متابعة المهندس/ طارق بدراوى
حي الموسكي بوسط مدينة القاهرة يعد من أهم أحياء القاهرة التجارية علي مدار الزمن ومرفق صورة داخل الحي العريق تاريخها يعود إلى عام 1931م ويرى علي يمين الصورة بائع مشروب العرقسوس وهي مهنة مازالت موجودة حتي اليوم خاصة في اﻷحياء الشعبية في كل المحافظات وبنفس الهيئة والكيفية بالقدر الزجاجي المزود بصنبور لملء الكئوس بمشروب العرقسوس الذى يعشقه المصريون ووسيلة لفت النظر إليه واﻹعﻻن عن وصوله إلي أى مكان وهي عبارة عن صاجتين يمسكهما البائع بيده بطريقة معينة يتعلمها منذ الصغر ويقرع واحدة باﻷخرى فيصدر صوت مميز فيعلم الكل بوصوله فيقبلون عليه لتناول المشروب المنعش وخاصة في فصل الصيف والذى يحرص فيه البائعون علي أن يكون المشروب مثلجا ليناسب حرارة الجو في هذا الوقت من العام
وقد أطلق إسم الموسكي علي هذا الحي العريق نسبة إلى الأمير عز الدين مؤسك أحد أقارب السلطان صلاح الدين الأيوبي والذى أنشأ القنطرة المشهورة بإسم قنطرة الموسكي وكان يسكن في تلك المنطقة حيث بني له فيها قصرا ويوجد شارع متفرع من شارع عبد العزيز تم تسميته بإسمه تكريما وتخليدا لذكرى مؤسس هذا الحي العريق ولما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر قام جنود الحملة بهدم الكثير من البيوت والمنازل وفتحوا طريقا بين قنطرة الموسكي وجامع أزبك بمنطقة الأزبكية وهذا الطريق هو شارع الموسكي حاليا وفي عصر محمد علي باشا أمر بتوسعة وتسوية وتمهيد الشوارع والازقة الضيقة المتواجدة بمنطقة الموسكي ونظرا لكثرة النشاط التجارى بالمنطقة مما خلق ازدحاما شديدا بالمنطقة فقد أمر بإنشاء شارع السكة الجديدة وهو شارع الأزهر الآن وقد أكمل الخديوى إسماعيل مد شارع الأزهر ليصل إلى الموقع الذى توجد به جامعة الأزهر الآن وفي أثناء إحتفالات إفتتاح قناة السويس للملاحة في شهر نوفمبر عام 1869م دعا الخديوى إسماعيل كبار ضيوفه إلى جولة في مدينة القاهرة كان من برنامجها المرور خلالها بشارع الموسكي وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادى تم إفتتاح عدد 3 مدارس اجنبية بحي الموسكي مدرسة واحدة أمريكية وعدد 2 مدرسة فرنسية
ومعظم المباني بحي الموسكي والتي تم إنشاؤها في عهد الخديوى إسماعيل ضمن مخططه لتعمير وتحديث وتطوير مدينة القاهرة لتضارع أكبر العواصم الأوروبية في ذلك الوقت مثل باريس ولندن وروما وفيينا أخذت الطابع الفرنسي والبلجيكي الذى كان يعشقه الخديوى إسماعيل مثل مبني الإدارة العامة للدفاع المدني والحريق ومبني هيئة البريد ومبني قسم الشرطة والمسرح القومي حاليا والذى كان اسمه تياترو الخديوى كما توجد عمارة شهيرة بسوق الجوهرة بحي الموسكي وهي عمارة تيرنج والتي يعلوها كرة يحملها عدد 4 تماثيل وتعتبر تحفة فنية رائعة يجب الحفاظ عليها واثرا فريدا لايقدر بمال ومن المباني التي كانت متواجدة بالحي ولها رونق وجمال ولكن للأسف تغير نشاطها حاليا لوكاندة البرلمان والتي أصبحت مول تجارى الآن
وأيضا كان يوجد بحي الموسكي عدد من المقاهي الشهيرة منها مقهي ماتاتيا وكانت توجد خلف دار الأوبرا الخديوية التي بناها الخديوى إسماعيل واحترقت عام 1971م وقد أزيل المقهي عند إنشاء جراج الأوبرا متعدد الأدوار واقيم خلفه حديقة بنفس الإسم حديقة ماتاتيا ويوجد أيضا مقهي الندوة التجارية ومقهي الفنانين ومقهي التجاريين وبالحي أيضا أقيمت فروع للمحال الكبرى علي غرار المتاجر الكبرى في باريس مثل محلات صيدناوى وعمر أفندى والبيت المصرى وداود عدس وكذلك توجد بالحي دور عبادة عديدة إسلامية ومسيحية ويهودية حيث توجد مساجد العزباني والرويعي والجامع الأحمر وجامع البكرى كما توجد كنيسة الأقباط الأرثوذوكس وكنيسة الأرمن وكنيسة الافرنج الكاثوليك وكنيسة الأرمن الكاثوليك وأخيرا يوجد المعبد اليهودى ويسمي معبد موسى بن ميمون القائم في منتصف المسافة بين شارع الجيش وشارع الموسكي بحارة اليهود بحي الموسكي والتي كان يسكنها عدد كبير من اليهود وغير اليهود فمصر لم تعرف التطرف الديني علي مدى الزمان وكان شعارها دائما الدين لله والوطن للجميع وكان المنزل الواحد يسكن به مسلمون ومسيحيون ويهود ويعيشون معا في أمان وسلام ومحبة ووئام ويتزاورون ويحتفلون سويا بالأعياد والمناسبات الدينية وغير الدينية ويتبادلون الهدايا والحلوى والتهاني فيها