كتب – أمير ماجد
كثيرا ما سمعنا وقرأنا عن دبلماسية «بينك بونك» الأميركية أو دبلماسية «باندا» الصينية التي اصبحت شائعة هذه الأيام أو دبلماسية «الجدران الخرسانية» التي كان ينتهجها أبو أسراء في العراق حيث كان يسن ما يشاء من القوانين الطائفية أو يحول دون التصويت على القرارات ضده في مجلس النواب بنقله الخرسانات الكونكرتية الواقية حول مبنى المجلس وكان يعلن بذلك للبرلمانيين العازمين على عقد الجلسة بأن اليوم ستكون هناك تفجيرات تحت أقدامكم اذا ما تجرأتم المجيء الى المجلس للتصويت ضدي.
فقد كان العهدان لحكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما أيضا، مهدا لأفضح الدبلماسيات وأكثرها فشلا وافلاسا .. دبلماسية أخذت تسمى في أوساط إيرانية ولربما عالمية بدبلماسية «الايميل»!. وعلى ما يبدو فإن الرئيس أوباما أصبح صاحب الرقم القياسي بين رؤساء الدول كلها في ارسال رسائل شخصية إلى الولي الفقيه، عدو بلاده العقائدي _في الظاهر طبعا_ الذي طالما كان يرفع هو ومتابعوه هتافات الموت للشيطان الأكبر وللاستكبار. وكان آخر هذه النماذج المثيرة للخجل من مراسلة ديكتاتورية محتضرة ليس تلطخت يداه بدماء شعوب إيران والمنطقة فحسب بل ولها سجل حافل بعمليات الاغتيال والتفجير في هذا أو ذاك قاعده أمريكية في ربوع العالم، هو قيام الرئيس أوباما بإرسال رسالتين سريتين أخرتين الى خامنئي مما كشف مرة أخرى فضيحة شعوذة الولي الفقيه في التبجح بمناهضة الشيطان.
وفي هذا الشان فقد أفادت احدى وسائل الاعلام الحكومية الناطقة باسم من يطلق على انفسهم «الاعتداليين» مؤخرا: «الرئيس الأمريكي باراك اوباما أرسل في أواخر شهر مارس رسالتين سريتين الى ايران» و«طلب من المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية أن يعالجا الملفات الاقليمية المثيرة بالتعاون والمشاركة بين الطرفين»… وبهذا الصدد يقول مصدر آخر إن «بعد ارسال رسالة اوباما الى الزعيم الايراني علي خامنئي ، انه دعا حسن روحاني الى مناقشة الموضوعات المثارة في رسالتي السيد اوباما معا».
ويختم المصدر الخبر « يرى خبراء سياسيون في الشأن الإيراني بأن كلمات خامنئي وهجماته اللفظية على أميركا أمام الرأي العام الإيراني والعربي تختلف تماما مع مواقفه المتخذة في اللقاءات السرية والقضايا خلف الكواليس. هذا التفاوت من الأداء والتعامل يأتي من باب حفظ الظاهر لموقف النظام بمناهضة الاستكبار في المجتمع وسمعته لحفظ العمق الاستراتيجي للنظام عند شعوب المنطقة».
نعم انتهت 8 اعوام من حكم الرئيس أوباما برسائله الشخصية وبمواقفه المثيرة للاشمئزاز من ممارسات حكام طهران، في البحث عن إيجاد التغيير في نظام الحكم المطلق للولي الفقيه، وكلما زاد البحث كلما لم يجد سوى المزيد من أعمدة المشانق قائمات في شوارع وأزقة إيران، وكلما تجنب لغة الحزم والقوة كلما تقدمت ولاية الفقيه حيث جعلت لنفسها عمقا استراتيجيا ليس في العراق فحسب بل في كل من سوريا ولبنان واليمن والبحرين وذلك في وضح النهار وأمام عيني أوباما.
ولربما تعود أهم أسباب فشل هذه الدبلماسية إلى أيام الانتفاضة الشعبية العارمة التي اندلعت عام 2009، في شوارع طهران والمدن الإيرانية حيث وجد أوباما نفسه أمام مفترق الطرق وكان عليه أن يقف إما بجانب الشعوب المنتفضة الذين كانوا يرفعون هتافات يخاطبون بها الرئيس الأمريكي بأوضح العبارة : «أوباما أوباما إما معهم أو معانا».. أو كان عليه اين يقف بجانب ولاية الفقيه.. وأوباما وخلافا لما كان تتوقع وتنتظر منه الشعوب المنتفضة والرأي العام العالمي، أختار الوقوف بجانب خامنئي وحكمه الراعي للإرهاب والتطرف والطائفية مما جعل دبلماسية «الايميل» تولد ميتة فلتكن هو ودبلماسيته الفاشلة وادائه الخارجي المخزي عبرة للرؤسا الأمريكان القادمين..