اسليدر

داعش و(تهميش سنة العراق!!) ..

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم : ابراهيم الشاهد
روّج الكثيرون في فترات سابقة سياسيا واعلاميا ان التنظيم الارهابي داعش قد نشأ نتيجة (الاقصاء والتهميش) الذي تعرضت له بعض مكونات الشعب العراقي وبالتحديد المكون السنّي ، ومع اعتذارنا الشديد لوحدة الشعب العراقي ونسيجه الوطني وللقارئ بما قد ينتج عن تلويث بصره بمثل هذه المسميات الطائفية فاننا سنحاول الترفع عن استخدامها ونكتفي بهذه الاشارة كي يكون مبتغانا من كلامنا هذا واضحا بشكل تام .
قد نتفهم ان كثيرا من تلك الاراء ليست بالضرورة صادرة عن اشخاص لهم معرفة واسعة بالمشهد العراقي وابعاده – مع انه عذر غير مشروع – ، وقد يكون كل الكلام الصادر عن العملية السياسية في العراق بشخوصها وتركيبتها العرجاء مفهوما ايضا ويمكن تلمس بعض الصواب فيه ، الا ان ما يدعو للدهشة والاستغراب وما يستدعي الوقوف عنده طويلا هو تلك النغمة المستمرة حول ارجاع سبب ظهور التنظيم الارهابي داعش الى كونه نشأ كـــ ( رد فعل ) للتهميش والظلم اللذان طالا بعض مكونات الشعب العراقي التي يدعي الارهاب الانتماء اليها مذهبياً !! .ومما يستدعي الاستغراب اكثر ان تلك النغمة لا تصدر فقط عن اشخاص من خارج العراق بل انها تصدر عن (شخصيات سياسية) من داخل العراق ايضا !! .
ان هؤلاء جميعا يؤدون بوعي او من غير وعي خدمة مجانية لهذه التنظيمات الارهابية ، ففي الوقت الذي تخرج فيه الاصوات صادحة من كل مكان تتبرأ من التنظيم الارهابي وتبرأ الدين الاسلامي من ممارساته الاجرامية ، نرى هؤلاء يصرون على ان يعطوا التنظيمات الارهابية رئة تتنفس منها من خلال هذه التوصيفات الطائفية الضيقة ، ويعطونه بشكل مباشر صك مشروعية وجوده على الارض.
ومنذ متى كان الارهاب رد فعل لمظلومية اياً كانت تلك المظلومية واشكالها ؟؟ ومن قال اصلاً ان غالبية الشعب العراقي تعيش في سلام ورخاء فيما المكونات التي يدعون ان داعش نشأ على انقاض مظلوميتها تُسام الوان العذاب ؟؟ وبماذا نفسر المظاهرات والانتقادات المستمرة لكامل المنظومة السياسية العراقية وبالاخص من قبل الاغلبية التي تدعي الحكومة وائتلافها الحاكم انها قد تشكلت باسمها ؟؟ .
لقد كان الاولى لاصحاب تلك الاصوات ان يتدبروا كثيرا قبل ان يسبحوا في فضاء تصوراتهم تلك ، وبدلا من ذلك كان الاولى بهم تركيز جهودهم لتشكيل قوة ضغط حقيقية على المؤسسات الدينية الرسمية كي تعيد النظر في كثير من تلك الكتب والمصنفات التي كفّرت وبجرّة قلم كل من خالف تصوراتها عن الاسلام والجهاد والعقيدة والتوحيد وما شابه ، تلك الكتب التي لا زالت تُطبع عشرات المرات سنويا وتوزع في ارجاء العالم الاسلامي بل وتدين بها دول بأكملها ! .
ان الجميع يقر بأن جزء مهماً من الحرب ضد الارهاب يأخذ طابعاً فكرياً ، وإبطال الفكر الارهابي بفكر آخر مستنير يمثل حوهر الاسلام بصورته النقية التي يعرفها الجميع ، والجميع ايضا يشخّص ويحدد الكتب والمصنفات التي تمثل طروحاتها خطراً حقيقياً يتغذى منه الارهاب ويعتاش عليه لسنوات طوال ، فما الذي يمنع عقلاء الامة اذاً كي يطهروا مذاهبهم ويخطو خطوات متقدمة نحو ذلك بما يتعدى مجرد التصريح وعقد المؤتمرات ؟؟ .
بدلاً من اعطاء تبريرات وصكوك شرعية لوجود الارهاب تحت مسميات وذرائع شتى ، فلتُحاسَب تلك الشخصيات التي جاءت على وقع (مظلومية ) و (تهميش) تلك الطوائف في العراق ، وغررت بأبنائها واستغفلتهم طمعاً في المناصب والمكاسب التي هرعوا لاغتنامها بعد ان كانوا هم انفسهم اول من دعى لمقاطعة العملية السياسية في العراق عقب الاحتلال الامريكي له عام 2003 ، تلك الدعوة التي سرعان ما نسفوها ونكصوا على اعقابهم تجاهها وراحوا يتهافتون على قصعة السلطة ومغانمها ، تاركين ابناء جلدتهم الذين اوصلوهم الى مناصبهم تلك غفلةً وانخداعاً ، أسرى تتخطفهم ذئاب الارهاب وتعبث بمقدراتهم .

ابراهيم الشاهد
5/آذار/2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى