيـامينُ , فكان مثوى الصادقَينِ وسراج المهتدين شمس الهداية من بني ياسين , سم من الخلائق طوعه في عالم التكوين والتدوين. أغتال من وجُـبـتُ لـه مـهابةَ كلِّ وادِ , ثـامن الأُمناء الذي يرجى ضمـانـهِ يـومَ المعادِ , أبـوه باب الــحوائج وابنُه بـابُ المرادِ.
قضى الإمام الرِّضَا العالِمُ الـحَبـرُ غريباً محتسبا مظلوماً شهيدا, ودفن في أرضٍ أتاها قَسْرا , فبـوركـتِ أرضٌ بـالإمام تَنـوّرُ , كلّ مَن زارهُ فيها أصاب رضى اللّـــهِ وفي عفوه غدا مغموسا , رمـسٍ ضَمَّ أماما شبيهَ موسـى وعيـسى, قـبرَه ضـمّ عِـلـمٌ وحـلـمٌ وذكره تقديسا .
قال من عنده علم الكتاب وما جاءت به السّور(ص): ستدفن بضعة منّي بخراسان ما زارها مكروب الاّ نفّس الله كُربته، ولا مُذنب الاّ غفر الله ذنُوبه.
وعن أنيس النفوس إمام الانس والجنّ المدفون بأرض طوس، بضعة سيّد الورى مولانا أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا صلوات الله عليه وعلى آبائه وأولاده أئمّة الهدى: من زارني على بُعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتّى أخلّصه مِن أهوالها: إذا تطايرت الكتب يميناً وشمالاً، وعند الصّراط، وعند الميزان. هكذا فمـَن زارهُ يـرجـع ذا فـوزٍ، وذا حسناتِ , ويُؤمَـن يومَ الحشر مِن عثراتِ.
سأحن وأبكي عـلى مـحنتهِ وكُربتِهْ وبُـعدِه عـن دارهِ وغُـربـتِهْ , وأدعو في أعتابِهِ ,فـالعِـزّ كلُّ العِزّ فـي أعتابهِ, هْو الغوث في كـلّ شدّةٍ ,وأرجـوه لـلدنيا ويـومِ وفـاةِ. ياطائر خذني لقبر الرِّضَا عسى أن تلوحا , أسبق الصبا وأشد الرحال إلى طوسَا , مُسعَّرَ الشوق اليك سيدي أكـابـد أحـزانـا, أن أصابتني ملمة أقـبـل نحوك لاجيا , لا أجد في خراسان غيـر بابك حاميا , أرتوي من نسيم عـطـرك كم تعطّرت الدُّنا, بالمنام أزورك وأشم من ثراك طيب يفوحا , إلهي العودة لمـشهـدِ طُـهـرٍ ومحـلَّ نفيسا , سآتيك ساعيا وحسبيَ فخـراً أن ترانـي مُواليا.