أسواناسليدرالمحافظات

دم عمال أسمنت أسوان في رقبة مين ؟

احجز مساحتك الاعلانية

 هانى توفيق

في مشهدٍ مأساويٍ كاشفٍ لوضع الجماهير الشعبية ، تفحَّمَ ثلاثة من عمال شركة أسمنت ميديكوم أسوان، الأسبوع الماضي وتحديدًا يوم الأحد 23 يوليو، أثناء قيامهم بعمل صيانة لأحد الأفران، بينما يُصارع اثنان آخران الموت على سرير المستشفى.

الشركة التي يمتلكها رجالُ أعمالٍ كبار، من بينهم أخو عضو مجلس النواب الحالي معتز محمد محمود، يناضل عمالها، منذ عام 2003 للمطالبة بتوفير إجراءات السلامة والصحة المهنية، وتثبيت المؤقتين، ورفع الرواتب التي لا تتجاوز 1800 جنيه، بينما تربح الشركة مئات الملايين سنويًا، ولكن دون أدنى استجابة من صاحب العمل ومن أجهزة الدولة المختلفة، التي ترفع شعار “دعه يعمل دعه يمر”.

وتحت ضغط الحاجة، واصل العمال العمل الجبري، إلى أن جاءت الفاجعة بعد أن أصرَّ مدير المصنع على أن يقوم العمال بصيانة الفرن في أثناء عملِ المصنع، وأن يدخلوا إلى الغرفة التي تصل درجة الحرارة فيها إلى 1500 درجة مئوية، وبعد أن تذمَّرَ العمال في البداية، هدَّدَهم المدير القاتل بقطع عيشهم.

ولأن العمال يدركون تمامًا أن أجهزة الدولة لم ولن تلتفت إلى شكاويهم، وبالتالي رفضهم يعني تشريد أسرهم، بل ومن الممكن أن يحوِّلهم إلى إرهابيين ويرمي بهم في غياهب السجون، وافقوا لتسقط عليهم موادٌ مشتعلة، فيلقى اثنان من العمال مصرعهما متفحمَين، ويلحق بهم مهندس ثالث بينما عاملين آخرين حالتهما خطرة.

ولم تقف المأساة عند هذا الحد، فقد أضرب العمال واعتصموا للمطالبة بحق زملائهم وباقي مطالبهم القديمة، ولكن الموت تفحُّمًا لم يشفع لهم، فهاجمت قوات الأمن العمال المعتصمين، وألقت القبض على العشرات يوم الخميس 27 يوليو، وقرَّرت النيابة حبس ثمانية منهم لمدة أربعة أيام بعد أن اتهمتهم بإتلاف ممتلكات، والامتناع عن العمل، والتحريض، إلخ.

نعم.. إلى هذه الدرجة بلغ توحُّش الرأسمالية
نعم.. إلى هذه الدرجة تحوَّلت الأجهزة الأمنية إلى عصا باطشةٍ في يد رجال الأعمال، وباتت الأرباح والمحسوبية هي القيمة الوحيدة.

وهكذا انضم شهداء لقمة العيش بالأسمنت إلى ضحايا الموت إهمالًا في المعتقلات والتصفية بلا محاكمات، ليقفوا معًا في طابورٍ طويل يضم ضحايالقمة العيش.

والاشتراكيون الثوريون إذ يُعلِنون تضامنهم الكامل مع عمال شركة أسمنت أسوان، يطالبون بمحاكمة وزير القوى العاملة والداخلية بتهمة القتل العمد للعمال. وكذلك يدعون القوى السياسية الديمقراطية إلى تشكيل لجنةِ تنسيقٍ في ما بينها تناضل من أجل فك الحصار عن عمال المصنع وتلبية مطالب العمال المعتصمين، واسترداد حق الشهداء، ومحاكمة المسئولين عن مقتلهم إلى جانب النضال من أجل تشريعات عمالية (قانون عمل، وتأمينات اجتماعية وصحية)، تنحاز للعاملين بأجر.

وعلى الصعيد العمالي، باتت الصورة واضحة لا لبس فيها، فإذا لم تتحد القيادات العمالية الشريفة في كافة مواقع العمل، وتتكاتف من أجل حق العمال الثلاثة القتلى حرقًا، وتوفير إجراءات السلامة والصحة المهنية، ومن أجل الإفراج عن العمال، فلنتوقع اليوم وغدًا وبعد غدٍ حوادث مماثلة.

وأخيرًا يُثبِت الوضع الراهن أن الرأسمالية هي عدو العمال الأول، وأنه لابد من النضال من أجل تجاوزها لنظام اجتماعي اشتراكي يقضي على الاستغلال والبطش والاستبداد، ويرفع عاليًا شعار “العمال قبل الأرباح”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى