كتب :خلف الله الانصاري التدخل الإيراني والروسي في سوريا في الوقت الحالي ليس ضمانة لانتصار بشار الاسد. فهذا يحتاج إلى عشرات آلاف المقاتلين الإيرانيين، بل أكثر. وهذا قد يحدث، فمع الوجبة تأتي الشهية. لكن التدخل الحالي يضمن بقاء بشار في مواقعه في دمشق وعلى طول الشاطئ السوري. إن بشار ليس المسيطر الوحيد الفعال في هذه المناطق، بل إيران وحزب الله ايضا، وكذلك روسيا. الإيرانيون يقاتلون في جزء كبير من المناطق الاساسية في سوريا، وقد أجروا المفاوضات مع المتمردين دون أخذ الاسد بعين الاعتبار. التواجد الإيراني في سوريا ليس أمرا جديدا بالنسبة لإسرائيل. فمنذ بضع سنوات يعمل رجال الثورة الإيرانية من خلال رجال حزب الله لضمان السيطرة الدائمة على طول الحدود في هضبة الجولان، والاسوأ من ذلك هو أنهم يُشعلون هذه الحدود. جاء التواجد الإيراني مع ازدياد التواجد الروسي كخطوة مشتركة للدولتين، لكن لكل واحدة مصلحتها الخاصة، ومستوى التهديد لإسرائيل مختلف ايضا. لدى إسرائيل اسباب للقلق من التواجد الروسي، ومع ذلك توجد لروسيا قنوات اتصال مفتوحة مع إسرائيل، ولا يطالب زعماءها، علنا أو سرا، بتدميرها. احتلال سوريا من قبل روسيا، ولا سيما من قبل إيران، هو ثمرة اخرى للسياسة الأمريكية في المنطقة، ونتيجة مباشرة للتردد وعدم الفعل والضعف. وهي ايضا نتيجة مباشرة للاتفاق النووي مع إيران. هذا الاتفاق زعم معالجة السلاح النووي لكنه أبقى مسألة التدخل الإيراني في الشرق الاوسط مفتوحة. ويتضح الآن أن السؤال لم يبق مفتوحا. من ناحية الإيرانيين كان الاتفاق ضوء أخضر لزيادة التدخل في المنطقة. وهذا برهان آخر على الطابع الإيراني الجديد بعد الاتفاق النووي. بعد عقد أو عقدين سيتبين أن الاتفاق أحدث تغييرات عميقة في إيران حيث سيؤدي إلى اضعاف المتطرفين في القيادة الإيرانية. لكن هذا سيكون متأخرا لملايين السوريين. ليس غريبا أن الكثيرين في المنطقة يقتنعون أن الولايات المتحدة مطلعة على التدخل الإيراني ـ الروسي في سوريا، أو على الأقل هي لا تعارض ذلك، مثلما لا تعارض التدخل الإيراني المتزايد في العراق. قال ايال سيزر الكاتب الاسرائيلي : محظور على إسرائيل التسليم بذلك. ومحظور السكوت على ألف أو ألفين جندي إيراني، لأننا سنكتشف غدا آلاف الجنود وبعد اسبوع سنكتشف أنهم أحضروا معهم اسلحة وطائرات وصواريخ. من حق إسرائيل أن تطلب من روسيا أو الولايات المتحدة، وبشكل غير مباشر من إيران، ضمانات حول جوهر ومستقبل التواجد الإيراني في سوريا (مثلا أن لا يتجاوز الإيرانيون خط دمشق، وأن لا يملكوا الصواريخ والطائرات). يجب العمل على ذلك قبل فوات الأوان. قفزت الحرب في سوريا درجة في الاسابيع الاخيرة. في البدء مع تدخل روسيا الفظ والواضح إلى جانب بشار الاسد، والآن مع وصول آلاف المقاتلين الإيرانيين من حرس الثورة للقتال على الاراضي السورية. يأتي الإيرانيون لانقاذ نظام الاسد، ولكن فعليا هدفهم هو تعزيز وجود طهران وحرس الثورة على الاراضي السورية قريبا من الحدود الإسرائيلية. اذا تساءل أحد كيف ستبدو سوريا بعد بضع سنوات، وما هو مستقبلها المتوقع ـ هل ستبقى تحت سيطرة بشار أم تحت سيطرة زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، الذي سيصبح عنصر القوة الاساسي في الدولة، أم حسن نصر الله، زعيم حزب الله، هو الذي سيصبح صاحب القرار ـ لقد جاءت احداث الاسابيع الاخيرة لتُبين أن مستقبل سوريا هو إيراني، حيث أن قاسم سليماني، قائد حرس الثورة الإيراني، هو الذي سيحدد مصير المعركة في سوريا ومستقبل هذه الدولة. ولك الله امتنا العربية علي هذا السكوت الجبان من حكام الامة